[ ص: 258 ] ثم دخلت سنة ثلاث وثلاثين
فيها كان
فتح قبرس في قول
أبي معشر وخالفه الجمهور فذكروها قبل ذلك كما تقدم .
وفيها
غزا nindex.php?page=showalam&ids=16436عبد الله بن سعد بن أبي سرح إفريقية ثانية حين نقض أهلها العهد .
وفيها سير أمير المؤمنين جماعة من قراء
أهل الكوفة إلى
الشام ، وكان سبب ذلك أنهم تكلموا بكلام قبيح في مجلس
سعيد بن عامر ، فكتب إلى
عثمان في أمرهم ، فكتب إليه
عثمان أن يجليهم عن بلده إلى
الشام ، وكتب
عثمان إلى
معاوية أمير
الشام أنه قد خرج إليك قراء من
أهل الكوفة فأنزلهم وأكرمهم وتألفهم . فلما قدموا أنزلهم
معاوية وأكرمهم واجتمع بهم ووعظهم ونصحهم فيما يعتمدونه من اتباع الجماعة وترك الانفراد والابتعاد ، فأجابه متكلمهم والمترجم عنهم بكلام فيه بشاعة وشناعة ، فاحتملهم
معاوية لحلمه ، وأخذ في مدح
قريش - وكانوا قد نالوا منهم - وأخذ في المدح لرسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، والثناء عليه والصلاة والتسليم ، وافتخر
معاوية بوالده وشرفه في قومه ، وقال فيما قال : وأظن
أبا سفيان لو ولد الناس كلهم لم يلد إلا حازما . فقال له
صعصعة بن صوحان : كذبت ، قد ولد الناس كلهم لمن هو خير من
أبي سفيان ؛ من خلقه الله
[ ص: 259 ] بيده ، ونفخ فيه من روحه ، وأمر الملائكة فسجدوا له فكان فيهم البر والفاجر ، والأحمق والكيس . ثم بذل لهم النصح مرة أخرى ، فإذا هم يتمادون في غيهم ، ويستمرون على جهالتهم وحماقتهم ، فعند ذلك أخرجهم من بلده ونفاهم عن
الشام ؛ لئلا يشوشوا عقول الطغام ، وذلك أنه كان يشتمل مطاوي كلامهم على القدح في
قريش ، كونهم فرطوا وضيعوا ما يجب عليهم من القيام فيه ؛ من نصرة الدين ، وقمع المفسدين . وإنما يريدون بهذا التنقيص والعيب ورجم الغيب ، وكانوا يشتمون
عثمان nindex.php?page=showalam&ids=74وسعيد بن العاص ، وكانوا عشرة ، وقيل : تسعة ، وهو الأشبه ، منهم
كميل بن زياد ، nindex.php?page=showalam&ids=13707والأشتر النخعي - واسمه مالك بن الحارث ،
nindex.php?page=showalam&ids=10031وصعصعة بن صوحان ، وأخوه
زيد بن صوحان ، ومالك بن كعب الأرحبي ،
nindex.php?page=showalam&ids=13705والأسود بن يزيد ، nindex.php?page=showalam&ids=16588وعلقمة بن قيس النخعيان ،
وثابت بن قيس النخعي ، وجندب بن زهير العامري ، nindex.php?page=showalam&ids=193وجندب بن كعب الأزدي ، وعروة بن الجعد ، وعمرو بن الحمق الخزاعي . فلما خرجوا من
دمشق أووا إلى
الجزيرة ، فاجتمع بهم
عبد الرحمن بن خالد بن الوليد - وكان نائبا على
الجزيرة ، ثم ولي
حمص بعد ذلك - فهددهم وتوعدهم ؛ فاعتذروا إليه ، وأنابوا إلى الإقلاع عما كانوا عليه ، فدعا لهم وسير
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا nindex.php?page=showalam&ids=13707الأشتر النخعي إلى
عثمان بن عفان ؛ ليعتذر
[ ص: 260 ] إليه عن أصحابه بين يديه ، فقبل ذلك منهم وكف عنهم ، وخيرهم أن يقيموا حيث أحبوا ، فاختاروا أن يكونوا في معاملة
عبد الرحمن بن خالد بن الوليد ، فقدموا عليه
حمص ، فأمرهم بالمقام بالساحل ، وأجرى عليهم الرزق . ويقال : بل لما مقتهم
معاوية ، كتب فيهم إلى
عثمان ، فجاءه كتاب
عثمان أن يردهم إلى
سعيد بن العاص بالكوفة ، فردهم إليه ، فلما رجعوا كانوا أزلق ألسنة ، وأكثر شرا ، فضج منهم
سعيد بن العاص إلى
عثمان ، فأمره أن يسيرهم إلى
عبد الرحمن بن خالد بن الوليد بحمص ، وأن يلزموا الدروب .
وفي هذه السنة سير
عثمان بعض
أهل البصرة منها إلى
الشام ، وإلى
مصر بأسباب مسوغة لما فعله ، رضي الله عنه ، فكان هؤلاء ممن يؤلب عليه ويمالئ الأعداء في الحط والكلام فيه ، وهم الظالمون في ذلك وهو البار الراشد ، رضي الله عنه .
وفي هذه السنة حج بالناس أمير المؤمنين
عثمان بن عفان ، رضي الله عنه ، وتقبل الله منه .