عاصم بن كليب ، عن
أبي الجويرية ، عن
زيد بن خالد الجهني ، قال :
كنت عند عثمان ، إذ جاء أبو ذر ، فلما رآه عثمان قال : مرحبا وأهلا بأخي ، فقال أبو ذر : مرحبا وأهلا بأخي ، لقد أغلظت علينا في العزيمة ، والله لو عزمت علي أن أحبو لحبوت ما استطعت . إني خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم نحو حائط بني فلان ، فقال لي : ويحك بعدي ! فبكيت ، فقلت : يا رسول الله ، وإني لباق بعدك ؟ قال : نعم ، فإذا رأيت البناء على سلع ، فالحق بالمغرب ، أرض قضاعة [ ص: 71 ] .
قال عثمان : أحببت أن أجعلك مع أصحابك وخفت عليك جهال الناس .
وعن أبي ذر : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : اسمع وأطع لمن كان عليك .
جعفر بن برقان ، عن
ثابت بن الحجاج ، عن
عبد الله بن سيدان السلمي ، قال : تناجى
أبو ذر ، وعثمان حتى ارتفعت أصواتهما ، ثم انصرف
أبو ذر متبسما ، فقالوا : ما لك ولأمير المؤمنين ؟ قال : سامع مطيع ، ولو أمرني أن آتي
صنعاء أو
عدن ثم استطعت أن أفعل ، لفعلت وأمره أن يخرج إلى
الربذة .
nindex.php?page=showalam&ids=17188ميمون بن مهران ، عن
عبد الله بن سيدان ، عن
أبي ذر ، قال : لو أمرني
عثمان أن أمشي على رأسي لمشيت .
وقال
أبو عمران الجوني ، عن
عبد الله بن الصامت ، قال : قال
أبو ذر لعثمان : يا أمير المؤمنين ، افتح الباب ، لا تحسبني من قوم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية .
يزيد ، أخبرنا
العوام بن حوشب : حدثني رجل عن شيخين من
بني ثعلبة ، قالا : نزلنا
الربذة ، فمر بنا شيخ أشعث أبيض الرأس واللحية ، فقالوا : هذا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاستأذناه بأن نغسل رأسه ، فأذن لنا ، واستأنس بنا ، فبينما نحن كذلك إذ أتاه نفر من
أهل العراق - حسبته
[ ص: 72 ] قال : من
أهل الكوفة - فقالوا : يا
أبا ذر ، فعل بك هذا الرجل وفعل ، فهل أنت ناصب لك راية فنكملك برجال ما شئت ؟ فقال : يا أهل الإسلام ، لا تعرضوا علي ذاكم ولا تذلوا السلطان ، فإنه من أذل السلطان ، فلا توبة له ، والله لو صلبني على أطول خشبة أو حبل ، لسمعت وصبرت ورأيت أن ذلك خير لي .
حميد بن هلال ، عن
عبد الله بن الصامت ،
قالت أم ذر : والله ما سير عثمان أبا ذر - تعني إلى الربذة - ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا بلغ البناء سلعا ، فاخرج منها .
قال
غالب القطان للحسن : يا أبا سعيد ، أكان
عثمان أخرج
أبا ذر ؟ قال : معاذ الله .
محمد بن عمرو ، عن
عراك بن مالك ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=879124قال أبو ذر : إني لأقربكم مجلسا من رسول الله يوم القيامة ، إني سمعته يقول : إن أقربكم مني مجلسا من خرج من الدنيا كهيئته بما تركته عليه وإنه والله ما منكم إلا من تشبث منها بشيء .
nindex.php?page=hadith&LINKID=879125قال المعرور بن سويد : نزلنا الربذة ، فإذا برجل عليه برد ، وعلى غلامه مثله ، فقلنا : لو عملتهما حلة لك ، واشتريت لغلامك غيره ، فقال : سأحدثكم : كان بيني وبين صاحب لي كلام ، وكانت أمه أعجمية ، فنلت [ ص: 73 ] منها ، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ساببت فلانا ؟ قلت : نعم . قال : ذكرت أمه ؟ قلت : من ساب الرجال ذكر أبوه وأمه ، فقال : إنك امرؤ فيه جاهلية وذكر الحديث . . . إلى أن قال : إخوانكم ، جعلهم الله تحت أيديكم ، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه من طعامه ، وليلبسه من لباسه ، ولا يكلفه ما يغلبه .
قتادة ، عن
أبي قلابة ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=879126عن أبي أسماء ، أنه دخل على أبي ذر بالربذة ، وعند امرأة له سوداء مشعثة ، ليس عليها أثر المجاسد والخلوق ، فقال : ألا تنظرون ما تأمرني به ؟ تأمرني أن آتي العراق ، فإذا أتيتها مالوا علي بدنياهم ، وإن خليلي عهد إلي : إن دون جسر جهنم طريقا ذا دحض ومزلة ، وإنا أن نأتي عليه وفي أحمالنا اقتدار أحرى أن ننجو من أن نأتي عليه ونحن مواقير .
أبو هلال ، عن
قتادة ، عن
سعيد بن أبي الحسن ، أن
أبا ذر كان عطاؤه أربعة آلاف ، فكان إذا أخذ عطاءه ، دعا خادمه ، فسأله عما يكفيه للسنة ، فاشتراه ، ثم اشترى فلوسا بما بقي . وقال : إنه ليس من وعاء ذهب ولا فضة يوكى عليه إلا وهو يتلظى على صاحبه .
[ ص: 74 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير : كان
لأبي ذر ثلاثون فرسا يحمل عليها ، فكان يحمل على خمسة عشر منها يغزو عليها ، ويصلح آلة بقيتها ، فإذا رجعت أخذها ، فأصلح آلتها ، وحمل على الأخرى .
قال
ثابت البناني : بنى
أبو الدرداء مسكنا ، فمر عليه
أبو ذر ، فقال : ما هذا ؟ تعمر دارا أذن الله بخرابها ، لأن تكون رأيتك تتمرغ في عذرة أحب إلي من أن أكون رأيتك فيما رأيتك فيه .
حسين المعلم ، عن
ابن بريدة ، قال : لما قدم
أبو موسى لقي
أبا ذر ، فجعل
أبو موسى يكرمه - وكان
أبو موسى قصيرا خفيف اللحم . وكان
أبو ذر رجلا أسود كث الشعر - فيقول
أبو ذر : إليك عني ! ويقول
أبو موسى : مرحبا بأخي ، فيقول : لست بأخيك ! إنما كنت أخاك قبل أن تلي .
وعن
أم طلق قالت : دخلت على
أبي ذر فرأيته شعثا شاحبا ، بيده صوف ، قد جعل عودين ، وهو يغزل بهما ، فلم أر في بيته شيئا ، فناولته شيئا من دقيق وسويق ، فقال لي : أما ثوابك ، فعلى الله .
وقيل : إن
أبا ذر خلف بنتا له ، فضمها
عثمان إلى عياله .
قال
الفلاس ،
nindex.php?page=showalam&ids=15464والهيثم بن عدي ، وغيرهما : مات سنة اثنتين وثلاثين ويقال : مات في ذي الحجة .
ويقال : إن
ابن مسعود الذي دفنه ، عاش بعده نحوا من عشرة أيام رضي الله عنهما .
[ ص: 75 ]
وقد
nindex.php?page=hadith&LINKID=879127قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر - مع قوة أبي ذر في بدنه وشجاعته - : يا أبا ذر ، إني أراك ضعيفا ، وإني أحب لك ما أحب لنفسي ، لا تأمرن على اثنين ، ولا تولين مال يتيم .
فهذا محمول على ضعف الرأي ؛ فإنه لو ولي مال يتيم ، لأنفقه كله في سبيل الخير ، ولترك اليتيم فقيرا ! فقد ذكرنا أنه كان لا يستجيز ادخار النقدين . والذي يتأمر على الناس ، يريد أن يكون فيه حلم ومداراة ،
وأبو ذر رضي الله عنه كانت فيه حدة - كما ذكرناه - فنصحه النبي صلى الله عليه وسلم .
وله مئتا حديث وأحد وثمانون حديثا ، اتفقا منها على اثني عشر حديثا ، وانفرد
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بحديثين .
ومسلم بتسعة عشر .
ابن سعد : أخبرنا
عفان : أخبرنا
وهيب : أخبرنا
عبد الله بن عثمان بن [ ص: 76 ] خثيم ، عن
مجاهد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12361إبراهيم بن الأشتر ، أن
أبا ذر حضره الموت
بالربذة ، فبكت امرأته ، فقال : وما يبكيك ؟ قالت : أبكي أنه لا بد من تغييبك . وليس عندي ثوب يسعك كفنا .
قال : لا تبكي ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ، وأنا عنده في نفر ، يقول : ليموتن رجل منكم بفلاة تشهده عصابة من المؤمنين فكلهم مات في جماعة وقرية ، فلم يبق غيري ، وقد أصبحت بالفلاة أموت ، فراقبي الطريق ، فإنك سوف ترين ما أقول ، ما كذبت ، ولا كذبت . قالت : وأنى ذلك وقد انقطع الحاج ؟ ! .
قال : راقبي الطريق . فبينا هي كذلك ، إذ هي بالقوم تخب بهم رواحلهم كأنهم الرخم فأقبلوا حتى وقفوا عليها . قالوا : ما لك ؟ قالت : رجل من المسلمين تكفنونه ، وتؤجرون فيه . قالوا : ومن هو ؟ قالت :
أبو ذر ، ففدوه بآبائهم وأمهاتهم ، ووضعوا سياطهم في نحورها يبتدرونه .
فقال : أبشروا ، أنتم النفر الذين قال فيكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال . سمعته يقول : ما من امرأين من المسلمين هلك بينهما ولدان أو ثلاثة فاحتسبا وصبرا ، فيريان النار أبدا .
ثم قال : وقد أصبحت اليوم حيث ترون ، ولو أن ثوبا من ثيابي يسعني لم أكفن إلا فيه . أنشدكم الله : أن لا يكفنني رجل منكم كان أميرا أو عريفا أو بريدا .
[ ص: 77 ]
فكل القوم كان نال من ذلك شيئا إلا فتى من الأنصار قال : أنا صاحبك ، ثوبان في عيبتي من غزل أمي ، وأحد ثوبي هذين اللذين علي .
قال : أنت صاحبي ، فكفني .
ثم قال
ابن سعد : حدثنا
إسحاق بن أبي إسرائيل ، حدثنا
يحيى بن سليم ، عن
ابن خثيم ، عن
مجاهد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12361إبراهيم بن الأشتر ، عن أبيه ، أنه لما حضر
أبا ذر الموت ، بكت امرأته - فذكره وزاد - : فكفنه الأنصاري في النفر الذين شهدوه ، منهم :
حجر بن الأدبر ،
ومالك بن الأشتر .
ابن إسحاق : حدثنا
بريدة بن سفيان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب القرظي ، عن
ابن مسعود ، قال : لما نفى
عثمان أبا ذر إلى
الربذة ، وأصابه بها قدره ، لم يكن معه إلا امرأته وغلامه ، فأوصاهما : أن اغسلاني وكفناني وضعاني على قارعة الطريق ، فأول ركب يمر بكم قولوا : هذا
أبو ذر ، فأعينونا عليه .
فوضعاه ، وأقبل
ابن مسعود في رهط من
العراق عمارا ، فلم يرعهم إلا به ، قد كادت الإبل أن تطأه ، فقام الغلام ، فقال : هذا
أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فاستهل
عبد الله يبكي ، ويقول : صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم : تمشي
[ ص: 78 ] وحدك ، وتموت وحدك ، وتبعث وحدك .
ثم نزلوا فواروه ، ثم حدثهم
عبد الله حديثه ، وما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسيره وحده إلى
تبوك .
وعن
عيسى بن عميلة أخبرني من رأى
أبا ذر يحلب غنيمة له ، فيبدأ بجيرانه وأضيافه قبل نفسه .
عاصم الأحول ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12081أبي عثمان النهدي ، قال : رأيت
أبا ذر يميد على راحلته ، وهو مستقبل مطلع الشمس ، فظننته نائما ، فدنوت وقلت : أنائم أنت يا
أبا ذر ؟ قال : لا ، بل كنت أصلي .