صفة
اجتماع الحكمين وهما nindex.php?page=showalam&ids=110أبو موسى الأشعري nindex.php?page=showalam&ids=59وعمرو بن العاص ، رضي الله عنهما ، بدومة الجندل
وكان ذلك في شهر رمضان كما تشارطوا عليه وقت التحكيم
بصفين . وقال
الواقدي : اجتمعوا في شعبان . وذلك أن
عليا ، رضي الله عنه ، لما كان مجيء رمضان ، بعث أربعمائة فارس مع
شريح بن هانئ ، ومعهم
أبو موسى ، nindex.php?page=showalam&ids=11وعبد الله بن عباس ، وإليه الصلاة ، وبعث
معاوية عمرو بن العاص في أربعمائة من
أهل الشام ومعه
عبد الله بن عمرو ، ابنه فتوافوا
بدومة [ ص: 571 ] الجندل بأذرح - وهي نصف بين
الشام والكوفة ، بينها وبين كل من البلدين تسع مراحل - وشهد ذلك معهم جماعة من رءوس الناس ;
nindex.php?page=showalam&ids=12كعبد الله بن عمر بن الخطاب ، nindex.php?page=showalam&ids=14171وعبد الله بن الزبير ، nindex.php?page=showalam&ids=19والمغيرة بن شعبة ، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي ، وعبد الرحمن بن عبد يغوث الزهري ، nindex.php?page=showalam&ids=9489وأبي جهم بن حذيفة . وزعم بعض الناس أن
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص شهدهم أيضا ، وأنكر حضوره آخرون . وقد ذكر
ابن جرير أن
عمر بن سعد بن أبي وقاص خرج إلى أبيه وهو بماء
لبني سليم معتزل بالبادية ، فقال : يا أبه ، قد بلغك ما كان من الناس
بصفين ، وقد حكم الناس
nindex.php?page=showalam&ids=110أبا موسى الأشعري ، nindex.php?page=showalam&ids=59وعمرو بن العاص ، وقد شهدهم نفر من
قريش ، فاشهدهم فإنك صاحب رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وأحد أصحاب الشورى ، ولم تدخل في شيء كرهته هذه الأمة ، فاحضر إنك أحق الناس بالخلافة . فقال : لا أفعل ، إني سمعت رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3512403إنه ستكون فتنة ، خير الناس فيها الخفي التقي . والله لا أشهد شيئا من هذا الأمر أبدا .
وقد قال الإمام
أحمد : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11942أبو بكر الحنفي عبد الكبير بن عبد المجيد ، ثنا
بكير بن مسمار ، عن
عامر بن سعد أن أخاه
عمر انطلق
[ ص: 572 ] إلى
سعد في غنم له خارجا من
المدينة ، فلما رآه
سعد قال : أعوذ بالله من شر هذا الراكب ، فلما أتاه قال : يا أبه ، أرضيت أن تكون أعرابيا في غنمك والناس يتنازعون في الملك
بالمدينة ؟ فضرب
سعد صدر
عمر وقال : اسكت فإني سمعت رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3512404إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي . وهكذا رواه
مسلم في " صحيحه " .
وقال
أحمد أيضا : حدثنا
عبد الملك بن عمرو ، ثنا
كثير بن زيد الأسلمي ، عن
المطلب ، عن
عمر بن سعد ، عن أبيه أنه جاءه ابنه
عامر فقال : يا بني ، أفي الفتنة تأمرني أن أكون رأسا ؟ لا والله حتى أعطى سيفا إن ضربت به مؤمنا نبا عنه ، وإن ضربت به كافرا قتلته ، سمعت رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3512405إن الله يحب الغني الخفي التقي وهذا السياق كأنه عكس الأول ، والظاهر أن
عمر بن سعد استعان بأخيه
عامر على أبيه ، ليشير عليه أن يحضر أمر التحكيم لعلهم يعدلون عن
علي ومعاوية ويولونه ، فامتنع سعد من ذلك وأباه أشد الإباء وقنع بما هو فيه من الكفاية والخفاء ، كما ثبت في " صحيح
مسلم " أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قال :
قد أفلح [ ص: 573 ] من أسلم ورزق كفافا ، وقنعه الله بما آتاه . وكان
عمر بن سعد هذا يحب الدنيا والإمارة ، فلم يزل ذلك دأبه حتى كان هو من السرية التي قتلت
الحسين بن علي ، رضي الله عنه ، كما سيأتي بيانه في موضعه ولو قنع بما كان عليه أبوه لم يكن شيء من ذلك . والله أعلم .
والمقصود أن
سعدا لم يحضر أمر التحكيم ولا أراد ذلك ولا هم به ، وإنما حضره من ذكرنا ، فلما اجتمع الحكمان تراوضا على المصلحة للمسلمين بعلم ونظر في تقدير أمور ، ثم اتفقا على أن يعزلا
عليا ومعاوية ، ثم يجعلا الأمر شورى بين الناس ليتفقوا على الأصلح لهم منهما أو من غيرهما ، وقد أشار
أبو موسى بتولية
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر بن الخطاب ، فقال له
عمرو بن العاص : فول ابني
عبد الله ، فإنه يقاربه في العلم والعمل والزهد . فقال له
أبو موسى : إنك قد غمست ابنك في الفتن والدنيا معك ، وهو مع ذلك رجل صدق .
قال
أبو مخنف : فحدثني
محمد بن إسحاق ، عن
نافع ، عن
ابن عمر قال : قال
عمرو بن العاص : إن هذا الأمر لا يصلحه إلا رجل له ضرس يأكل ويطعم . وكان
ابن عمر فيه غفلة ، فقال له
ابن الزبير : يا
عبد الله افطن وانتبه .
[ ص: 574 ] فقال
ابن عمر : لا والله لا أرشو عليها شيئا أبدا . ثم قال : يا
ابن العاص ، إن العرب قد أسندت إليك أمرها بعد ما تقارعت بالسيوف وتشاكت بالرماح ، فلا تردنهم في فتنة مثلها أو أشد منها . ثم إن
عمرو بن العاص حاول
أبا موسى على أن يقر
معاوية وحده على الناس فأبى عليه ، ثم حاوله ليكون ابنه
عبد الله بن عمرو هو الخليفة ، فأبى أيضا ، وطلب
أبو موسى من
عمرو أن يوليا
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر بن الخطاب ، فأبى
عمرو أيضا ، ثم اصطلحا على أن يخلعا
معاوية وعليا ويتركا الأمر شورى بين الناس ليتفقوا على من يختاروه لأنفسهم ، ثم جاءا إلى المجمع الذي فيه الناس - وكان
عمرو لا يتقدم بين يدي
أبي موسى بل يقدمه في كل الأمور أدبا وإجلالا - فقال له : يا
أبا موسى قم فأعلم الناس بما اتفقنا عليه .
فخطب
أبو موسى الناس ، فحمد الله وأثنى عليه ثم صلى على رسول الله صلى لله عليه وسلم ، ثم قال : أيها الناس إنا قد نظرنا في أمر هذه الأمة فلم نر أمرا أصلح لها ولا ألم لشعثها من رأي قد اتفقت أنا
وعمرو عليه ، وهو أنا نخلع
عليا ومعاوية ونترك الأمر شورى ، وتستقبل الأمة هذا الأمر فيولوا عليهم من أحبوه واختاروه ، وإني قد خلعت
عليا ومعاوية . ثم تنحى وجاء
عمرو فقام مقامه فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : إن هذا قال ما قد سمعتم ، وإنه قد خلع صاحبه ، وإني قد خلعته أيضا كما خلعه ، وأثبت صاحبي
معاوية ، فإنه ولي
عثمان بن عفان ، والطالب بدمه ، وهو أحق الناس بمقامه . وكان
عمرو رأى
[ ص: 575 ] من المصلحة أن ترك الناس بلا إمام - والحالة هذه - يؤدي إلى مفسدة طويلة عريضة أعظم مما الناس فيه من الاختلاف ، فأقر
معاوية لما رأى ذلك من المصلحة فاجتهد ، والاجتهاد يخطئ ويصيب . ويقال : إن
أبا موسى تكلم مع
عمرو بكلام فيه غلظة ، ورد عليه
عمرو بن العاص مثله .
وذكر
ابن جرير أن شريح بن هانئ - مقدم جيش
علي - وثب على
عمرو بن العاص فضربه بالسوط ، وقام إليه
ابن لعمرو فضربه بالسوط ، وتفرق الناس في كل وجه إلى بلادهم ، فأما
عمرو وأصحابه فدخلوا على
معاوية ، فسلموا عليه بتحية الخلافة ، وأما
أبو موسى فاستحيى من
علي فذهب إلى
مكة ، ورجع
ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=16099وشريح بن هانئ إلى
علي ، فأخبراه بما فعل
أبو موسى وعمرو ، فاستضعفوا رأي
أبي موسى ، وعرفوا أنه لا يوازن
عمرا . فذكر
أبو مخنف ، عن
أبي جناب الكلبي أن
عليا لما بلغه ما فعل
عمرو كان يلعن في قنوته
معاوية ، nindex.php?page=showalam&ids=59وعمرو بن العاص ، وأبا الأعور السلمي ، nindex.php?page=showalam&ids=200وحبيب بن مسلمة ، nindex.php?page=showalam&ids=190والضحاك بن قيس ، وعبد الرحمن بن خالد بن الوليد ، nindex.php?page=showalam&ids=15497والوليد بن عتبة ، فلما بلغ ذلك
معاوية أيضا ، كان يلعن في قنوته
عليا وحسنا وحسينا nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=13707والأشتر النخعي . ولا
[ ص: 576 ] يصح هذا عنهم ، رضي الله عنهم . والله أعلم . فأما الحديث الذي قال
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في " الدلائل " : أخبرنا
علي بن أحمد بن عبدان ، أنا
أحمد بن عبيد الصفار ، ثنا
إسماعيل بن الفضل ، ثنا
قتيبة بن سعيد ، عن
جرير ، عن
زكريا بن يحيى ، عن
عبد الله بن يزيد وحبيب بن يسار ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16072سويد بن غفلة قال : إني لأمشي مع
علي بشط
الفرات فقال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم :
إن بني إسرائيل اختلفوا فلا يزال اختلافهم بينهم حتى يبعثوا حكمين فضلا وأضلا ، وإن هذه الأمة ستختلف فلا يزال اختلافهم بينهم حتى يبعثوا حكمين ، فيضلان ويضلان من اتبعهما . فإنه حديث منكر ورفعه موضوع ، والله أعلم - إذ لو كان هذا معلوما عند
علي لم يوافق على تحكيم الحكمين حتى لا يكون سببا لإضلال الناس ، كما في هذا الحديث . وآفة هذا الحديث هو
زكريا بن يحيى ، وهو الكندي الحميري الأعمى . قال
ابن معين : ليس بشيء .