[ ص: 164 ]
ثم دخلت سنة أربع وأربعين
فيها
غزا عبد الرحمن بن خالد بن الوليد بلاد الروم ، ومعه المسلمون ، وشتوا هنالك . وفيها
غزا بسر بن أبي أرطاة في البحر .
وفيها
عزل معاوية عبد الله بن عامر عن إمرة البصرة ; وذلك أنه ظهر فيها الفساد بسبب لينه ; لأنه كان لين العريكة ، سهلا كريما ، وكان لا يأخذ على أيدى السفهاء ، ولا يقطع لصا ، ويريد أن يتألف الناس ففسدت
البصرة بسبب ذلك .
قال
ابن جرير : شكى
عبد الله بن عامر إلى
زياد فساد الناس ، فقال : جرد فيهم السيف . فقال
ابن عامر : إني أكره أن أصلحهم بفساد نفسي . قال : فذهب
عبد الله بن أبي أوفى المعروف بابن الكواء فشكاه إلى
معاوية ، فعزل
معاوية ابن عامر عن
البصرة وبعث إليها
الحارث بن عبد الله الأزدي ، ويقال : إن
معاوية استدعاه إليه ليزوره ، فقدم
ابن عامر على
معاوية دمشق ، فأكرمه ورده على عمله ، فلما ودعه قال له معاوية : ثلاث أسألكهن فقل : هن لك . قال : هن لك وأنا
ابن أم حكيم . قال :
معاوية : ترد علي عملي ولا تغضب . قال ابن
عامر : قد فعلت . قال : وتهب لي مالك
بعرفة . قال : قد فعلت . قال :
[ ص: 165 ] وتهب لي دورك
بمكة . قال : قد فعلت . فقال له
معاوية : وصلتك رحم . فقال
ابن عامر : يا أمير المؤمنين ، وإنى سائلك ثلاثا فقل : هي لك . قال : هن لك وأنا
ابن هند . قال : ترد علي مالي
بعرفة قال : قد فعلت قال : ولا تحاسب لي عاملا ولا تتبع لي أثرا . قال : قد فعلت . قال : وتنكحني ابنتك
هندا . قال : قد فعلت . ويقال : إن
معاوية خيره بين هذه الثلاث وبين الولاية على
البصرة ، فاختار هذه الثلاث ، وانعزل عن
البصرة .
قال
ابن جرير : وفي هذه السنة
استلحق معاوية زياد ابن أبيه فألحقه
بأبي سفيان . وذلك أن رجلا شهد على
إقرار أبي سفيان أنه عاهر
بسمية أم زياد في الجاهلية ، وأنها حملت
بزياد هذا من
أبي سفيان ، فلما استلحقه
معاوية قيل له :
زياد بن أبي سفيان . وقد كان
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري ينكر هذا الاستلحاق ، ويقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3512506 " الولد للفراش وللعاهر الحجر " .
وقال
أحمد : ثنا
هشيم ، ثنا
خالد ، عن
أبي عثمان قال : لما ادعى
زياد لقيت
أبا بكرة ، فقلت : ما هذا الذي صنعتم ؟ إني سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص يقول : سمع أذني من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول :
" من ادعى أبا في الإسلام غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه ، فالجنة عليه حرام " . فقال
أبو بكرة : وأنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم . أخرجناه من حديث
أبي عثمان عنهما . قلت :
أبو بكرة [ ص: 166 ] اسمه نفيع ، واسم أمه
سمية أيضا .
وحج بالناس في هذه السنة معاوية . وفيها
عمل معاوية المقصورة بالشام ، وعمل مروان مثلها بالمدينة .
وفي هذه السنة
توفيت nindex.php?page=showalam&ids=10583أم حبيبة بنت أبي سفيان أم المؤمنين ، واسمها
رملة ، أخت معاوية . أسلمت قديما ، وهاجرت هي وزوجها
عبيد الله بن جحش إلى أرض
الحبشة ، فتنصر هناك زوجها ، وثبتت هي على دينها ، رضي الله عنها ،
وحبيبة هي أكبر أولادها منه ، ولدتها
بالحبشة . وقيل :
بمكة قبل الهجرة . ومات زوجها هنالك ، لعنه الله وقبحه . ولما تأيمت بعد زوجها بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=showalam&ids=243عمرو بن أمية الضمري إلى
النجاشي فزوجها منه ، وولي العقد
nindex.php?page=showalam&ids=2467خالد بن سعيد بن العاص ، وأصدقها عنه
النجاشي أربعمائة دينار ، وحملها إليه في سنة سبع ، ولما جاء أبوها عام الفتح ليشد العقد ، دخل عليها ، فثنت عنه فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال لها : والله يا بنية ، ما أدري أرغبت بهذا الفراش عني أم بي عنه ؟ ! فقالت : بل هو فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنت رجل مشرك . فقال لها : والله يا بنية لقد لقيت بعدي شرا . وقد كانت من سيدات أمهات المؤمنين ، ومن العابدات الورعات ، رضي الله عنها .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=15472محمد بن عمر الواقدي : حدثني
أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة ، عن
عبد المجيد بن سهيل ، عن
عوف بن الحارث قال : سمعت
عائشة تقول :
[ ص: 167 ] دعتني
أم حبيبة عند موتها فقالت : قد يكون بيننا ما يكون بين الضرائر . فقلت : يغفر الله لي ولك ما كان من ذلك كله وتجاوز وحللك . فقالت : سررتني سرك الله . وأرسلت إلى
أم سلمة فقالت لها مثل ذلك .