[ ص: 5 ] يحيى بن أكثم ( ت )
ابن محمد بن قطن ، قاضي القضاة ، الفقيه العلامة ، أبو محمد ، التميمي المروزي ، ثم البغدادي . ولد في خلافة المهدي .
وسمع من :
عبد العزيز بن أبي حازم ،
nindex.php?page=showalam&ids=16418وابن المبارك ،
وعبد العزيز الدراوردي ،
nindex.php?page=showalam&ids=15628وجرير بن عبد الحميد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16008وسفيان بن عيينة ،
والفضل السيناني ،
nindex.php?page=showalam&ids=16410وعبد الله بن إدريس ، وعدة . وله رحلة ومعرفة .
[ ص: 6 ]
حدث عنه :
الترمذي : ،
وأبو حاتم ،
nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري خارج " صحيحه " ،
nindex.php?page=showalam&ids=12425وإسماعيل القاضي ،
وإبراهيم بن محمد بن متويه ،
وأبو العباس السراج ،
وعبد الله بن محمود المروزي ، وآخرون . وكان من أئمة الاجتهاد ، وله تصانيف ، منها كتاب " التنبيه " .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم : من نظر في " التنبيه " له ، عرف تقدمه في العلوم .
؛ وقال
طلحة الشاهد كان واسع العلم بالفقه ، كثير الأدب ، حسن العارضة ، قائما بكل معضلة . غلب على
المأمون ، حتى لم يتقدمه عنده أحد مع براعة
المأمون في العلم . وكانت الوزراء لا تبرم شيئا حتى تراجع
يحيى .
قال
الخطيب : ولاه
المأمون قضاء
بغداد ، وهو من ولد
أكثم بن صيفي .
قال
عبد الله بن أحمد : سمع من
ابن المبارك صغيرا فصنع أبوه طعاما ، ودعا الناس ، وقال : اشهدوا أن ابني سمع من
عبد الله .
قال
أبو داود السنجي سمعت
يحيى يقول : كنت عند
سفيان ،
[ ص: 7 ] فقال : بليت بمجالستكم بعدما كنت أجالس من جالس الصحابة ، فمن أعظم مني مصيبة ؟ قلت : يا
أبا محمد ، الذين بقوا حتى جالسوك بعد الصحابة ، أعظم منك مصيبة .
وروى
أحمد بن أبي الحواري ، عن
يحيى ، عن
سفيان ، قال : لو لم يكن من بليتي إلا أني حين كبرت صار جلسائي الصبيان ، بعدما كنت أجالس من جالس الصحابة . قلت : أعظم منك مصيبة من جالسك في صغرك بعدما جالس من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- .
قال : فسكت .
قال
علي بن خشرم : أخبرني
يحيى قال : صرت إلى
nindex.php?page=showalam&ids=15730حفص بن غياث ، فتعشينا عنده ، فأتى بعس ، فشرب ، وناول
nindex.php?page=showalam&ids=12508أبا بكر بن أبي شيبة ، فشرب وناولني .
قال : فقلت : أيسكر كثيره ؟ .
قال : إي والله ، وقليله . فتركته .
وروى
أبو حازم القاضي ، عن أبيه ، قال : ولي
nindex.php?page=showalam&ids=17299يحيى بن أكثم قضاء
[ ص: 8 ] البصرة وله عشرون سنة ، فاستصغروه . وقيل : كم سن القاضي ؟ . قال : أنا أكبر من
عتاب بن أسيد الذي ولاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على
مكة ، وأكبر من
معاذ حين وجه به رسول الله قاضيا على
اليمن ، وأكبر من
كعب بن سور الذي وجه به
عمر قاضيا على
البصرة .
قال
الفضل الشعراني : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=17299يحيى بن أكثم يقول : القرآن كلام الله ، فمن قال : مخلوق يستتاب ، فإن تاب ، وإلا ضربت عنقه .
وعن
يحيى قال : ما سررت بشيء سروري بقول
المستملي : من ذكرت رضي الله عنك . وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12251لأحمد بن حنبل ما يرمى به
يحيى ، فقال : سبحان الله من يقول هذا ؟ ! .
قلت : قد ولع الناس
بيحيى لتولعه بالصور حبا أو مزاحا .
الصولي : سمعت
إسماعيل القاضي يعظم شأن
nindex.php?page=showalam&ids=17299يحيى بن أكثم ، وذكر له يوم قيامه في وجه
المأمون ، لما أباح متعة النساء ، فما زال به حتى رده إلى الحق ، ونص له الحديث في تحريمها ، فقيل
لإسماعيل : فما
[ ص: 9 ] كان يقال ؟ قال : معاذ الله أن تزول عدالة مثله بكذب باغ أو حاسد . ثم قال : وكانت كتبه في الفقه أجل كتب ، تركها الناس لطولها .
قال
أبو العيناء : سئل رجل من البلغاء عن
nindex.php?page=showalam&ids=17299يحيى بن أكثم ،
وأحمد بن أبي دواد : أيهما أنبل ؟ قال : كان
أحمد يجد مع جاريته وبيته ، وكان
يحيى يهزل مع عدوه وخصمه .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11970أبو حاتم الرازي : فيه نظر .
وقال
جعفر بن أبي عثمان ، عن
ابن معين : كان يكذب .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12418ابن راهويه : ذاك الدجال يحدث عن
ابن المبارك .
وقال
علي بن الجنيد : يسرق الحديث .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16216صالح جزرة : حدث عن
ابن إدريس بأحاديث لم يسمعها .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11886أبو الفتح الأزدي : روى عن الثقات عجائب .
[ ص: 10 ]
قلت : ما هو ممن يكذب ، كلا وكان عبثه بالمرد أيام الشبيبة ، فلما شاخ أقبل على شأنه ، وبقيت الشناعة ، وكان أعور .
قال
أبو العيناء وقف له الأضراء ، فطالبوه ، فقال : ليس لكم عند أمير المؤمنين شيء . فقالوا : لا تفعل يا
أبا سعيد ، فصاح : الحبس الحبس ، فحبسوا ، فلما كان الليل ضجوا . فقال
المأمون : ما هذا ؟ قيل : الأضراء . فقال له : ولم حبستهم ؟ أعلى أن كنوك ؟ قال : بل حبستهم على التعريض بشيخ لائط في الحربية . قال
فضلك الرازي : مضيت أنا
وداود الأصبهاني إلى
nindex.php?page=showalam&ids=17299يحيى بن أكثم ، ومعنا عشرة مسائل ، فأجاب في خمسة منها أحسن جواب . ودخل غلام مليح ، فلما رآه اضطرب ، فلم يقدر يجيء ولا يذهب في مسألة .
فقال
داود : قم ، اختلط الرجل .
[ ص: 11 ]
قال
أبو العيناء : كنا في مجلس
أبي عاصم ، فنازع
أبو بكر بن يحيى بن أكثم غلاما ، فقال
أبو عاصم : مهيم ؟ قيل :
أبو بكر ينازع غلاما ، فقال : إن يسرق ، فقد سرق أب له من قبل . وقد هجي بأبيات مفرقة لم أسقها .
قال
الخطيب : لما استخلف
المتوكل صير
يحيى في مرتبة
ابن أبي دواد ، وخلع عليه خمس خلع .
وقال
نفطويه : لما عزل
يحيى من القضاء
بجعفر الهاشمي جاءه كاتبه ، فقال : سلم الديوان . فقال : شاهدان عدلان على أمير المؤمنين بذلك ، فلم يلتفت إليه ، وأخذ منه قهرا . وأمر
المتوكل بقض أملاكه ، وحول إلى
بغداد ، وألزم بيته .
قال
الكوكبي : حدثنا
محرز بن أحمد الكاتب ، حدثنا
محمد بن مسلم السعدي قال : دخلت على
nindex.php?page=showalam&ids=17299يحيى بن أكثم ، فقال : افتح هذا القمطر . ففتح ، فإذا فيه شيء رأسه رأس إنسان ، ومن سرته إلى أسفل خلقة زاغ ، وفي ظهره سلعة -يعني : حدبة وفي صدره كذلك .
[ ص: 12 ] فكبرت وهللت وجزعت ،
ويحيى يضحك ، فقال لي بلسان طلق :
أنا الزاغ أبو عجوة أنا ابن الليث واللبوه أحب الراح والريحا
ن والنشوة والقهوه فلا عربدتي تخشى
ولا تحذر لي سطوه
ثم قال : يا كهل ، أنشدني شعرا غزلا ، فأنشدته :
أغرك أن أذنبت ثم تتابعت ذنوب ، فلم أهجرك ثم أتوب
[ ص: 13 ] وأكثرت حتى قلت : ليس بصارمي وقد يصدم الإنسان وهو حبيب
فصاح : زاغ زاغ زاغ ، فطار ، ثم سقط في القمطر . فقلت : أعز الله القاضي ، وعاشق أيضا ؟ ! فضحك . فقلت : ما هذا ؟ قال : هو ما ترى . وجه به صاحب
اليمن إلى أمير المومنين ، وما رآه بعد .
قال
سعيد بن عفير : حدثنا
يعقوب بن الحارث ، عن
شبيب بن شيبة بن الحارث ، قال : قدمت الشحر على رئيسها ، فتذاكرنا النسناس . فقال : صيدوا لنا منها . فلما أن رحت إليه ، إذا بنسناس مع الأعوان ، فقال : أنا بالله وبك! فقلت : خلوه ، فخلوه ، فخرج يعدو ، وإنما يرعون النبات . فلما حضر الغداء قال : استعدوا للصيد ، فإنا خارجون . فلما كان السحر سمعنا قائلا يقول :
أبا محمد ، إن الصبح قد
[ ص: 14 ] أسفر ، وهذا الليل قد أدبر ، والقانص قد حضر . فعليك بالوزر .
فقال كلي ولا تراعي ، فقالوا : يا
أبا محمد ، فهرب وله وجه كوجه الإنسان ، وشعرات بيض في ذقنه ، ومثل اليد في صدره ، ومثل الرجل بين وركيه ، فألظ به كلبان ، وهو يقول :
إنكما [ حين ] تجارياني ألفيتماني خضلا عناني
لو بي شباب ما ملكتماني حتى تموتا أو تفارقاني
قال : فأخذاه . قال : يزعمون أنهم ذبحوا منها نسناسا ، فقال قائل : سبحان الله ، ما أحمر دمه ! قال : يقول نسناس من شجرة : كان يأكل السماق ، فقالوا : نسناس ، فأخذوه ، وقالوا : لو سكت ، ما علم به .
[ ص: 15 ]
فقال آخر من شجرة : أنا صميميت ، فقالوا : نسناس خذوه . قال : وبنو مهرة يصطادونها ، ويأكلونها . قال : وكان
بنو أميم بن لاوذ بن سام بن نوح ، سكنوا زنار أرض رمل كثيرة النخل ، ويسمع فيها حس الجن حتى كثروا ، فعصوا ، فعاقبهم الله ، فأهلكهم ، وبقي منهم بقايا للعرب تقع عليهم . وللرجل والمرأة منهم يد أو رجل في شق واحد ، يقال لهم : النسناس .
قلت : هذا كقول بعضهم : ذهب الناس ، وبقي النسناس . يشبهون الناس ، وليسوا بناس . لعل هؤلاء تولدوا من قردة وناس . فسبحان القادر .
وقد روي أن
nindex.php?page=showalam&ids=17299يحيى بن أكثم ، رئي في النوم ، وأنه غفر له ، وأدخل الجنة .
قال
السراج في " تاريخه " : مات
بالربذة منصرفه من الحج يوم الجمعة في ذي الحجة سنة اثنتين وأربعين ومائتين .
قال ابن أخته : بلغ ثلاثا وثمانين سنة .
[ ص: 16 ] ودعابة
يحيى مع المرد أمر مشهور ، وبعض ذلك لا يثبت . وكان ذلك قبل أن يشيخ . عفا الله عنه وعنا .