[ ص: 228 ] ثم دخلت
سنة أربع وسبعين
فيها عزل
عبد الملك طارق بن عمرو عن إمرة
المدينة ، وأضافها إلى
nindex.php?page=showalam&ids=14078الحجاج بن يوسف الثقفي ، فقدمها
الحجاج ، فأقام بها شهرا ، ثم خرج معتمرا ، ثم عاد إلى
المدينة في صفر ، فأقام بها ثلاثة أشهر ، وبنى في
بني سلمة مسجدا ، وهو الذي ينسب إليه اليوم ، ويقال : إن
الحجاج في هذه السنة وهذه المدة ختم
جابرا ، و
سهل بن سعد ، وقرعهما ; لم لا نصرا
عثمان بن عفان ، وخاطبهما خطابا غليظا - قبحه الله وأخزاه - وقد استقضى
أبا إدريس الخولاني - أظنه - على
اليمن ، والله أعلم .
وقال
الواقدي : إن
الحجاج لما قدم
المدينة صعد منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فخطب الناس وقال : يا أهل خبيثة - يعني
طيبة - أنتم شر أمة وأخس ، ولولا أن أمير المؤمنين أوصاني بكم لجعلتها مثل جوف حمار ، يا أهل خبيثة ، تمنون ، هل تعوذون إلا بأعواد يابسة - يعني المنبر - ورمة بالية ، وأشار إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم نزل إلى
nindex.php?page=showalam&ids=31سهل بن سعد الساعدي ، فقال : ما منعك أن تنصر أمير المؤمنين
عثمان ؟ فقال : قد فعلت . فقال : كذبت . ثم أمر به فختم في عنقه
[ ص: 229 ] برصاص ، وكذلك فعل
بجابر بن عبد الله ; ختمه في يده
nindex.php?page=showalam&ids=9، وأنس بن مالك في عنقه ، وكان قصده يذلهم بذلك ، فقال
أنس : إن أهل الذمة لا يجوز أن يفعل بهم هذا .
قال
ابن جرير : وفيها
نقض الحجاج بنيان الكعبة الذي كان
ابن الزبير بناه ، وأعادها على بنيانها الأول .
قلت :
الحجاج لم ينقض بنيان
الكعبة جميعه ؛ بل إنما هدم الحائط الشامي ، حتى أخرج الحجر من
البيت ، ثم سده ، وأدخل في جوف
الكعبة ما فضل من الأحجار ، وبقيت الحيطان الثلاثة بحالها ; ولهذا بقي البابان الشرقي والغربي وهما ملصقان بالأرض ، كما هو المشاهد إلى يومنا هذا ، ولكن سد الغربي بالكلية ، وردم أسفل الشرقي ، حتى جعله مرتفعا كما كان في الجاهلية ، ولم يبلغ
الحجاج ولا
عبد الملك ما كان بلغ
ابن الزبير من العلم النبوي ، الذي كانت أخبرته به خالته أم المؤمنين
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة بنت الصديق ، رضي الله عنها ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم - كما تقدم ذلك - من قوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3512643لولا أن قومك حديث عهدهم بكفر - وفي رواية : بجاهلية - لنقضت الكعبة ، وأدخلت فيها الحجر ، وجعلت لها بابا شرقيا ، وبابا غربيا ، ولألصقتهما بالأرض ، فإن قومك قصرت بهم النفقة ، فلم يدخلوا فيها الحجر ، ولم يتمموها على قواعد إبراهيم ، ورفعوا بابها ليدخلوا من شاءوا ، [ ص: 230 ] ويمنعوا من شاءوا فلما تمكن
ابن الزبير بناها كذلك ، ولما بلغ
عبد الملك هذا الحديث بعد ذلك قال : وددنا أنا تركناه وما تولى من ذلك .
وفي هذه السنة ولي
nindex.php?page=showalam&ids=15350المهلب بن أبي صفرة حرب الأزارقة عن أمر
عبد الملك لأخيه
بشر بن مروان أن يجهز
المهلب إلى
الخوارج الأزارقة في جيوش من
أهل البصرة والكوفة ، ووجد بشر على
المهلب في نفسه ، حيث عينه
عبد الملك في كتابه ; فلم يجد بدا من طاعته في تأميره على الناس في هذه الغزوة ، وما كان له من الأمر شيء ، غير أنه أوصى أمير الكوفيين
عبد الرحمن بن مخنف أن يستبد بالأمر دونه ، وأن لا يقبل له رأيا ولا مشورة ، فسار
المهلب بأهل البصرة ، وأمراء الأرباع معه على منازلهم ، حتى نزل
برامهرمز ، فلم يقم عليها إلا عشرا حتى جاء نعي
بشر بن مروان ، وأنه مات
بالبصرة ، واستخلف عليها
nindex.php?page=showalam&ids=15800خالد بن عبد الله ، فارفض بعض الجيش ، ورجعوا إلى
البصرة ، فبعثوا في آثارهم من يردهم ، وكتب
nindex.php?page=showalam&ids=15800خالد بن عبد الله إلى الفارين يتوعدهم إن لم يرجعوا إلى أميرهم ، ويتوعدهم بسطوة
عبد الملك ، فعدلوا يستأذنون
عمرو بن حريث في المصير إلى
الكوفة ، فكتب إليهم : إنكم تركتم أميركم ، وأقبلتم عاصين مخالفين ، وليس لكم إذن ولا إمام ولا أمان . فلما جاءهم ذلك ، أقبلوا إلى رحالهم فركبوها ، ثم ساروا إلى بعض البلاد ، فلم يزالوا مختفين بها حتى قدم
الحجاج واليا على
العراق مكان
بشر بن مروان ، كما سيأتي بيانه قريبا .
[ ص: 231 ] وفي هذه السنة عزل
عبد الملك بكير بن وشاح التميمي عن إمرة
خراسان ، وولاها
أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد القرشي ; ليجتمع عليه الناس ، فإنه قد كادت الفتنة تتفاقم
بخراسان بعد
عبد الله بن خازم ، فلما قدم
أمية بن عبد الله خراسان عرض على
بكير بن وشاح أن يكون على شرطته ، فأبى ، وطلب منه أن يوليه
طخارستان ، فخوفوه منه أن يخلعه هنالك ، فتركه مقيما عنده .
قال
ابن جرير : وحج بالناس فيها
الحجاج ، وهو على إمرة
المدينة ومكة واليمن واليمامة . قال
ابن جرير : وقد قيل : إن
عبد الملك اعتمر في هذه السنة ، ولا نعلم صحة ذلك .