وقعة عين التمر .
لما استقل
خالد بالأنبار استناب عليها
الزبرقان بن بدر وقصد
عين التمر وبها يومئذ
مهران بن بهرام جوبين في جمع عظيم من
العجم ، وحولهم من الأعراب طوائف من
النمر وتغلب وإياد ومن لاقاهم ، وعليهم
عقة بن أبي عقة ، فلما دنا
خالد ، قال
عقة لمهران : إن العرب أعلم بقتال العرب ، فدعنا
وخالدا . فقال له : دونكم وإياهم ، وإن احتجتم إلينا أعناكم . فلامت
العجم أميرهم على هذا ، فقال : دعوهم ، فإن غلبوا
خالدا فهو لكم ، وإن غلبوا قاتلنا
خالدا وقد ضعفوا ونحن أقوياء . فاعترفوا له بفضل الرأي عليهم ، وسار
[ ص: 529 ] خالد وتلقاه
عقة ، فلما تواجهوا قال
خالد لمجنبتيه : احفظوا مكانكم فإني حامل . وأمر حماته أن يكونوا من ورائه ، وحمل على
عقة وهو يسوي الصفوف ، فاحتضنه وأسره ، وانهزم جيش
عقة من غير قتال ، فأكثروا فيهم الأسر ، وقصد
خالد حصن عين التمر ، فلما بلغ
مهران هزيمة
عقة وجيشه ، نزل من الحصن وهرب وتركه ، ورجعت فلال
نصارى الأعراب إلى الحصن ، فوجدوه مفتوحا فدخلوه واحتموا به ، فجاء
خالد فأحاط به ، وحاصرهم أشد الحصار ، فلما رأوا ذلك سألوه الصلح ، فأبى إلا أن ينزلوا على حكمه ، فنزلوا على حكم
خالد ، فجعلوا في السلاسل وتسلم الحصن ، ثم أمر فضربت عنق
عقة ، ومن كان أسر معه ، والذين نزلوا على حكمه أيضا أجمعين ، وغنم جميع ما كان في ذلك الحصن ، ووجد في الكنيسة التي به أربعين غلاما يتعلمون الإنجيل ، وعليهم باب مغلق ، فكسره
خالد وفرقهم في الأمراء وأهل الغناء ، وكان فيهم
حمران ، صار إلى
عثمان بن عفان من الخمس ، ومنهم
سيرين والد محمد بن سيرين ، أخذه
أنس بن مالك ، وجماعة آخرون من الموالي المشاهير أراد الله بهم وبذراريهم خيرا .
ولما قدم
الوليد بن عقبة على
الصديق بالخمس رده
الصديق إلى
عياض بن غنم مددا له وهو محاصر
دومة الجندل ، فلما قدم عليه وجده في ناحية من
العراق يحاصر قوما وهم قد أخذوا عليه الطرق ، فهو محصور أيضا ، فقال
عياض [ ص: 530 ] للوليد : إن بعض الرأي خير من جيش كثيف ، ماذا ترى فيما نحن فيه ؟ فقال له
الوليد : اكتب إلى
خالد يمدك بجيش من عنده . فكتب إليه يستمده فقدم كتابه على
خالد غب وقعة
عين التمر وهو يستغيث به ، فكتب إليه : من
خالد إلى
عياض ، إياك أريد
لبث قليلا تأتك الحلائب يحملن آسادا عليها القاشب
كتائب تتبعها كتائب