nindex.php?page=showalam&ids=15549بقي بن مخلد
بن يزيد : الإمام ، القدوة ، شيخ الإسلام أبو عبد الرحمن الأندلسي القرطبي ، الحافظ ، صاحب " التفسير " و " المسند " اللذين لا نظير لهما .
ولد في حدود سنة مائتين أو قبلها بقليل .
وسمع من :
يحيى بن يحيى الليثي ،
ويحيى بن عبد الله بن بكير ،
ومحمد بن عيسى الأعشى ،
وأبي مصعب الزهري ،
nindex.php?page=showalam&ids=16229وصفوان بن صالح ،
وإبراهيم بن المنذر الحزامي ،
nindex.php?page=showalam&ids=17246وهشام بن عمار ،
وزهير بن عباد الرؤاسي ،
ويحيى بن عبد الحميد الحماني ،
nindex.php?page=showalam&ids=13608ومحمد بن عبد الله بن نمير ،
وأحمد بن [ ص: 286 ] حنبل -مسائل وفوائد- ولم يرو له شيئا مسندا ، لكونه كان قد قطع الحديث ، وسمع من :
أبي بكر بن أبي شيبة ، فأكثر .
ومن :
جبارة بن المغلس ،
ويحيى بن بشر الحريري ،
nindex.php?page=showalam&ids=16131وشيبان بن فروخ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16071وسويد بن سعيد ،
nindex.php?page=showalam&ids=17233وهدبة بن خالد nindex.php?page=showalam&ids=16958ومحمد بن رمح ،
nindex.php?page=showalam&ids=15856وداود بن رشيد ،
ومحمد بن أبان الواسطي ،
وحرملة بن يحيى ،
وإسماعيل بن عبيد الحراني ،
nindex.php?page=showalam&ids=13455ويعقوب بن حميد بن كاسب ،
وعيسى بن حماد زغبة ،
وسحنون بن سعيد الفقيه ،
وهريم بن عبد الأعلى ،
ومنجاب بن الحارث ،
nindex.php?page=showalam&ids=16544وعثمان بن أبي شيبة ،
وعبيد الله القواريري ،
وأبي كريب ،
nindex.php?page=showalam&ids=15573وبندار ،
وهناد ،
nindex.php?page=showalam&ids=14923والفلاس ،
وكثير بن عبيد ، وخلق . وعني بهذا الشأن عناية لا مزيد عليها ، وأدخل جزيرة
الأندلس علما جما ، وبه ،
وبمحمد بن وضاح صارت تلك الناحية دار حديث ، وعدة مشيخته الذين حمل عنهم مائتان وأربعة وثمانون رجلا .
حدث عنه : ابنه
أحمد ،
وأيوب بن سليمان المري ،
وأحمد بن عبد الله الأموي ،
وأسلم بن عبد العزيز ،
ومحمد بن وزير ،
ومحمد بن عمر بن لبابة ،
والحسن بن سعد الكناني ،
وعبد الله بن يونس المرادي القبري ،
وعبد الواحد بن حمدون ،
وهشام بن الوليد الغافقي ، وآخرون . وكان إماما مجتهدا صالحا ، ربانيا صادقا مخلصا ، رأسا في العلم والعمل ، عديم المثل ، منقطع القرين ، يفتي بالأثر ، ولا يقلد أحدا .
وقد تفقه
بإفريقية على
سحنون بن سعيد . ذكره
أحمد بن أبي خيثمة ، فقال : ما كنا نسميه إلا المكنسة ، وهل
[ ص: 287 ] احتاج بلد فيه بقي إلى أن يرحل إلى هاهنا منه أحد ؟ ! قال
طاهر بن عبد العزيز الأندلسي : حملت معي جزءا من " مسند "
nindex.php?page=showalam&ids=15549بقي بن مخلد إلى المشرق ، فأريته
nindex.php?page=showalam&ids=14613محمد بن إسماعيل الصائغ ، فقال : ما اغترف هذا إلا من بحر . وعجب من كثرة علمه .
وقال
إبراهيم بن حيون ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15549بقي بن مخلد ، قال : لما رجعت من
العراق ، أجلسني
يحيى بن بكير إلى جنبه ، وسمع مني سبعة أحاديث .
وقال
أبو الوليد بن الفرضي في " تاريخه " : ملأ
nindex.php?page=showalam&ids=15549بقي بن مخلد الأندلس حديثا ، فأنكر عليه أصحابه الأندلسيون :
أحمد بن خالد ومحمد بن الحارث ،
وأبو زيد ، ما أدخله من كتب الاختلاف ، وغرائب الحديث ، فأغروا به السلطان وأخافوه به ، ثم إن الله أظهره عليهم ، وعصمه منهم ، فنشر حديثه وقرأ للناس روايته . ثم تلاه
ابن وضاح ، فصارت ،
الأندلس دار حديث وإسناد . ومما انفرد به ، ولم يدخله سواه " مصنف "
أبي بكر بن أبي شيبة بتمامه ، و " كتاب الفقه "
nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي بكماله -يعني " الأم " - و " تاريخ " خليفة ، و " طبقات " خليفة ، وكتاب " سيرة
عمر بن عبد العزيز " ،
لأحمد بن إبراهيم الدورقي . . . . وليس لأحد مثل " مسنده " .
وكان ورعا فاضلا زاهدا . . . قد ظهرت له إجابات الدعوة في غير ما شيء .
[ ص: 288 ]
قال : وكان المشاهير من أصحاب
ابن وضاح لا يسمعون منه ، للذي بينهما من الوحشة . . . ولد في شهر رمضان سنة إحدى ومائتين .
وقال
الحافظ أبو القاسم الدمشقي : لم يقع إلي حديث مسند من حديث
بقي .
قلت : عمل له ترجمة حسنة في " تاريخه " .
قال
الإمام أبو محمد بن حزم الظاهري : أقطع أنه لم يؤلف في الإسلام مثل " تفسير "
بقي ، لا " تفسير
محمد بن جرير ، ولا غيره .
قال : وكان
محمد بن عبد الرحمن الأموي صاحب
الأندلس محبا للعلوم عارفا ، فلما دخل
بقي الأندلس " بمصنف "
أبي بكر بن أبي شيبة ، وقرئ عليه ، أنكر جماعة من أهل الرأي ما فيه من الخلاف ، واستبشعوه ونشطوا العامة عليه ، ومنعوه من قراءته ، فاستحضره صاحب
الأندلس محمد وإياهم ، وتصفح الكتاب كله جزءا جزءا ، حتى أتى على آخره ، ثم قال لخازن الكتب : هذا كتاب لا تستغني خزانتنا عنه ، فانظر في نسخه لنا . ثم قال
لبقي : انشر علمك ، وارو ما عندك . ونهاهم أن يتعرضوا له .
قال
أسلم بن عبد العزيز : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15549بقي بن مخلد ، قال : لما وضعت " مسندي " ، جاءني
عبيد الله بن يحيى بن يحيى ، وأخوه
إسحاق ; فقالا : بلغنا أنك وضعت " مسندا " ، قدمت فيه
أبا مصعب الزهري ،
ويحيى بن بكير ، وأخرت
أبانا ؟ فقال : أما تقديمي
أبا مصعب ، فلقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
[ ص: 289 ] قدموا قريشا ، ولا تقدموها وأما تقديمي
ابن بكير ، فلقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :
nindex.php?page=hadith&LINKID=881130كبر كبر -يريد السن- ومع أنه سمع " الموطأ " من
مالك سبع عشرة مرة ، وأبوكما لم يسمعه إلا مرة واحدة .
قلت : وله فيه فوت معروف .
قال : فخرجا ، ولم يعودا ، وخرجا إلى حد العداوة . وألف
أبو عبد الملك أحمد بن محمد بن عبد البر القرطبي ، الميت في عام ثمانية وثلاثين وثلاثمائة كتابا في أخبار علماء
قرطبة ، ذكر فيه
nindex.php?page=showalam&ids=15549بقي بن مخلد ، فقال : كان فاضلا تقيا ، صواما قواما متبتلا ، منقطع القرين في عصره ، منفردا عن النظير في مصره ، كان أول طلبه عند
محمد بن عيسى [ ص: 290 ] الأعشى ، ثم رحل ، فحمل عن
أهل الحرمين ،
ومصر ،
والشام ،
والجزيرة ،
وحلوان ،
والبصرة ،
والكوفة ،
وواسط وبغداد ،
وخراسان -كذا قال ، فغلط ، لم يصل إلى
خراسان ، بل ولا إلى
همذان ، وما أدري هل دخل
الجزيرة أم لا ؟ ويظهر ذلك لمن تأمل شيوخه- ثم قال :
وعدن والقيروان -قلت : وما دخل الرجل إلى
اليمن -قال : وذكر
عبد الرحمن بن أحمد ، عن أبيه : أن امرأة جاءت إلى
بقي ، فقالت : إن ابني في الأسر ، ولا حيلة لي ، فلو أشرت إلى من يفديه ، فإنني والهة . قال : نعم ، انصرفي حتى أنظر في أمره . ثم أطرق ، وحرك شفتيه ، ثم بعد مدة جاءت المرأة بابنها ، فقال : كنت في يد ملك ، فبينا أنا في العمل ، سقط قيدي . قال : فذكر اليوم والساعة ، فوافق وقت دعاء الشيخ . قال : فصاح على المرسم بنا ، ثم نظر وتحير ، ثم أحضر الحداد وقيدني ، فلما فرغه ومشيت سقط القيد ، فبهتوا ، ودعوا رهبانهم ، فقالوا : ألك والدة ؟ قلت : نعم ، قالوا : وافق دعاءها الإجابة
. هذه الواقعة حدث بها الحافظ
حمزة السهمي ، عن
أبي الفتح نصر بن أحمد بن عبد الملك ، قال : سمعت
عبد الرحمن بن أحمد ، حدثنا أبي . . . فذكرها ، وفيها : ثم قالوا : قد أطلقك الله ، فلا يمكننا أن نقيدك . فزودوني ، وبعثوا بي .
قال : وكان بقي أول من كثر الحديث
بالأندلس ونشره ، وهاجم به شيوخ
الأندلس ، فثاروا عليه ، لأنهم كان علمهم بالمسائل ومذهب
مالك ، وكان بقي يفتي بالأثر ، فشذ عنهم شذوذا عظيما ، فعقدوا عليه الشهادات ،
[ ص: 291 ] وبدعوه ، ونسبوا إليه الزندقة ، وأشياء نزهه الله منها . وكان
بقي يقول : لقد غرست لهم
بالأندلس غرسا لا يقلع إلا بخروج الدجال .
قال : وقال بقي : أتيت
العراق ، وقد منع
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل من الحديث ، فسألته أن يحدثني ، وكان بيني وبينه خلة ، فكان يحدثني بالحديث في زي السؤال ، ونحن خلوة ، حتى اجتمع لي عنه نحو من ثلاثمائة حديث .
قلت : هذه حكاية منقطعة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم : و " مسند "
بقي روى فيه عن ألف وثلاثمائة صاحب ونيف ، ورتب حديث كل صاحب على أبواب الفقه ، فهو مسند ومصنف ، وما أعلم هذه الرتبة لأحد قبله ، مع ثقته وضبطه ، وإتقانه واحتفاله في الحديث . وله مصنف في فتاوى الصحابة والتابعين فمن دونهم ، الذي قد أربى فيه على " مصنف "
ابن أبي شيبة ، وعلى " مصنف "
عبد الرزاق ، وعلى " مصنف "
nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور . . . . ثم إنه نوه بذكر " تفسيره " ، وقال : فصارت تصانيف هذا الإمام الفاضل قواعد الإسلام ، لا نظير لها ، وكان متخيرا لا يقلد أحدا ، وكان ذا خاصة من
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل ، وجاريا في مضمار
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ومسلم nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي .
وقال
أبو عبد الملك المذكور في " تاريخه " : كان
بقي طوالا أقنى ذا لحية مضبرا قويا جلدا على المشي ، لم ير راكبا دابة قط ،
[ ص: 292 ] وكان ملازما لحضور الجنائز ، متواضعا ، وكان يقول إني لأعرف رجلا ، كان تمضي عليه الأيام في وقت طلبه العلم ، ليس له عيش إلا ورق الكرنب الذي يرمى ، وسمعت من كل من سمعت منه في البلدان ماشيا إليهم على قدمي .
قال
ابن لبابة الحافظ : كان
بقي من عقلاء الناس وأفاضلهم ، وكان
أسلم بن عبد العزيز يقدمه على جميع من لقيه بالمشرق ، ويصف زهده ، ويقول : ربما كنت أمشي معه في أزقة قرطبة ، فإذا نظر في موضع خال إلى ضعيف محتاج أعطاه أحد ثوبيه .
وذكر
أبو عبيدة صاحب القبلة قال : كان بقي يختم القرآن كل ليلة ، في ثلاث عشرة ركعة ، وكان يصلي بالنهار مائة ركعة ، ويصوم الدهر .
وكان كثير الجهاد ، فاضلا ، يذكر عنه أنه رابط اثنتين وسبعين غزوة .
ونقل بعض العلماء من كتاب لحفيد
بقي عبد الرحمن بن أحمد : سمعت أبي يقول : رحل أبي من
مكة إلى
بغداد ، وكان رجلا بغيته ملاقاة
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل . قال : فلما قربت بلغتني المحنة ، وأنه ممنوع ، فاغتممت غما شديدا ، فاحتللت
بغداد ، واكتريت بيتا في فندق ، ثم أتيت الجامع وأنا أريد أن أجلس إلى الناس ، فدفعت إلى حلقة نبيلة ، فإذا برجل يتكلم في
[ ص: 293 ] الرجال ، فقيل لي : هذا
nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين . ففرجت لى فرجة ، فقمت إليه ، فقلت : يا
أبا زكريا : -رحمك الله- رجل غريب ناء عن وطنه ، يحب السؤال ، فلا تستجفني ، فقال : قل . فسألت عن بعض من لقيته ، فبعضا زكى ، وبعضا جرح ، فسألته عن
هشام بن عمار ، فقال لي :
أبو الوليد ، صاحب صلاة
دمشق ، ثقة ، وفوق الثقة ، لو كان تحت ردائه كبر ، أو متقلدا كبرا ، ما ضره شيئا لخيره وفضله ، فصاح أصحاب الحلقة : يكفيك -رحمك الله- غيرك له سؤال .
فقلت -وأنا واقف على قدم : اكشف عن رجل واحد :
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل ، فنظر إلي كالمتعجب ، فقال لي : ومثلنا ، نحن نكشف عن
أحمد ؟ ! ذاك إمام المسلمين ، وخيرهم وفاضلهم . فخرجت أستدل على منزل
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل ، فدللت عليه ، فقرعت بابه ، فخرج إلي .
فقلت : يا
أبا عبد الله : رجل غريب ، نائي الدار ، هذا أول دخولي هذا البلد ، وأنا طالب حديث ومقيد سنة ، ولم تكن رحلتي إلا إليك ، فقال : ادخل الأصطوان ولا يقع عليك عين . فدخلت ، فقال لي : وأين موضعك ؟ قلت : المغرب الأقصى . فقال :
إفريقية ؟ قلت : أبعد من
إفريقية ، أجوز من بلدي البحر إلى
إفريقية ، بلدي
الأندلس ، قال : إن موضعك لبعيد ، وما كان شيء أحب إلي من أن أحسن عون مثلك ، غير أني ممتحن بما لعله قد بلغك .
فقلت : بلى ، قد بلغني ، وهذا أول دخولي ، وأنا مجهول العين عندكم ، فإن أذنت لي أن آتي كل يوم في زي السؤال ، فأقول عند الباب ما يقوله السؤال ، فتخرج إلى هذا الموضع ، فلو لم تحدثني كل يوم إلا بحديث واحد ، لكان لي فيه كفاية . فقال لي : نعم ، على شرط أن لا تظهر في الخلق ، ولا عند المحدثين .
فقلت : لك شرطك ، فكنت آخذ عصا بيدي ، وألف رأسي بخرقة مدنسة ، وآتي بابه فأصيح : الأجر -رحمك الله- والسؤال هناك كذلك ، فيخرج إلي ، ويغلق ،
[ ص: 294 ] ويحدثني بالحديثين والثلاثة والأكثر ، فالتزمت ذلك حتى مات الممتحن له ، وولي بعده من كان على مذهب السنة ، فظهر
أحمد ، وعلت إمامته ، وكانت تضرب إليه آباط الإبل ، فكان يعرف لي حق صبري ، فكنت إذا أتيت حلقته فسح لي ، ويقص على أصحاب الحديث قصتي معه ، فكان يناولني الحديث مناولة ويقرؤه علي وأقرؤه عليه ، واعتللت في خلق معه . ذكر الحكاية بطولها .
نقلها
القاسم بن بشكوال في بعض تآليفه ، ونقلتها أنا من خط شيخنا
أبي الوليد بن الحاج ، وهي منكرة ، وما وصل
ابن مخلد إلى
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد إلا بعد الثلاثين ومائتين ، وكان قد قطع الحديث من أثناء سنة ثمان وعشرين ، وما روى بعد ذلك ولا حديثا واحدا ، إلى أن مات
ولما زالت المحنة سنة اثنتين وثلاثين ، وهلك
الواثق ، واستخلف
المتوكل ، وأمر المحدثين بنشر أحاديث الرؤية وغيرها ، امتنع
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد من التحديث ، وصمم على ذلك ، ما عمل شيئا غير أنه كان يذاكر بالعلم والأثر ، وأسماء الرجال والفقه ، ثم لو كان بقي سمع منه ثلاثمائة حديث ، لكان طرز بها " مسنده " ، وافتخر بالرواية عنه . فعندي مجلدان من " مسنده " ، وما فيهما عن
أحمد كلمة .
ثم بعدها حكاية أنكر منها ، فقال : نقلت من خط حفيده
عبد الرحمن [ ص: 295 ] بن أحمد بن بقي ، حدثني أبي ، أخبرتني أمي أنها رأت أبي مع رجل طوال جدا ، فسألته عنه ، فقال : أرجو أن تكوني امرأة صالحة ، ذاك
الخضر -عليه السلام .
ونقل
عبد الرحمن هذا عن جده أشياء ، الله أعلم بصحتها ، ثم قال : كان جدي قد قسم أيامه على أعمال البر : فكان إذا صلى الصبح قرأ حزبه من القرآن في المصحف ، سدس القرآن ، وكان أيضا يختم القرآن في الصلاة في كل يوم وليلة ، ويخرج كل ليلة في الثلث الأخير إلى مسجده ، فيختم قرب انصداع الفجر .
وكان يصلي بعد حزبه من المصحف صلاة طويلة جدا ، ثم ينقلب إلى داره -وقد اجتمع في مسجده الطلبة- فيجدد الوضوء ، ويخرج إليهم ، فإذا انقضت الدول ، صار إلى صومعة المسجد ، فيصلي إلى الظهر ، ثم يكون هو المبتدئ بالأذان ، ثم يهبط ثم يسمع إلى العصر ، ويصلي ويسمع ، وربما خرج في بقية النهار ، فيقعد بين القبور يبكي ويعتبر .
فإذا غربت الشمس أتى مسجده ، ثم يصلي ، ويرجع إلى بيته فيفطر ، وكان يسرد الصوم إلا يوم الجمعة ، ويخرج إلى المسجد ، فيخرج إليه جيرانه ، فيتكلم معهم في دينهم ودنياهم ، ثم يصلي العشاء ، ويدخل بيته ، فيحدث أهله ، ثم ينام نومة قد أخذتها نفسه ، ثم يقوم . هذا دأبه إلى أن توفي .
وكان جلدا ، قويا على المشي ، قد مشى مع ضعيف في مظلمة إلى
إشبيلية ، ومشى مع آخر إلى
إلبيرة ، ومع امرأة ضعيفة إلى جيان .
[ ص: 296 ]
قلت : وهم بعض الناس ، وقال : مات سنة ثلاث وسبعين ومائتين .
بل الصواب أنه توفي لليلتين بقيتا من جمادى الآخرة ، سنة ست وسبعين ومائتين ورخه
عبد الله بن يونس وغيره .
ومن مناقبه أنه كان من كبار المجاهدين في سبيل الله ، يقال : شهد سبعين غزوة .
ومن حديثه : أخبرني
محمد بن عطاء الله بالإسكندرية ، أخبرنا
عبد الرحمن بن مكي في سنة ست وأربعين وستمائة ، أنبأنا
خلف بن عبد الملك الحافظ ، أخبرنا
أبو محمد بن عتاب ، أخبرنا
الحافظ أبو عمر النمري ، أخبرنا
محمد بن عبد الملك ، حدثنا
عبد الله بن ] يونس ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15549بقي بن مخلد ، حدثنا
هانئ بن المتوكل ، عن
معاوية بن صالح ، عن رجل ، عن
مجاهد ، عن
علي -رضي الله عنه- قال : لولا أني أنسى ذكر الله ، ما تقربت إلى الله إلا بالصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول :
قال جبريل : يا محمد ! إن الله يقول : من صلى عليك عشر مرات استوجب الأمان من سخطه .