صفحة جزء
ابن قتيبة

العلامة الكبير ، ذو الفنون أبو محمد ، عبد الله بن مسلم بن قتيبة [ ص: 297 ] الدينوري ، وقيل : المروزي ، الكاتب ، صاحب التصانيف . نزل بغداد ، وصنف وجمع ، وبعد صيته .

حدث عن : إسحاق ابن راهويه ، ومحمد بن زياد بن عبيد الله الزيادي ، وزياد بن يحيى الحساني ، وأبي حاتم السجستاني ، وطائفة .

حدث عنه : ابنه القاضي أحمد بن عبد الله ، بديار مصر ، وعبيد الله السكري ، وعبيد الله بن أحمد بن بكر ، وعبد الله بن جعفر بن درستويه النحوي ، وغيرهم .

قال أبو بكر الخطيب : كان ثقة دينا فاضلا . ذكر تصانيفه : " غريب القرآن " ، " غريب الحديث " ، كتاب " المعارف " ، كتاب " مشكل القرآن " ، كتاب " مشكل الحديث " ، كتاب " أدب الكاتب " ، كتاب " عيون الأخبار " ، كتاب " طبقات الشعراء " ، كتاب " إصلاح الغلط " ، كتاب " الفرس " ، كتاب " الهجو " ، كتاب " المسائل " ، كتاب " أعلام النبوة " ، كتاب " الميسر " ، كتاب " الإبل " ، كتاب " الوحش " ، كتاب " الرؤيا " ، كتاب " الفقه " ، كتاب " معاني الشعر " ، كتاب " جامع النحو " ، كتاب " الصيام " ، كتاب " أدب القاضي " ، كتاب " الرد على من يقول بخلق القرآن " ، كتاب " إعراب [ ص: 298 ] القرآن " ، كتاب " القراءات " ، كتاب " الأنواء " ، كتاب " التسوية بين العرب والعجم " ، كتاب " الأشربة " . وقد ولي قضاء الدينور ، وكان رأسا في علم اللسان العربي ، والأخبار وأيام الناس .

وقال أبو بكر البيهقي : كان يرى رأي الكرامية . ونقل صاحب " مرآة الزمان " ، بلا إسناد عن الدارقطني ، أنه قال : كان ابن قتيبة يميل إلى التشبيه .

قلت : هذا لم يصح ، وإن صح عنه ، فسحقا له ، فما في الدين محاباة . [ ص: 299 ]

وقال مسعود السجزي : سمعت أبا عبد الله الحاكم يقول : أجمعت الأمة على أن القتبي كذاب .

قلت : هذه مجازفة وقلة ورع ، فما علمت أحدا اتهمه بالكذب قبل هذه القولة ، بل قال الخطيب : إنه ثقة . وقد أنبأني أحمد بن سلامة ، عن حماد الحراني أنه سمع السلفي ينكر على الحاكم في قوله : لا تجوز الرواية عن ابن قتيبة . ويقول : ابن قتيبة من الثقات ، وأهل السنة . ثم قال : لكن الحاكم قصده لأجل المذهب .

قلت : عهدي بالحاكم يميل إلى الكرامية ، ثم ما رأيت لأبي محمد في كتاب " مشكل الحديث " ما يخالف طريقة المثبتة والحنابلة ، ومن أن أخبار الصفات تمر ولا تتأول ، فالله أعلم .

وكان ابنه أحمد حفظة ، فحفظ مصنفات أبيه ، وحدث بها بمصر لما ولي قضاءها من حفظه ، واجتمع لسماعها الخلق سنة نيف وعشرين وثلاثمائة ، وكان يقول : إن والده أبا محمد لقنه إياها . وما أحسن قول نعيم بن حماد ، الذي سمعناه بأصح إسناد عن محمد بن إسماعيل الترمذي ، أنه سمعه يقول : من شبه الله بخلقه ، فقد كفر ، ومن أنكر ما وصف الله به نفسه ، فقد كفر ، وليس ما وصف به نفسه ولا رسوله تشبيها .

قلت : أراد أن الصفات تابعة للموصوف ، فإذا كان الموصوف تعالى : ليس كمثله شيء في ذاته المقدسة ، فكذلك [ ص: 300 ] صفاته لا مثل لها ، إذ لا فرق بين القول في الذات والقول في الصفات ، وهذا هو مذهب السلف .

قال أبو الحسين أحمد بن جعفر بن المنادي : مات أبو محمد بن قتيبة فجاءة ، صاح صيحة سمعت من بعد ، ثم أغمي عليه ، وكان أكل هريسة ، فأصاب حرارة ، فبقي إلى الظهر ، ثم اضطرب ساعة ، ثم هدأ ، فما زال يتشهد إلى السحر ، ومات -سامحه الله- وذلك في شهر رجب ، سنة ست وسبعين ومائتين .

والرجل ليس بصاحب حديث ، وإنما هو من كبار العلماء المشهورين ، عنده فنون جمة ، وعلوم مهمة . قرأت على مسند حلب أبي سعيد سنقر بن عبد الله أخبرنا عبد اللطيف بن يوسف ، أخبرنا أحمد بن المبارك المرقعاتي ، أخبرنا جدي لأمي ثابت بن بندار ، أخبرنا عبد الله بن إسحاق اللبان ، في سنة ثمان وعشرين وأربعمائة ، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسحاق الحافظ ، أخبرنا الهيثم بن كليب ببخارى سنة 334 ، حدثنا أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة ، حدثني الزيادي ، حدثني عيسى بن يونس ، عن الأعمش ، عن أبي إسحاق ، عن عبد خير ، قال : قال علي بن أبي طالب : ما كنت أرى أن أعلى القدم أحق من باطنها ، حتى رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمسح على قدميه [ ص: 301 ]

قال قاسم بن أصبغ : سمع ابن قتيبة يقول : أنا أكثر أوضاعا من أبي عبيد ، له اثنان وعشرون وضعا ، ولي سبعة وعشرون . ثم قال قاسم : وله في الفقه كتاب ، وله عن ابن راهويه شيء كثير . ق .

قيل لابن أصبغ : فكتابه في الفقه كان ينفق عنه قال : لا والله ، لقد ذاكرت الطبري ، وابن سريج ، وكانا من أهل النظر ، وقلت : كيف كتاب ابن قتيبة في الفقه ؟ فقالا : ليس بشيء ، ولا كتاب أبي عبيد في الفقه ، أما ترى كتابه في " الأموال " ، وهو أحسن كتبه ، كيف بني على غير أصل ، واحتج بغير صحيح ثم قالا : ليس هؤلاء لهذا ، بالحري أن تصح لهما اللغة ، فإذا أردت الفقه ، فكتب الشافعي وداود ونظرائهما .

قال قاسم بن أصبغ : كنا عند ابن قتيبة ، فأتوه بأيديهم المحابر ، فقال : اللهم سلمنا منهم . فقعدوا ، ثم قالوا : حدثنا -رحمك الله- قال : ليس أنا ممن يحدث ، إنما هذه الأوضاع ، فمن أحب؟ قالوا له : ما يحل لك هذا ، فحدثنا بما عندك عن إسحاق بن راهويه ، فإنا لا نجد فيه إلا طبقتك ، وأنت [ ص: 302 ] عندنا أوثق . قال : لست أحدث . ثم قال لهم : تسألون أن أحدث ، وببغداد ثمانمائة محدث ، كلهم مثل مشايخي ! ، لست أفعل . فلم يحدثهم بشيء .

التالي السابق


الخدمات العلمية