الجاحظ
العلامة المتبحر ، ذو الفنون ، أبو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب البصري المعتزلي ، صاحب التصانيف . أخذ عن النظام .
وروى عن :
أبي يوسف القاضي ،
وثمامة بن أشرس .
روى عنه :
أبو العيناء ،
ويموت بن المزرع ابن أخته ، كان أحد الأذكياء .
[ ص: 527 ]
قال
ثعلب : ما هو بثقة .
وقال
يموت : كان جده جمالا أسود .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=13974الجاحظ : نسيت كنيتي ثلاثة أيام ، حتى عرفني أهلي .
قلت : كان ماجنا قليل الدين ، له نوادر .
قال
المبرد : دخلت عليه ، فقلت : كيف أنت ؟ قال : كيف من نصفه مفلوج ، ونصفه الآخر منقرس ؟ لو طار عليه ذباب لآلمه ، والآفة في هذا أني جزت التسعين .
وقيل : طلبه
المتوكل ، فقال : وما يصنع أمير المؤمنين بشق مائل ، ولعاب سائل ؟ !! .
قال
ابن زبر : مات سنة خمسين ومائتين . وقال
الصولي : مات سنة خمس وخمسين ومائتين .
قلت : كان من بحور العلم ، وتصانيفه كثيرة جدا . قيل : لم يقع بيده كتاب قط إلا استوفى قراءته ، حتى إنه كان يكتري دكاكين الكتبيين ، ويبيت فيها للمطالعة ، وكان باقعة في قوة الحفظ .
وقيل : كان
nindex.php?page=showalam&ids=13974الجاحظ ينوب عن
إبراهيم بن العباس الصولي مدة في ديوان الرسائل .
وقال في مرضه للطبيب : اصطلحت الأضداد على جسدي ، إن أكلت باردا أخذ برجلي ، وإن أكلت حارا أخذ برأسي .
ومن كلام
nindex.php?page=showalam&ids=13974الجاحظ إلى
محمد بن عبد الملك : المنفعة توجب المحبة ،
[ ص: 528 ] والمضرة توجب البغضة ، والمضادة عداوة ، والأمانة طمأنينة ، وخلاف الهوى يوجب الاستثقال ، ومتابعته توجب الألفة . العدل يوجب اجتماع القلوب ، والجور يوجب الفرقة . حسن الخلق أنس ، والانقباض وحشة . التكبر مقت ، والتواضع مقة ، الجود يوجب الحمد ، والبخل يوجب الذم ، التواني يوجب الحسرة ، والحزم يوجب السرور ، والتغرير ندامة ، ولكل واحدة من هذه إفراط وتقصير ، وإنما تصح نتائجها إذا أقيمت حدودها ; فإن الإفراط في الجود تبذير ، والإفراط في التواضع مذلة ، والإفراط في الغدر يدعو إلى أن لا تثق بأحد ، والإفراط في المؤانسة يجلب خلطاء السوء .
وله : وما كان حقي - وأنا واضع هذين الكتابين في خلق القرآن ، وهو المعنى الذي يكثره أميرالمؤمنين ويعزه ، وفي فضل ما بين
بني هاشم ،
وعبد شمس ومخزوم - إلا أن أقعد فوق السماكين ، بل فوق العيوق ، أو أتجر في الكبريت الأحمر ، وأقود العنقاء بزمام إلى الملك الأكبر .
وله كتاب " الحيوان " سبع مجلدات ، وأضاف إليه كتاب " النساء " وهو فرق ما بين الذكر والأنثى ، وكتاب " البغال " وقد أضيف إليه كتاب سموه كتاب " الجمال " . ليس من كلام
nindex.php?page=showalam&ids=13974الجاحظ ، ولا يقاربه .
قال رجل
للجاحظ : ألك
بالبصرة ضيعة ؟ قال : فتبسم ، وقال : إنما إناء وجارية ومن يخدمها ، وحمار ، وخادم . أهديت كتاب " الحيوان " إلى
ابن الزيات ، فأعطاني ألفي دينار ، وأهديت إلى فلان فذكر نحوا من ذلك ، يعني : أنه في خير وثروة .
قال
يموت بن المزرع : سمعت خالي ، يقول : أمليت على إنسان مرة : أخبرنا
عمرو ، فاستملى : أخبرنا
بشر ، وكتب : أخبرنا
زيد .
قلت : يظهر من شمائل
nindex.php?page=showalam&ids=13974الجاحظ أنه يختلق .
[ ص: 529 ]
قال
إسماعيل الصفار : حدثنا
أبو العيناء ، قال : أنا
nindex.php?page=showalam&ids=13974والجاحظ وضعنا حديث فدك فأدخلناه على الشيوخ
ببغداد ، فقبلوه إلا
ابن شيبة العلوي ; فإنه قال : لا يشبه آخر هذا الحديث أوله . ثم قال
الصفار : كان
أبو العيناء يحدث بهذا بعدما تاب .
قيل
للجاحظ : كيف حالك ؟ قال : يتكلم الوزير برأيي ، وصلات الخليفة متواترة إلي ، وآكل من الطير أسمنها ، وألبس من الثياب ألينها ، وأنا صابر حتى يأتي الله بالفرج . قيل : بل الفرج ما أنت فيه . قال : بل أحب أن ألي الخلافة ، ويختلف إلي
محمد بن عبد الملك يعني الوزير ، وهو القائل :
سقام الحرص ليس له دواء وداء الجهل ليس له طبيب
وقال : أهديت إلى
محمد بن عبد الملك كتاب " الحيوان " ، فأعطاني خمسة آلاف دينار . وأهديت كتاب " البيان والتبيين " إلى
أحمد بن أبي دوااد ، فأعطاني كذلك ، وأهديت كتاب " الزرع والنخل " إلى
إبراهيم الصولي ، فأعطاني مثلها . فرجعت إلى
البصرة ، ومعي ضيعة لا تحتاج إلى تحديد ، ولا إلى تسميد .
[ ص: 530 ]
وقد روى عنه
ابن أبي داود حديثا واحدا .
وتصانيف
nindex.php?page=showalam&ids=13974الجاحظ كثيرة جدا : منها " الرد على أصحاب الإلهام " ، و " الرد على
المشبهة " ، و " الرد على
النصارى " ، "
الطفيلية " ، " فضائل
الترك " ، " الرد على
اليهود " ، " الوعيد " ، " الحجة والنبوة " ، " المعلمين " ، " البلدان " ، " حانوت عطار " ، " ذم الزنا " وأشياء .
أخبرنا
أحمد بن سلامة كتابة ، عن
أحمد بن طارق ، أخبرنا
السلفي ، أخبرنا
المبارك بن الطيوري ، حدثنا
محمد بن علي الصوري إملاء ، حدثنا
خلف بن محمد الحافظ بصور ، أخبرنا
أبو سليمان بن زبر ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11939أبو بكر بن أبي داود ، قال : أتيت
nindex.php?page=showalam&ids=13974الجاحظ ، فاستأذنت عليه ، فاطلع علي من كوة في داره ، فقال : من أنت ؟ فقلت : رجل من أصحاب الحديث . فقال : أو ما علمت أني لا أقول
بالحشوية ؟ فقلت : إني
ابن أبي داود . فقال : مرحبا بك وبأبيك ، ادخل . فلما دخلت ، قال لي : ما تريد ؟ فقلت : تحدثني بحديث واحد . فقال : اكتب : حدثنا
حجاج بن المنهال ، حدثنا
حماد بن سلمة ، عن
ثابت ، عن
أنس :
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى على طنفسة .
فقلت : زدني حديثا آخر ، فقال : ما ينبغي
لابن أبي داود أن يكذب .
قلت : كفانا
nindex.php?page=showalam&ids=13974الجاحظ المؤونة ، فما روى من الحديث إلا النزر اليسير ، ولا هو بمتهم في الحديث ، بلى في النفس من حكاياته ولهجته ، فربما جازف ، وتلطخه بغير بدعة أمر واضح ، ولكنه أخباري علامة ، صاحب فنون وأدب باهر ، وذكاء بين ، عفا الله عنه .