[ ص: 442 ] الهادي
الخليفة أبو محمد موسى بن المهدي ، محمد بن المنصور عبد الله الهاشمي العباسي ، ولي عهد أبيه ، فلما مات أبوه ، تسلم الخلافة ، وكان
بجرجان ، فأخذ له البيعة أخوه
الرشيد ، وكان أبيض طويلا ، جسيما ، في شفته تقلص ، فوكل به في الصبا خادما ، كان كلما رآه يقلص شفته ، قال :
موسى أطبق . فيفيق ، ويضم شفته . وعمل فيه
مروان بن أبي حفصة قصيدة منها :
تشابه يوما بأسه ونواله فما أحد يدري لأيهما الفضل
فأمر له بمائة ألف وثلاثين ألفا . وقيل : إنه قال
لإبراهيم الموصلي : إن أطربتني ، فاحتكم . فأطربه ، فأعطاه سبع مائة ألف درهم .
وكان يشرب المسكر ، وفيه ظلم وشهامة ولعب ، وربما ركب حمارا فارها ، وكان شجاعا ، فصيحا ، لسنا ، أديبا ، مهيبا ، عظيم السطوة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم : كان سبب موته أنه دفع نديما له من جرف ، على أصول قصب قد قطع ، فتعلق به النديم ، فوقع معه ، فدخلت قصبة في دبره ، فكان ذلك سبب موته ، فهلكا جميعا
قلت : مات في شهر ربيع الآخر ، سنة سبعين ومائة وعمره ثلاث وعشرون سنة ، وكانت خلافته سنة وشهرا ، وقام بعده
الرشيد ، وكان
المهدي قد عزم على تقديم
الرشيد في ولاية العهد ، وأن يؤخر
الهادي فلما نفذ إلى
الهادي فامتنع ، فطلبه ، فلم يأت ، فهم
المهدي بالمضي إلى
جرجان [ ص: 443 ] إليه ، فساق خلف صيد ، ففر إلى خربة ، وتبعه
المهدي ، فدق ظهره بباب الخربة ، فانقطع ، وقيل : بل سم ، سقته
سرية سما عملته لضرتها ، فمد يده إلى الطعام المسموم ، ففزعت ، ولم تخبره ، وكان لبئا ، فصاح : جوفي . وتلف بعد يوم وبعثوا بالخاتم والقضيب إلى
الهادي ، فركب لوقته ، وقصد
بغداد .
وكان كوالده في استئصال الزنادقة وتتبعهم ، فقتل عدة ، منهم :
يعقوب بن الفضل بن عبد الرحمن بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم ، وظهرت بنته حبلى منه ، أكرهها .
وخرج على
الهادي ،
حسين بن علي بن حسن بن حسن الحسني بالمدينة ، المقتول في وقعة فخ ، بظاهر
مكة ، وكان قليل الخير ، وعسكره أوباش ، وهلك
الهادي فيما قيل : من قرحة . ويقال : سمته
أمه الخيزران ، لما أجمع على قتل أخيه
الرشيد ، وكانت متصرفة في الأمور إلى الغاية ، وكانت من
[ ص: 444 ] مولدات
المدينة ، فقال لها : لئن وقف ببابك أمير ، لأقتلنك ، أما لك مغزل يشغلك ، أو مصحف يذكرك ، أو سبحة فقامت لا تعقل غضبا ويقال : خلف سبعة بنين ، وكان مولده
بالري .