قصة أبي عبيدة وحصر الروم له بحمص وقدوم
عمر إلى
الشام أيضا لينصره
وذلك أن جمعا من
الروم عزموا على حصار
أبي عبيدة بحمص ، واستجاشوا بأهل
الجزيرة وخلق ممن هنالك ، وقصدوا
أبا عبيدة ، فبعث
أبو [ ص: 36 ] عبيدة إلى
خالد ; فقدم عليه من
قنسرين وكتب إلى
عمر بذلك ، واستشار
أبو عبيدة المسلمين في أن يناجز
الروم ، أو يتحصن بالبلد حتى يجيء أمر
عمر ؟ فكلهم أشار بالتحصن إلا
خالدا فإنه أشار بمناجزتهم ، فعصاه وأطاعهم . وتحصن
بحمص وأحاط به
الروم ، وكل بلد من بلدان
الشام مشغول أهله عنه بأمرهم ، ولو تركوا ما هم فيه وأقبلوا إلى
حمص لانخرم النظام في
الشام كله . وكتب
عمر إلى
سعد أن يندب الناس مع
القعقاع بن عمرو ، ويسيرهم إلى
حمص من يوم يقدم عليه الكتاب نجدة
لأبي عبيدة فإنه محصور . وكتب إليه أن يجهز جيشا إلى أهل
الجزيرة الذين مالئوا
الروم على حصار
أبي عبيدة ، ويكون أمير الجيش إلى
الجزيرة عياض بن غنم فخرج الجيشان معا من
الكوفة ;
القعقاع في أربعة آلاف نحو
حمص لنجدة
أبي عبيدة ، وخرج
عمر بنفسه من
المدينة لينصر
أبا عبيدة ، فبلغ
الجابية . وقيل : إنما بلغ
سرغ . قاله
ابن إسحاق وهو أشبه . والله أعلم . فلما بلغ أهل
الجزيرة الذين مع
الروم على
حمص أن الجيش قد طرق بلادهم ، انشمروا إلى بلادهم ، وفارقوا
الروم ، وسمعت
الروم بقدوم أمير المؤمنين
عمر لنصرة نائبه عليهم ، فضعف جانبهم جدا . وأشار
خالد على
أبي عبيدة بأن يبرز إليهم ليقاتلهم ، ففعل ذلك
أبو عبيدة ، ففتح الله عليه ونصره ، وهزمت
الروم هزيمة فظيعة ، وذلك قبل ورود
عمر عليهم ، وقبل وصول الأمداد إليهم بثلاث ليال . فكتب
أبو عبيدة إلى
عمر وهو
بالجابية يخبره بالفتح ، وأن المدد وصل إليهم بعد ثلاث ليال ، وسأله هل يدخلهم في القسم معهم مما أفاء الله عليهم ؟ فجاء الجواب بأن يدخلهم معهم في الغنيمة ، فإن العدو إنما ضعف وإنما انشمر عنه المدد من خوفهم منهم ، فأشركهم
أبو عبيدة في الغنيمة . وقال
عمر :
[ ص: 37 ] جزى الله أهل
الكوفة خيرا ، يحمون حوزتهم ويمدون أهل الأمصار .