صفحة جزء
[ ص: 413 ] الطبقة السادسة من التابعين

ابن أبي عروبة

سعيد بن أبي عروبة ، الإمام ، الحافظ عالم أهل البصرة ، وأول من صنف السنن النبوية ، أبو النضر بن مهران العدوي ، مولاهم البصري .

حدث عن الحسن ، ومحمد بن سيرين ، وأبي رجاء العطاردي ، والنضر بن أنس وعبد الله الداناج ، وقتادة ، وأبي نضرة العبدي ، ومطر الوراق ، وخلق سواهم . وكان من بحور العلم إلا أنه تغير حفظه لما شاخ . وأكبر شيخ له هو أبو رجاء .

حدث عنه : شعبة ، والثوري ، ويزيد بن زريع ، وروح بن عبادة ، والنضر بن شميل ، وبشر بن المفضل ، وإسماعيل ابن علية ، ويحيى بن سعيد القطان ، وخالد بن الحارث ، ومحمد بن جعفر غندر ، وأبو عاصم النبيل ، وسعيد بن عامر الضبعي ، وعبد الوهاب بن عطاء الخفاف راوي كتبه ، ومحمد بن بكر البرساني ، ويزيد بن هارون ، ومحمد بن عبد الله الأنصاري ، وخلق سواهم . وثقه يحيى بن معين ، والنسائي ، وجماعة . قال يزيد بن زريع : سمعت سعيد بن أبي عروبة يقول : من لم يسمع الاختلاف ، فلا تعده عالما . قال أحمد بن حنبل : لم يكن لسعيد كتاب ، إنما كان يحفظ ذلك كله . وقال يحيى [ ص: 414 ] بن معين : أثبت الناس في قتادة : سعيد ، وهشام الدستوائي ، وشعبة .

قال أبو عوانة : لم يكن عندنا في ذلك الزمان أحد أحفظ من سعيد بن أبي عروبة . وقال حفص بن عبد الرحمن النيسابوري : قال لي سعيد بن أبي عروبة : إذا رويت عني ، فقل : حدثنا سعيد الأعرج ، عن قتادة الأعمى ، عن الحسن الأحدب . قلت : لم نسمع بأن الحسن البصري كان أحدب إلا في هذه الحكاية .

قال أحمد بن حنبل : كان قتادة وسعيد يقولان بالقدر ويكتمان .

قلت : لعلهما تابا ورجعا عنه كما تاب شيخهما .

أخبرنا جماعة ، منهم شيخ الإسلام شمس الدين بن أبي عمر إجازة ، أن عمر بن محمد أخبرهم قال : أنبأنا هبة الله بن محمد الشيباني ، أنبأنا محمد بن محمد ، أنبأنا أبو بكر الشافعي ، حدثنا محمد بن مسلمة الواسطي ، حدثنا يزيد ، حدثنا ابن أبي عروبة ، عن عبد الله الداناج ، عن حصين بن المنذر قال : " صلى الوليد بن عقبة أربعا وهو سكران ، ثم انفتل فقال : أزيدكم ؟ فرفع ذلك إلى عثمان ، فقال له علي : اضربه الحد ، فأمر بضربه . فقال علي للحسن : قم فاضربه . قال : فما أنت وذاك ؟ قال : إنك ضعفت ، ووهنت ، وعجزت . قم يا عبد الله بن جعفر ، فقام عبد الله بن جعفر فجعل يضربه ، وعلي يعد حتى إذا بلغ أربعين ، قال : كف -أو : اكفف- ثم قال : ضرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أربعين ، وضرب أبو بكر أربعين ، وضرب عمر صدرا من خلافته أربعين ، وثمانين ، وكل سنة . هذا حديث صحيح ، أخرجه مسلم وأبو داود ، والقزويني .

[ ص: 415 ] روى إسحاق الكوسج عن ابن معين : ثقة . وقال أبو زرعة : ثقة مأمون . وقال أبو حاتم : ثقة قبل أن يختلط ، وكان أعلم الناس بحديث قتادة . وقال أحمد بن حنبل : من سمع منه قبل الهزيمة ، فسماعه جيد عنى هزيمة نوبة إبراهيم بن عبد الله بن حسن . وهي في شوال سنة خمس وأربعين ومائة .

وقال يزيد بن هارون : لقيت ابن أبي عروبة ، قبل الأربعين ومائة بدهر ، ورأيته سنة اثنتين وأربعين ومائة فأنكرته . وكان يحيى بن سعيد القطان يوثقه . وقال أبو نعيم : كتبت عنه بعدما اختلط حديثين . فقمت ، وتركته .

قال محمد بن مثنى : حدثنا الأنصاري قال : دخلت أنا وعبد الله بن سلمة الأفطس على سعيد بن أبي عروبة بعدما تغير ، فجعل ينظر في وجوهنا ولا يعرفنا .

محمد بن سلام الجمحي : كان ابن أبي عروبة يمزح ، وكان يحدث ، فإذا أعجبه حفظه . قال : وقال بعضهم : أتيت ابن أبي عروبة فتمارى عنده رجلان ، فبقي يغري بينهما قليلا .

قلت : وكان من المدلسين . قال أحمد بن حنبل : لم يسمع سعيد بن أبي عروبة من الحكم ، ولا من الأعمش ، ولا من حماد ، ولا من عمرو بن دينار ، ولا من هشام بن عروة ، ولا من إسماعيل بن أبي خالد ، ولا من عبيد الله بن عمر ، ولا من أبي بشر ، ولا من ابن عقيل ، ولا من زيد بن أسلم ، ولا من عمر بن أبي سلمة ، ولا من أبي الزناد . وقد حدث عن هؤلاء ، على التدليس ، ولم [ ص: 416 ] يسمع منهم .

وقال أبو حفص الفلاس : سمعت يحيى القطان يقول : لم يسمع سعيد من يحيى بن سعيد الأنصاري ، ولا من عبيد الله ، ولا هشام بن عروة .

وقال عبدة بن سليمان : سمعت من سعيد في الاختلاط .

وقد قال يحيى بن معين : أثبت الناس سماعا من سعيد عبدة .

قال الجراح بن مخلد : سمعت مسلم بن إبراهيم يقول : قال لي سعيد بن أبي عروبة : مالك خازن النار من أي حي هو ؟ قلت : هذا من قبيل المزاح .

عبدان الأهوازي : سمعت أصحابنا يحكون عن مسلم بن إبراهيم قال : كتبت عن سعيد التصانيف فخاصمني أبي ، فسجرت التنور وطرحتها فيه . وقال عبد الرحمن بن مهدي : سمع غندر من سعيد ، يعني في الاختلاط . وقال أبو عمر الحوضي : دخلت على سعيد بن أبي عروبة ، أريد أن أسمع منه ، فسمعت منه كلاما عجيبا . سمعته يقول :

الأزد أزد عريضه ذبحوا شاة مريضه     أطعموني فأبيت
ضربوني فبكيت

فعلمت أنه مختلط . فلم أسمع منه .

وقال يحيى القطان : سمع خالد بن الحارث من سعيد إملاء ، وكان سفيان بن حبيب عالما بشعبة وسعيد .

وعن محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي قال : ليست رواية وكيع والمعافى بن عمران ، عن سعيد بشيء ، إنما سمع منه وكيع في الاختلاط . فقال لي وكيع : رأيتني حدثت عنه إلا بحديث مستو ؟

وروى وهيب ، عن أيوب قال : لا يفقه رجل لا يدخل حجرة سعيد بن أبي عروبة .

روى محمد بن عبد الله الأنصاري ، عن ابن أبي عروبة قال : من سب عثمان افتقر .

[ ص: 417 ] شعيب بن إسحاق ، عن سعيد قال : أتيت ابن سيرين مع قتادة فأنشدنا بيتا .

قال أبو أحمد بن عدي في " كامله " : سعيد بن أبي عروبة من الثقات ، وله أصناف كثيرة ، ومن سمع منه في الاختلاط فلا يعتمد عليه . وأرواهم عنه : عبد الأعلى الشامي ، ثم شعيب بن إسحاق ، وعبدة بن سليمان ، وعبد الوهاب بن عطاء . قال : وأثبتهم فيه يزيد بن زريع ، وخالد بن الحارث ، ويحيى بن سعيد القطان . وروى جميع مصنفاته عبد الوهاب الخفاف .

قال عبد الصمد بن عبد الوارث وغيره : مات ابن أبي عروبة في ست وخمسين ومائة .

قلت : توفي في عشر الثمانين ومات معه في السنة مقرئ الكوفة حمزة الزيات ، وقاضي البصرة سوار بن عبد الله العنبري ونزيل بيت المقدس عبد الله بن شوذب البلخي ، ومحدث حمص أبو بكر بن أبي مريم الغساني ، وعمر بن ذر بالكوفة ، ومحدث المغرب عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي .

قال أحمد بن حنبل : زعموا أن سعيد بن أبي عروبة قال : لم أكتب إلا تفسير قتادة ، وذلك أن أبا معشر كتب إلي أن اكتبه . وقال أبو داود الطيالسي : كان سعيد أحفظ أصحاب قتادة .

أخبرنا عبد المؤمن بن خلف الحافظ ، أنبأنا علي بن مختار ( ح ) وأنبأنا أحمد بن عبد الكريم بن الأغلاقي ، أنبأنا نصر بن جرو ( ح ) وأنبأنا أبو المعالي أحمد بن المؤيد ، أنبأنا عبد القوي بن الحباب ، وأنبأنا علي بن أحمد الحسيني ، أنبأنا مرتضى بن حاتم ، وأنبأنا أبو القاسم بن عمر الهواري وعبد الرحمن بن مخلوق وطائفة قالوا : أنبأنا جعفر بن منير ، قالوا خمستهم : أنبأنا [ ص: 418 ] أبو طاهر أحمد بن محمد بن سلفة ، أنبأنا عبد الرحمن بن عمر ، والحسين بن الحسين الهاشمي والمبارك بن عبد الجبار ، ومحمد بن عبد الملك ، ومحمد بن عبد الكريم ، قالوا خمستهم : أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد البزاز ، أنبأنا عثمان بن أحمد الدقاق ، حدثنا محمد بن عبيد الله المنادي ، حدثنا روح بن عبادة ، حدثنا سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن أنس ، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لأبي : إن الله أمرني أن أقرئك القرآن ، أو أقرأ عليك القرآن . قال : الله سماني لك ؟ قال : وذكرت عند رب العالمين ؟ قال : نعم ، فذرفت عيناه أخرجه البخاري عن ابن المنادي ، لكن سماه أحمد .

التالي السابق


الخدمات العلمية