خروج طائفة من الخوارج عليه
وكان سبب ذلك أن
معاوية لما دخل
الكوفة وخرج
الحسن وأهله منها قاصدين إلى
الحجاز ، قالت فرقة من
الخوارج نحو من خمسمائة : جاء ما لا يشك فيه ، فسيروا إلى
معاوية فجاهدوه . فساروا حتى قربوا من
الكوفة وعليهم
فروة بن نوفل ، فبعث إليهم
معاوية خيلا من
أهل الشام ، فطردوا الشاميين ، فقال
معاوية لأهل الكوفة : لا أمان لكم عندي حتى تكفوا بوائقكم . فخرجوا إلى
الخوارج ، فقالت لهم
الخوارج : ويلكم ، ما تبغون ؟ أليس
معاوية عدوكم
[ ص: 149 ] وعدونا ؟ فدعونا حتى نقاتله ، فإن أصبناه كنا قد كفيناكموه ، وإن أصابنا كنتم قد كفيتمونا . فقالوا : لا والله حتى نقاتلكم . فقالت
الخوارج : يرحم الله إخواننا من أهل النهر كانوا أعلم بكم يا
أهل الكوفة . فاقتتلوا فهزمهم
أهل الكوفة وطردوهم ، ثم إن
معاوية أراد أن يستخلف على
الكوفة nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو بن العاص ، فقال له
المغيرة بن شعبة : أتوليه
الكوفة وأبوه
بمصر وتبقى أنت بين لحيي الأسد ؟ ! فثناه عن ذلك ، وولى عليها
المغيرة بن شعبة ، فاجتمع
عمرو بن العاص بمعاوية ، فقال : أتجعل
المغيرة على الخراج ، هلا وليت الخراج رجلا آخر . فعزله عن الخراج وولاه على الصلاة ، فقال
المغيرة لعمرو في ذلك ، فقال له : ألست المشير على أمير المؤمنين في
عبد الله بن عمرو ؟ قال : بلى . قال : فهذه بتلك .
وفي هذه السنة وثب
حمران بن أبان على
البصرة فأخذها وتغلب عليها ، فبعث
معاوية إليه جيشا ليقتلوه ومن معه ، فجاء
أبو بكرة الثقفي إلى
معاوية ، فسأله في الصفح عنهم والعفو ، فعفا عنهم وأطلقهم ، وولى على البصرة
بسر بن أبي أرطاة ، فتسلط على أولاد
زياد يريد قتلهم ; وذلك أن
معاوية كتب إلى أبيهم ليحضر إليه فتلبث ، فكتب إليه بسر : لئن لم تسرع إلى أمير المؤمنين ، وإلا قتلت بنيك . فبعث
أبو بكرة إلى
معاوية في ذلك ، فأخذ له أمانا منه ، وقد قال
معاوية لأبى بكرة : هل من عهد تعهده إلينا ؟ قال : نعم ، أعهد إليك يا أمير المؤمنين أن تنظر لنفسك ورعيتك وتعمل صالحا ، فإنك قد تقلدت عظيما ، خلافة الله في خلقه ، فاتق الله ، فإن لك غاية لا تعدوها ، ومن ورائك طالب
[ ص: 150 ] حثيث ، وأوشك أن تبلغ المدى ، فيلحق الطالب ، فتصير إلى من يسألك عما كنت فيه ، وهو أعلم به منك ، وإنما هي محاسبة وتوقيف ، فلا تؤثرن على رضا الله شيئا .
ثم ولى
معاوية في آخر هذه السنة
البصرة لعبد الله بن عامر ، وذلك أن
معاوية أراد أن يوليها
لعتبة بن أبي سفيان ، فقال له
ابن عامر : إن لي بها أموالا وودائع ، وإن لم تولنيها هلكت . فولاه إياها وأجابه إلى سؤاله في ذلك .
قال
أبو معشر : وحج بالناس في هذه السنة
عتبة بن أبي سفيان وقال
الواقدي : إنما حج بهم
عنبسة بن أبي سفيان . فالله أعلم .