الفضيل بن عياض ( خ ، م ، د ، س ، ت )
ابن مسعود بن بشر الإمام القدوة الثبت شيخ الإسلام ، أبو علي
[ ص: 422 ] التميمي اليربوعي الخراساني ، المجاور بحرم الله . ولد
بسمرقند ، ونشأ
بأبيورد ، وارتحل في طلب العلم .
فكتب
بالكوفة عن
منصور ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش ،
nindex.php?page=showalam&ids=15581وبيان بن بشر ،
وحصين بن عبد الرحمن ،
وليث ،
nindex.php?page=showalam&ids=16571وعطاء بن السائب ،
nindex.php?page=showalam&ids=16228وصفوان بن سليم ،
nindex.php?page=showalam&ids=16376وعبد العزيز بن رفيع ،
وأبي إسحاق الشيباني ،
ويحيى بن سعيد الأنصاري ،
nindex.php?page=showalam&ids=17240وهشام بن حسان ،
nindex.php?page=showalam&ids=12526وابن أبي ليلى ،
nindex.php?page=showalam&ids=16878ومجالد ،
nindex.php?page=showalam&ids=12318وأشعث بن سوار ،
nindex.php?page=showalam&ids=15639وجعفر الصادق ،
nindex.php?page=showalam&ids=15767وحميد الطويل ، وخلق سواهم من الكوفيين والحجازيين .
حدث عنه :
ابن المبارك ،
nindex.php?page=showalam&ids=17293ويحيى القطان ،
nindex.php?page=showalam&ids=16349وعبد الرحمن بن مهدي ،
وابن عيينة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13721والأصمعي ،
وعبد الرزاق ،
وعبد الرحمن بن مهدي بن هلال ، شيخ واسطي ،
وحسين الجعفي ،
وأسد السنة nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ،
وأحمد بن يونس ،
ويحيى بن يحيى التميمي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16472وابن وهب ،
nindex.php?page=showalam&ids=17072ومسدد ،
وقتيبة ،
وبشر الحافي ،
والسري بن مغلس السقطي ،
وأحمد بن المقدام ،
وعبيد الله القواريري ،
ومحمد بن زنبور المكي ،
ولوين ،
ومحمد بن يحيى العدني ،
nindex.php?page=showalam&ids=14171والحميدي ،
وعبد الصمد بن يزيد مردويه ،
وعبدة بن عبد الرحيم المروزي ،
ومحمد بن أبي السري العسقلاني ،
ومحمد بن قدامة [ ص: 423 ] المصيصي ،
nindex.php?page=showalam&ids=17302ويحيى بن أيوب المقابري ، وخلق كثير ، آخرهم موتا
الحسين بن داود البلخي .
وروى عنه
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري أجل شيوخه ، وبينهما في الموت مائة وأربعون عاما .
قال
أبو عمار الحسين بن حريث ، عن
الفضل بن موسى ، قال : كان
الفضيل بن عياض شاطرا يقطع الطريق بين
أبيورد وسرخس ، وكان سبب توبته أنه عشق جارية ، فبينا هو يرتقي الجدران إليها ، إذ سمع تاليا يتلو
ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم فلما سمعها قال : بلى يا رب قد آن ، فرجع ، فآواه الليل إلى خربة فإذا فيها سابلة ، فقال بعضهم : نرحل ، وقال بعضهم : حتى [ نصبح ] فإن فضيلا على الطريق يقطع علينا .
قال : ففكرت ، وقلت : أنا أسعى بالليل في المعاصي ، وقوم من المسلمين هاهنا ، يخافوني ، وما أرى الله ساقني إليهم إلا لأرتدع ، اللهم إني قد تبت إليك ، وجعلت توبتي مجاورة
البيت الحرام .
وقال
إبراهيم بن محمد الشافعي : سمعت
سفيان بن عيينة يقول :
فضيل ثقة .
وقال
أبو عبيد : قال
ابن مهدي :
فضيل رجل صالح ، ولم يكن بحافظ .
[ ص: 424 ]
وقال
العجلي : كوفي ثقة متعبد ، رجل صالح ، سكن
مكة .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16992محمد بن عبد الله بن عمار : ليت
فضيلا كان يحدثك بما يعرف ، قيل
لابن عمار : ترى حديثه حجة ؟ قال : سبحان الله . وقال
أبو حاتم : صدوق . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي : ثقة مأمون ، رجل صالح . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : ثقة .
قال
محمد بن سعد : ولد
بخراسان بكورة
أبيورد ، وقدم
الكوفة وهو كبير ، فسمع من
منصور وغيره ، ثم تعبد ، وانتقل إلى
مكة ونزلها إلى أن مات بها في أول سنة سبع وثمانين ومائة في خلافة
هارون ، وكان ثقة نبيلا فاضلا عابدا ورعا ، كثير الحديث .
وقال
أبو وهب محمد بن مزاحم : سمعت
ابن المبارك يقول : رأيت أعبد الناس
عبد العزيز بن أبي رواد ، وأورع الناس
الفضيل بن عياض ، وأعلم الناس
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري ، وأفقه الناس
أبا حنيفة ، ما رأيت في الفقه مثله .
وروى
إبراهيم بن شماس ، عن
ابن المبارك قال : ما بقي على ظهر الأرض عندي أفضل من
الفضيل بن عياض .
قال
نصر بن المغيرة البخاري : سمعت
إبراهيم بن شماس يقول : رأيت أفقه الناس ، وأورع الناس ، وأحفظ الناس
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيعا والفضيل nindex.php?page=showalam&ids=16418وابن المبارك .
[ ص: 425 ]
وقال
عبيد الله القواريري : أفضل من رأيت من المشايخ :
بشر بن منصور ، nindex.php?page=showalam&ids=14919وفضيل بن عياض ،
وعون بن معمر ،
وحمزة بن نجيح . قلت :
عون وحمزة لا يكادان يعرفان ، وكانا عابدين . قال
النضر بن شميل : سمعت
الرشيد يقول : ما رأيت في العلماء أهيب من
مالك ، ولا أورع من
الفضيل .
وروى
أحمد بن أبي الحواري ، عن
الهيثم بن جميل ، سمعت
شريكا يقول : لم يزل لكل قوم حجة في أهل زمانهم ، وإن
nindex.php?page=showalam&ids=14919فضيل بن عياض حجة لأهل زمانه ، فقام فتى من مجلس
الهيثم ، فلما توارى ، قال الهيثم حجة عاش هذا الفتى يكون حجة لأهل زمانه ، قيل : من كان الفتى ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251 : أحمد بن حنبل .
قال
عبد الصمد مردويه الصائغ : قال لي ابن المبارك : إن
الفضيل بن عياض صدق الله فأجرى الحكمة على لسانه ، فالفضيل ممن نفعه علمه .
وقال
أبو بكر عبد الرحمن بن عفان : سمعت
ابن المبارك يقول
لأبي مريم القاضي : ما بقي في
الحجاز أحد من الأبدال إلا
nindex.php?page=showalam&ids=14919فضيل بن عياض ، وابنه علي ،
وعلي مقدم في الخوف ، وما بقي أحد في بلاد
الشام إلا
يوسف بن أسباط ،
وأبو معاوية الأسود ، وما بقي أحد
بخراسان إلا شيخ حائك يقال له :
معدان .
قال
أبو بكر المقاريضي المذكر : سمعت
بشر بن الحارث يقول : عشرة ممن كانوا يأكلون الحلال ، لا يدخلون بطونهم إلا حلالا ولو استفوا التراب والرماد . قلت : من هم يا
أبا نصر؟ قال :
سفيان ،
وإبراهيم بن [ ص: 426 ] أدهم ،
nindex.php?page=showalam&ids=14919والفضيل بن عياض ، وابنه ،
nindex.php?page=showalam&ids=16031وسليمان الخواص ،
ويوسف بن أسباط ،
وأبو معاوية نجيح الخادم ،
وحذيفة المرعشي ،
nindex.php?page=showalam&ids=15853وداود الطائي ،
ووهيب بن الورد .
وقال
إبراهيم بن الأشعث : ما رأيت أحدا كان الله في صدره أعظم من
الفضيل ، كان إذا ذكر الله ، أو ذكر عنده ، أو سمع القرآن ظهر به من الخوف والحزن ، وفاضت عيناه ، وبكى حتى يرحمه من يحضره ، وكان دائم الحزن ، شديد الفكرة ، ما رأيت رجلا يريد الله بعلمه وعمله ، وأخذه وعطائه ، ومنعه وبذله ، وبغضه وحبه ، وخصاله كلها غيره . كنا إذا خرجنا معه في جنازة لا يزال يعظ ، ويذكر ويبكي كأنه مودع أصحابه ، ذاهب إلى الآخرة ، حتى يبلغ المقابر ; فيجلس مكانه بين الموتى من الحزن والبكاء ، حتى يقوم وكأنه رجع من الآخرة يخبر عنها .
وقال
عبد الصمد بن يزيد مردويه : سمعت
الفضيل يقول : لم يتزين الناس بشيء أفضل من الصدق ، وطلب الحلال ، فقال ابنه
علي : يا أبة إن الحلال عزيز . قال : يا بني ، وإن قليله عند الله كثير .
قال
سري بن المغلس : سمعت
الفضيل يقول : من خاف الله لم يضره أحد ، ومن خاف غير الله لم ينفعه أحد .
وقال
فيض بن إسحاق : سمعت
الفضيل بن عياض ، وسأله
عبد الله بن مالك : يا أبا
علي ما الخلاص مما نحن فيه ؟ قال : أخبرني ، من أطاع الله هل تضره معصية أحد ؟ قال : لا . قال : فمن يعصي الله هل تنفعه طاعة أحد ؟ قال : لا ، قال : هو الخلاص إن أردت الخلاص .
قال
إبراهيم بن الأشعث : سمعت
الفضيل يقول : رهبة العبد من الله على قدر علمه بالله ، وزهادته في الدنيا على قدر رغبته في الآخرة ، من عمل
[ ص: 427 ] بما علم استغنى عما لا يعلم ، ومن عمل بما علم وفقه الله لما لا يعلم ، ومن ساء خلقه شان دينه وحسبه ومروءته .
وسمعته يقول : أكذب الناس العائد في ذنبه ، وأجهل الناس المدل بحسناته ، وأعلم الناس بالله أخوفهم منه ، لن يكمل عبد حتى يؤثر دينه على شهوته ، ولن يهلك عبد حتى يؤثر شهوته على دينه .
وقال
محمد بن عبدويه : سمعت
الفضيل يقول : ترك العمل من أجل الناس رياء ، والعمل من أجل الناس شرك ، والإخلاص أن يعافيك الله عنهما .
قال
سلم بن عبد الله الخراساني : سمعت
الفضيل يقول : إنما أمس مثل ، واليوم عمل ، وغدا أمل .
وقال
فيض بن إسحاق : قال
الفضيل : والله ما يحل لك أن تؤذي كلبا ولا خنزيرا بغير حق ، فكيف تؤذي مسلما .
وعن
فضيل : لا يكون العبد من المتقين حتى يأمنه عدوه .
وعنه : بقدر ما يصغر الذنب عندك يعظم عند الله ، وبقدر ما يعظم عندك يصغر عند الله .
قال
محرز بن عون :
أتيت الفضيل بمكة ، فقال لي : يا
محرز ، وأنت أيضا مع أصحاب الحديث ، ما فعل القرآن ؟ والله لو نزل حرف باليمن لقد كان ينبغي أن نذهب حتى نسمعه ، والله لأن تكون راعي الحمر وأنت مقيم على ما يحب الله ، خير لك من الطواف وأنت مقيم على ما يكره الله .
المفضل الجندي : حدثنا إسحاق بن إبراهيم الطبري ، قال : ما رأيت أحدا أخوف على نفسه ، ولا أرجى للناس من الفضيل . كانت قراءته
[ ص: 428 ] حزينة ، شهية ، بطيئة ، مترسلة ، كأنه يخاطب إنسانا ، وكان إذا مر بآية فيها ذكر الجنة يردد فيها وسأل ، وكانت صلاته بالليل أكثر ذلك قاعدا ، يلقى له الحصير في مسجده ، فيصلي من أول الليل ساعة ، ثم تغلبه عينه ، فيلقي نفسه على الحصير ، فينام قليلا ، ثم يقوم ، فإذا غلبه النوم نام ، ثم يقوم ، هكذا حتى يصبح . وكان دأبه إذا نعس أن ينام ، ويقال : أشد العبادة ما كان هكذا .
وكان صحيح الحديث ، صدوق اللسان ، شديد الهيبة للحديث إذا حدث ، وكان يثقل عليه الحديث جدا ، وربما قال لي : لو أنك طلبت مني الدنانير كان أيسر علي من أن تطلب مني الحديث . فقلت : لو حدثتني بأحاديث فوائد ليست عندي ، كان أحب إلي من أن تهب لي عددها دنانير . قال : إنك مفتون ، أما والله لو عملت بما سمعت ، لكان لك في ذلك شغل عما لم تسمع ، سمعت
سليمان بن مهران يقول : إذا كان بين يديك طعام تأكله ، فتأخذ اللقمة ، فترمي بها خلف ظهرك متى تشبع ؟
أنبأنا
أحمد بن سلامة ، عن
أبي المكارم التيمي ، أخبرنا
الحداد ، أخبرنا
أبو نعيم ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني ، حدثنا
محمد بن زكريا الغلابي ، حدثنا
أبو عمر الجرمي النحوي ، حدثنا
الفضل بن الربيع ، قال : حج أمير المؤمنين -يعني
هارون - فقال لي : ويحك ، قد حك في نفسي شيء ، فانظر لي رجلا أسأله . فقلت : هاهنا
سفيان بن عيينة ، فقال : امض بنا إليه ، فأتيناه ، فقرعت بابه ، فقال : من ذا ؟ فقلت : أجب أمير المؤمنين ، فخرج مسرعا ، فقال : يا أمير المؤمنين ، لو أرسلت إلي أتيتك . فقال : خذ لما جئتك له ، فحدثه ساعة ، ثم قال له : عليك دين . قال : نعم . فقال لي : اقض دينه ، فلما [ خرجنا ] قال : ما أغنى عني صاحبك شيئا . قلت : هاهنا
عبد الرزاق . قال : امض بنا إليه ،
[ ص: 429 ] فأتيناه ، فقرعت الباب فخرج ، وحادثه ساعة ، ثم قال : عليك دين؟ قال : نعم . قال :
أبا عباس ، اقض دينه . فلما خرجنا قال : ما أغنى عني صاحبك شيئا ، انظر لي رجلا أسأله ، قلت : هاهنا الفضيل بن عياض ، قال : امض بنا إليه ، فأتيناه ، فإذا هو قائم يصلي ، يتلو آية يرددها ، فقال : اقرع الباب ، فقرعت ، فقال : من هذا ؟ قلت : أجب أمير المؤمنين . قال : مالي ولأمير المؤمنين ؟ قلت : سبحان الله ! أما عليك طاعة ، فنزل ففتح الباب ، ثم ارتقى إلى الغرفة ، فأطفأ السراج ثم التجأ إلى زاوية ، فدخلنا ، فجعلنا نجول عليه بأيدينا فسبقت كف هارون قبلي إليه ، فقال : يا لها من كف ما ألينها إن نجت غدا من عذاب الله ، فقلت في نفسي : ليكلمنه الليلة بكلام نقي من قلب تقي ، فقال له : خذ لما جئناك له -رحمك الله- فقال : إن
عمر بن عبد العزيز لما ولي الخلافة دعا
nindex.php?page=showalam&ids=15959سالم بن عبد الله ،
nindex.php?page=showalam&ids=14980ومحمد بن كعب ،
nindex.php?page=showalam&ids=15889ورجاء بن حيوة ، فقال لهم : إني قد ابتليت بهذا البلاء ، فأشيروا علي . فعد الخلافة بلاء ، وعددتها أنت وأصحابك نعمة . فقال له سالم : إن أردت النجاة ، فصم الدنيا وليكن إفطارك منها الموت . وقال له
ابن كعب : إن أردت النجاة من عذاب الله ، فليكن كبير المسلمين عندك أبا ، وأوسطهم أخا ، وأصغرهم ولدا ، فوقر أباك ، وأكرم أخاك ، وتحنن على ولدك .
وقال له
رجاء : إن أردت النجاة من عذاب الله ، فأحب للمسلمين ما تحب لنفسك ، واكره لهم ما تكره لنفسك ، ثم مت إذا شئت ، وإني أقول لك هذا ، وإني أخاف عليك أشد الخوف يوما تزل فيه الأقدام ، فهل معك -رحمك الله- من
[ ص: 430 ] يشير عليك بمثل هذا . فبكى بكاء شديدا حتى غشي عليه . فقلت له : ارفق بأمير المؤمنين ، فقال : يا
ابن أم الربيع تقتله أنت وأصحابك ، وأرفق به أنا ؟ ثم أفاق ، فقال له : زدني -رحمك الله- قلت : بلغني أن عاملا
nindex.php?page=showalam&ids=16673لعمر بن عبد العزيز شكي إليه ، فكتب إليه : يا أخي أذكرك طول سهر أهل النار في النار مع خلود الأبد ، وإياك أن ينصرف بك من عند الله ، فيكون آخر العهد وانقطاع الرجاء ، فلما قرأ الكتاب طوى البلاد حتى قدم عليه ، فقال : ما أقدمك ؟ قال : خلعت قلبي بكتابك ، لا أعود إلى ولاية حتى ألقى الله ، فبكى
هارون بكاء شديدا فقال : يا أمير المؤمنين ، إن
العباس عم النبي -صلى الله عليه وسلم- جاء إليه فقال : أمرني ، فقال له :
nindex.php?page=hadith&LINKID=880577إن الإمارة حسرة وندامة يوم القيامة ، فإن استطعت أن لا تكون أميرا فافعل . فبكى هارون ، وقال : زدني . قال : يا حسن الوجه أنت الذي يسألك الله عن هذا الخلق يوم القيامة ، فإن استطعت أن تقي هذا الوجه من النار ، فافعل ، وإياك أن تصبح وتمسي وفي قلبك غش لأحد من رعيتك ، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال :
من أصبح لهم غاشا لم يرح رائحة الجنة . فبكى هارون وقال له :
[ ص: 431 ] عليك دين ؟ قال : نعم ، دين لربي ، لم يحاسبني عليه . فالويل لي إن ساءلني ، والويل لي إن ناقشني ، والويل لي إن لم ألهم حجتي . قال : إنما أعني من دين العباد . قال : إن ربي لم يأمرني بهذا ، أمرني أن أصدق وعده ، وأطيع أمره ، فقال -عز وجل- :
وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون الآيات . فقال : هذه ألف دينار خذها ، فأنفقها على عيالك ، وتقو بها على عبادة ربك ، فقال : سبحان الله ! أنا أدلك على طريق النجاة ، وأنت تكافئني بمثل هذا . سلمك الله ، ووفقك . ثم صمت ، فلم يكلمنا ، فخرجنا ، فقال
هارون : أبا عباس ، إذا دللتني ، فدلني على مثل هذا ، هذا سيد المسلمين . فدخلت عليه امرأة من نسائه فقالت : قد ترى ما نحن فيه من الضيق ، فلو قبلت هذا المال . قال : إنما مثلي ومثلكم كمثل قوم لهم بعير يأكلون من كسبه ، فلما كبر نحروه ، فأكلوا لحمه ، فلما سمع
هارون هذا الكلام قال : ندخل فعسى أن يقبل المال ، فلما علم الفضيل ، خرج فجلس في السطح على باب الغرفة ، فجاء
هارون ، فجلس إلى جنبه ، فجعل يكلمه فلا يجيبه ، فبينا نحن كذلك إذ خرجت جارية سوداء ، فقالت : يا هذا ، قد آذيت الشيخ منذ الليلة ، فانصرف فانصرفنا . حكاية عجيبة ،
والغلابي غير ثقة ، وقد رواها غيره .
أخبرتنا
عائشة بنت عيسى ، أخبرنا
ابن راجح ، أخبرنا
السلفي ، أخبرنا
العلاف ، أخبرنا
أبو الحسن الحمامي ، أخبرنا
جعفر بن محمد بن الحجاح بالموصل ، حدثنا
محمد بن سعدان الحراني ، حدثنا
أبو عمر النحوي ، هو
[ ص: 432 ] الجرمي ، عن
الفضل بن الربيع ، بها .
قال
محمد بن علي بن شقيق : حدثنا
أبو إسحاق قال : قال
الفضيل : لو خيرت بين أن أعيش كلبا وأموت كلبا ، ولا أرى يوم القيامة ، لاخترت ذلك .
وقال
فيض بن إسحاق : سمعت
الفضيل يقول : والله لأن أكون ترابا أحب إلي من أن أكون في مسلاخ أفضل أهل الأرض ، وما يسرني أن أعرف الأمر حق معرفته ، إذا لطاش عقلي .
وقال
إسحاق بن إبراهيم الطبري : سمعت
الفضيل يقول : لو قلت : إنك تخاف الموت ما قبلت منك ، لو خفت الموت ما نفعك طعام ولا شراب ، ولا شيء ، ما يسرني أن أعرف الأمر حق معرفته إذا لطاش عقلي ، ولم أنتفع بشيء .
عبد الصمد بن يزيد : سمعت الفضيل يقول : لا تجعل الرجال أوصياءك ، كيف تلومهم أن يضيعوا وصيتك ، وأنت قد ضيعتها في حياتك . وسمعته يقول : إذا أحب الله عبدا ، أكثر غمه ، وإذا أبغض عبدا ، وسع عليه دنياه .
وقال
إبراهيم بن الأشعث : سمعت
الفضيل يقول : من أحب أن يذكر لم يذكر ، ومن كره أن يذكر ذكر . وسمعته يقول : وعزته ، لو أدخلني النار ما أيست . وسمعته -وقد أفضنا من عرفات- يقول : واسوأتاه -والله منك- وإن عفوت . وسمعته يقول : الخوف أفضل من الرجاء ما دام الرجل صحيحا ، فإذا نزل به الموت فالرجاء أفضل .
[ ص: 433 ]
قلت : وذلك لقوله -صلى الله عليه وسلم- :
nindex.php?page=hadith&LINKID=880579لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله .