عبد الله بن الزبير ( ع )
ابن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة ، أمير المؤمنين ، أبو بكر ؛ وأبو خبيب ، القرشي الأسدي المكي ثم المدني ، أحد الأعلام ، ولد الحواري الإمام أبي عبد الله ، ابن عمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحواريه .
مسنده نحو من ثلاثة وثلاثين حديثا . اتفقا له على حديث واحد ، وانفرد
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بستة أحاديث ،
ومسلم بحديثين .
كان
عبد الله أول مولود
للمهاجرين بالمدينة . ولد سنة اثنتين وقيل : سنة إحدى .
[ ص: 364 ]
وله صحبة ، ورواية أحاديث . عداده في صغار الصحابة ، وإن كان كبيرا في العلم ، والشرف ، والجهاد ، والعبادة .
وقد روى أيضا عن أبيه ، وجده لأمه
الصديق ، وأمه
أسماء ، وخالته
عائشة ، وعن
عمر ،
وعثمان ، وغيرهم .
حدث عنه أخوه
عروة الفقيه ، وابناه
عامر ،
وعباد ، وابن أخيه
محمد بن عروة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16536وعبيدة السلماني ،
nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس ،
nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=12531وابن أبي مليكة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16705وعمرو بن دينار ،
وثابت البناني ،
nindex.php?page=showalam&ids=11862وأبو الزبير المكي ،
nindex.php?page=showalam&ids=11813وأبو إسحاق السبيعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=17283ووهب بن كيسان ،
nindex.php?page=showalam&ids=16001وسعيد بن ميناء ، وحفيداه :
مصعب بن ثابت بن عبد الله ،
ويحيى بن عباد بن عبد الله ،
nindex.php?page=showalam&ids=17245وهشام بن عروة ،
وفاطمة بنت المنذر بن الزبير وآخرون .
وكان فارس
قريش في زمانه ، وله مواقف مشهودة . قيل : إنه شهد
اليرموك وهو مراهق ، وفتح
المغرب ، وغزو
القسطنطينية ، ويوم الجمل مع خالته .
وبويع بالخلافة عند موت
يزيد سنة أربع وستين ، وحكم على
الحجاز ،
واليمن ،
ومصر ،
والعراق ،
وخراسان ، وبعض
الشام . ولم يستوسق له الأمر ، ومن ثم لم يعده بعض العلماء في أمراء المؤمنين ، وعد دولته زمن فرقة ، فإن
مروان غلب على
الشام ثم
مصر ، وقام عند مصرعه ابنه
nindex.php?page=showalam&ids=16491عبد الملك بن مروان ، وحارب
ابن الزبير ، وقتل
ابن الزبير - رحمه الله - فاستقل بالخلافة
عبد الملك وآله ، واستوسق لهم الأمر ، إلى أن قهرهم
بنو العباس بعد ملك ستين عاما .
قيل : إن
ابن الزبير أدرك من حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثمانية أعوام وأربعة أشهر ، وكان ملازما للولوج على رسول الله ، لكونه من آله ، فكان يتردد إلى
[ ص: 365 ] بيت خالته
عائشة .
شعيب بن إسحاق : عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن أبيه وزوجته
فاطمة قالا :
nindex.php?page=hadith&LINKID=879912خرجت أسماء حين هاجرت حبلى ، فنفست بعبد الله بقباء . قالت أسماء : فجاء عبد الله بعد سبع سنين ليبايع النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره بذلك أبوه الزبير ، فتبسم النبي - صلى الله عليه وسلم - حين رآه مقبلا ، ثم بايعه .
حديث غريب وإسناده قوي .
قال
الواقدي : عن
مصعب بن ثابت ، عن
يتيم عروة أبي الأسود قال :
لما قدم المهاجرون ، أقاموا لا يولد لهم . فقالوا : سحرتنا يهود ، حتى كثرت القالة في ذلك ، فكان أول مولود ابن الزبير ، فكبر المسلمون تكبيرة واحدة حتى ارتجت المدينة ، وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر ، فأذن في أذنيه بالصلاة .
وقال
مصعب بن عبد الله ؛ عن أبيه ، قال : كان عارضا
ابن الزبير خفيفين ، فما اتصلت لحيته حتى بلغ الستين .
وفي
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
عروة ، أن
الزبير أركب ولده
عبد الله يوم
اليرموك فرسا وهو ابن عشر سنين ، ووكل به رجلا .
[ ص: 366 ] nindex.php?page=showalam&ids=13941التبوذكي : حدثنا
هنيد بن القاسم : سمعت
عامر بن عبد الله بن الزبير : سمعت أبي يقول : إنه أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يحتجم ، فلما فرغ ، قال : يا عبد الله ! اذهب بهذا الدم فأهرقه حيث لا يراك أحد ، فلما برز عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمد إلى الدم ، فشربه ، فلما رجع ، قال : ما صنعت بالدم ؟ قال : عمدت إلى أخفى موضع علمت ، فجعلته فيه ، قال : لعلك شربته ؟ قال : نعم . قال : ولم شربت الدم ؟ ويل للناس منك ، وويل لك من الناس .
قال
موسى التبوذكي : فحدثت به
أبا عاصم ، فقال : كانوا يرون أن القوة التي به من ذلك الدم .
رواه
أبو يعلى في " مسنده " وما علمت في
هنيد جرحة .
خالد الحذاء : عن
يوسف أبي يعقوب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=7768محمد بن حاطب ، والحارث ، قالا : طالما حرص
ابن الزبير على الإمارة ، قلت : وما ذلك ؟ قالا : أتي رسول - صلى الله عليه وسلم - بلص ، فأمر بقتله . فقيل : إنه سرق . فقال : اقطعوه . ثم جيء به في إمرة
أبي بكر ، وقد سرق ، وقد قطعت قوائمه . فقال
أبو بكر : ما أجد لك شيئا إلا ما قضى فيك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أمر بقتلك . فأمر بقتله أغيلمة من أبناء
المهاجرين أنا فيهم . فقال
ابن الزبير أمروني عليكم . فأمرناه ، فانطلقنا به إلى
البقيع ، فقتلناه . . هذا خبر منكر فالله أعلم .
[ ص: 367 ]
قال
الحارث بن عبيد : حدثنا
أبو عمران الجوني أن
نوفا البكالي قال : إني لأجد في كتاب الله المنزل أن
ابن الزبير فارس الخلفاء .
مهدي بن ميمون ، حدثنا
محمد بن أبي يعقوب ، أن
معاوية كان يلقى
ابن الزبير ، فيقول : مرحبا بابن عمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
وابن حواري رسول الله ، ويأمر له بمائة ألف .
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة ، قال : ذكر
ابن الزبير عند
ابن عباس ، فقال : قارئ لكتاب الله ، عفيف في الإسلام ، أبوه
الزبير ، وأمه
أسماء ، وجده
أبو بكر ، وعمته
خديجة ، وخالته
عائشة ، وجدته
صفية . والله إني لأحاسب له نفسي محاسبة لم أحاسب بها
لأبي بكر وعمر .
مسلم الزنجي : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار يقول : ما رأيت مصليا قط أحسن صلاة من
عبد الله بن الزبير . .
عبد الصمد بن عبد الوارث : حدثتنا
ماطرة المهرية ، حدثتني خالتي
أم جعفر بنت النعمان : أنها سلمت على
أسماء بنت أبي بكر ، وعندها
ابن الزبير ، فقالت : قوام الليل ، صوام النهار ، وكان يسمى حمامة المسجد .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة : قال لي
عمر بن عبد العزيز : إن في قلبك من
ابن [ ص: 368 ] الزبير . قلت : لو رأيته ما رأيت مناجيا ولا مصليا مثله .
وروى
حبيب بن الشهيد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة ، قال : كان
ابن الزبير يواصل سبعة أيام ، ويصبح في اليوم السابع وهو أليثنا .
قلت : لعله ما بلغه النهي عن الوصال . ونبيك - صلى الله عليه وسلم - بالمؤمنين رءوف رحيم ، وكل من واصل ، وبالغ في تجويع نفسه ، انحرف مزاجه ، وضاق خلقه ، فاتباع السنة أولى ، ولقد كان
ابن الزبير مع ملكه صنفا في العبادة .
أخبرنا
إسحاق بن طارق ، أخبرنا
ابن خليل ، أخبرنا
أحمد بن محمد ، أخبرنا
الحداد ، أخبرنا
أبو نعيم ، أخبرنا
أبو حامد بن جبلة ، حدثنا
محمد بن إسحاق ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14273أحمد بن سعيد الدارمي ، حدثنا
أبو عاصم ، عن
عمر بن قيس ، قال : كان
لابن الزبير مائة غلام ، يكلم كل غلام منهم بلغة أخرى ، فكنت إذا نظرت إليه في أمر آخرته ، قلت : هذا رجل لم يرد الدنيا طرفة عين . وإذا نظرت إليه في أمر دنياه ، قلت : هذا رجل لم يرد الله طرفة عين .
وقال
مجاهد : كان
ابن الزبير إذا قام إلى الصلاة ، كأنه عود ، وحدث
[ ص: 369 ] أن
أبا بكر - رضي الله عنه - كان كذلك .
قال
ثابت البناني : كنت أمر
بابن الزبير ، وهو خلف المقام يصلي ، كأنه خشبة منصوبة لا تتحرك .
روى
nindex.php?page=showalam&ids=17411يوسف بن الماجشون ، عن الثقة يسنده ، قال : قسم
ابن الزبير الدهر على ثلاث ليال ؛ فليلة هو قائم حتى الصباح ، وليلة هو راكع حتى الصباح ، وليلة هو ساجد حتى الصباح .
nindex.php?page=showalam&ids=17353يزيد بن إبراهيم التستري : عن
عبد الله بن سعيد ، عن
مسلم بن يناق ، قال : ركع
ابن الزبير يوما ركعة ، فقرأنا بالبقرة وآل عمران والنساء والمائدة وما رفع رأسه .
قلت : وهذا ما بلغ
ابن الزبير فيه حديث النهي .
قال
يزيد بن إبراهيم : عن
nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار ، قال : كان
ابن الزبير يصلي في
الحجر ، والمنجنيق يصب توبه فما يلتفت ، يعني : لما حاصروه .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن
ابن المنكدر قال : لو رأيت
ابن الزبير يصلي كأنه غصن تصفقه الريح ، وحجر المنجنيق يقع هاهنا .
أبو بكر بن عياش ، عن
أبي إسحاق قال : ما رأيت أحدا أعظم
[ ص: 370 ] سجدة بين عينيه من
ابن الزبير .
مصعب بن عبد الله : حدثنا أبي ، عن
عمر بن قيس ، عن أمه ؛ أنها دخلت على
ابن الزبير بيته ، فإذا هو يصلي ، فسقطت حية على ابنه
هاشم ، فصاحوا : الحية الحية ، ثم رموها ، فما قطع صلاته .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=17188ميمون بن مهران : رأيت
ابن الزبير يواصل من الجمعة إلى الجمعة ، فإذا أفطر ، استعان بالسمن حتى يلين .
ليث عن
مجاهد : ما كان باب من العبادة يعجز عنه الناس إلا تكلفه
ابن الزبير ، ولقد جاء سيل طبق البيت ، فطاف سباحة .
وعن
عثمان بن طلحة ، قال : كان ابن الزبير لا ينازع في ثلاثة : شجاعة ، ولا عبادة ، ولا بلاغة .
إبراهيم بن سعد : عن
الزهري ، عن
أنس ؛ أن
عثمان أمر
زيدا ،
وابن الزبير ،
nindex.php?page=showalam&ids=74وسعيد بن العاص ،
nindex.php?page=showalam&ids=16334وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، فنسخوا المصاحف ، وقال : إذا اختلفتم أنتم
وزيد في شيء ، فاكتبوه بلسان
قريش ؛ فإنما نزل بلسانهم .
قال
أبو نعيم : حدثنا
عبد الواحد بن أيمن قال : رأيت على
ابن الزبير رداء عدنيا يصلي فيه ، وكان صيتا ، إذا خطب ، تجاوب الجبلان . وكانت له جمة إلى العنق ، ولحيته صفراء .
[ ص: 371 ] مصعب بن عبد الله ، حدثنا أبي ،
والزبير بن خبيب قالا : قال
ابن الزبير : هجم علينا
جرجير في عشرين ومائة ألف ، فأحاطوا بنا ونحن في عشرين ألفا - يعني : نوبة إفريقية .
قال : واختلف الناس على
ابن أبي سرح ، فدخل فسطاطه ، فرأيت غرة من
جرجير ؛ بصرت به خلف عساكره على برذون أشهب ، معه جاريتان تظللان عليه بريش الطواويس ، بينه وبين جيشه أرض بيضاء ، فأتيت أميرنا
ابن أبي سرح ، فندب لي الناس ، فاخترت ثلاثين فارسا ، وقلت لسائرهم : البثوا على مصافكم ، وحملت ، وقلت لهم : احموا ظهري ، فخرقت الصف إلى
جرجير ، وخرجت صامدا ، وما يحسب هو ولا أصحابه إلا أني رسول إليه ، حتى دنوت منه ، فعرف الشر ، فثابر برذونه موليا ، فأدركته ، فطعنته ، فسقط ، ثم احتززت رأسه فنصبته على رمحي ، وكبرت ، وحمل المسلمون ، فارفض العدو ومنح الله أكتافهم .
معمر : عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، قال : أخذ
ابن الزبير من وسط القتلى يوم الجمل ، وبه بضع وأربعون ضربة وطعنة .
وقيل : إن
عائشة أعطت يومئذ لمن بشرها بسلامته عشرة آلاف . وعن
عروة ، قال : لم يكن أحد أحب إلى
عائشة بعد رسول الله من
أبي بكر ، وبعده
ابن الزبير .
[ ص: 372 ]
قال
الواقدي : حدثنا
ربيعة بن عثمان ،
وابن أبي سبرة وغيرهما قالوا : جاء نعي
يزيد في ربيع الأخر سنة أربع وستين ، فقام
ابن الزبير ، فدعا إلى نفسه ، وبايعه الناس . فدعا
ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=12691وابن الحنفية إلى بيعته ، فامتنعا ، وقالا : حتى يجتمع لك الناس ، فداراهما سنتين ، ثم إنه أغلظ لهما ، ودعاهما ، فأبيا .
قال
مصعب بن عبد الله وغيره : كان يقال
لابن الزبير : عائذ بيت الله .
وقال
ابن سعد : أخبرنا
محمد بن عمر ، حدثنا
عبد الله بن جعفر ، عن عمته
أم بكر ، قال : وحدثني
شرحبيل بن أبي عون ، عن أبيه ، وحدثنا
ابن أبي الزناد وغيرهم قالوا : لما نزل
ابن الزبير بالمدينة في خلافة
معاوية ، إلى أن قالوا : فخرج
ابن الزبير إلى
مكة ، ولزم الحجر ، ولبس المعافري ، وجعل يحرض على
بني أمية ، ومشى إلى
يحيى بن حكيم الجمحي والي
مكة فبايعه
ليزيد ، فلم يرض
يزيد حتى يؤتى به في جامعة ووثاق ، فقال له ولده
معاوية بن يزيد : ادفع عنك الشر ما اندفع ، فإن
ابن الزبير لجوج لا يطيع لهذا أبدا ، فكفر عن يمينك ، فغضب ، وقال : إن في أمرك لعجبا ! قال : فادع
عبد الله بن جعفر ، فاسأله عما أقول .
فدعاه ، فقال له : أصاب ابنك
أبو ليلى . فأبى أن يقبل ، وامتنع
ابن الزبير أن يذل نفسه ، وقال : اللهم إني عائذ بيتك ، فقيل له : عائذ البيت . وبقي لا يعرض له أحد . فكتب
يزيد إلى
عمرو الأشدق والي
المدينة أن يجهز إلى
ابن الزبير جندا ، فندب لقتاله أخاه
عمرو بن الزبير في ألف ، فظفر
ابن الزبير بأخيه بعد قتال ، فعاقبه . وأخر عن
[ ص: 373 ] الصلاة
بمكة الحارث بن يزيد ، وقرر
مصعب بن عبد الرحمن بن عوف ، وكان لا يقطع أمرا دون
المسور بن مخرمة ،
ومصعب بن عبد الرحمن ،
وجبير بن شيبة ،
وعبد الله بن صفوان بن أمية ، فكان يشاورهم في أمره كله ، ويريهم أن الأمر شورى بينهم لا يستبد بشيء منه دونهم ويصلي بهم الجمعة ، ويحج بهم بلا إمرة . وكانت
الخوارج وأهل الفتن قد أتوه ، وقالوا : عائذ بيت الله ، ثم دعا إلى نفسه ، وبايعوه ، وفارقته
الخوارج .
فولى على
المدينة أخاه
مصعبا ، وعلى
البصرة nindex.php?page=showalam&ids=14966الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة ، وعلى
الكوفة عبد الله بن مطيع ، وعلى
مصر عبد الرحمن بن جحدم الفهري ، وعلى
اليمن ، وعلى
خراسان ، وأمر على
الشام الضحاك بن قيس ، فبايع له عامة
أهل الشام ، وأبت طائفة ، والتفت على
nindex.php?page=showalam&ids=17065مروان بن الحكم ، وجرت أمور طويلة ، وحروب مزعجة ، وجرت وقعة مرج راهط وقتل ألوف من العرب ، وقتل
الضحاك ، واستفحل أمر
مروان إلى أن غلب على
الشام ، وسار في جيش عرمرم ، فأخذ
مصر ، واستعمل عليها ولده
عبد العزيز ، ثم دهمه الموت ، فقام بعده ولده الخليفة
عبد الملك ، فلم يزل يحارب
ابن الزبير حتى ظفر به بعد أن سار إلى
العراق ، وقتل
مصعب بن الزبير .
قال
شعيب بن إسحاق : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن أبيه ؛ أن
يزيد كتب إلى
ابن الزبير : إني قد بعثت إليك بسلسلة فضة ، وقيدا من ذهب ، وجامعة من فضة ، وحلفت لتأتيني في ذلك ، فألقى الكتاب ، وأنشد :
ولا ألين لغير الحق أسأله حتى يلين لضرس الماضغ الحجر
[ ص: 374 ]
قلت : ثم جهز
يزيد جيشا ستة آلاف ، إذ بلغه أن
أهل المدينة خلعوه ، فجرت وقعة
الحرة وقتل نحو ألف من
أهل المدينة ، ثم سار الجيش ، عليهم
حصين بن نمير ، فحاصروا
الكعبة ، وبها
ابن الزبير ، وجرت أمور عظيمة ، فقلع الله
يزيد ، وبايع
حصين وعسكره
ابن الزبير بالخلافة ، ورجعوا إلى
الشام .
قال
شباب : حضر
ابن الزبير الموسم سنة ثنتين وسبعين ، فحج بالناس ، وحج
بأهل الشام الحجاج ، ولم يطوفوا بالبيت .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة : أول من كسا
الكعبة الديباج
ابن الزبير ، وكان يطيبها حتى يوجد ريحها من طرف
الحرم ، وكانت كسوتها قبله الأنطاع .
قال
عبد الله بن شعيب الحجبي : إن
المهدي لما جرد
الكعبة ، كان فيما نزع عنها كسوة
ابن الزبير من ديباج مكتوب عليها "
لعبد الله أبي بكر أمير المؤمنين " .
وقال
الأعمش : عن
أبي الضحى : رأيت على رأس
ابن الزبير مسكا يساوي مالا .
قلت : عيب
ابن الزبير - رضي الله عنه - بشح ، فروى
الثوري ، عن
عبد الملك بن أبي بشير ، عن
عبد الله بن مساور ؛ سمع
ابن عباس يعاتب
ابن [ ص: 375 ] الزبير في البخل ، ويقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
ليس المؤمن الذي يبيت [ شبعان ] وجاره جائع .
وروى
عبيد الله بن عمر ، عن
ليث ، قال : كان
ابن عباس يكثر أن يعنف
ابن الزبير بالبخل ، فقال : كم تعيرني .
يعقوب القمي ، عن
جعفر بن أبي المغيرة ، عن
ابن أبزى ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=879916عن عثمان : أن ابن الزبير قال له حيث حصر : إن عندي نجائب ، فهل لك أن تتحول إلى مكة ، فيأتيك من أراد أن يأتيك ؟ قال : لا . إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : يلحد بمكة كبش من قريش اسمه عبد الله ، عليه مثل نصف أوزار الناس .
رواه
أحمد في " مسنده " وفي إسناده مقال .
[ ص: 376 ] عباس الترقفي ، حدثنا
محمد بن كثير ، عن
الأوزاعي ، عن
يحيى ، عن
أبي سلمة ، عن
عبد الله بن عمرو : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=879917يلحد بمكة رجل من قريش ، يقال له : عبد الله ، عليه نصف عذاب العالم " فوالله لا أكونه ، فتحول منها ، وسكن الطائف .
قلت :
محمد هو المصيصي لين واحتج به
أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي .
أبو النضر : حدثنا
إسحاق بن سعيد ، أخبرنا
سعيد بن عمرو قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=879918أتى عبد الله بن عمرو عبد الله بن الزبير ، فقال : إياك والإلحاد في حرم الله ، فأشهد لسمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : يحلها - وتحل به - رجل من قريش ، لو وزنت ذنوبه بذنوب الثقلين لوزنتها .
قال : فانظر يا ابن عمرو لا تكونه . وذكر الحديث .
شعيب بن أبي حمزة : عن
الزهري ، أخبرني
حمزة بن عبد الله بن عمر وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا [ الحجرات : 9 ] قال : قلت لأبي : من هم ؟ قال :
ابن الزبير بغى على
أهل الشام .
ورواه
يونس ، عن
الزهري ، وفيه : بغى على هؤلاء ، ونكث عهدهم .
الزبير بن بكار : حدثني
خالد بن وضاح ، حدثني
أبو الخصيب نافع مولى آل الزبير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، قال : رأيت الحجر من المنجنيق يهوي حتى أقول : لقد كاد أن يأخذ لحية
ابن الزبير . وسمعته يقول : والله إن أبالي إذا وجدت ثلاثمائة يصبرون صبري لو أجلب علي أهل الأرض .
[ ص: 377 ] قلت : قد كان يضرب بشجاعته المثل .
وعن
المنذر بن جهم قال : رأيت
ابن الزبير يوم قتل وقد خذله من كان معه خذلانا شديدا ، وجعلوا يتسللون إلى
الحجاج ، وجعل
الحجاج يصيح : أيها الناس ! علام تقتلون أنفسكم ؟ من خرج إلينا ، فهو آمن ، لكم عهد الله وميثاقه ورب هذه البنية . لا أغدر بكم ، ولا لنا حاجة في دمائكم .
قال : فتسلل إليه نحو من عشرة آلاف ، فلقد رأيت
ابن الزبير وما معه أحد .
وعن
إسحاق بن أبي إسحاق قال : حضرت قتل
ابن الزبير ؛ جعلت الجيوش تدخل عليه من أبواب المسجد ، فكلما دخل قوم من باب ، حمل عليهم وحده حتى يخرجهم ، فبينا هو على تلك الحال ، إذ وقعت شرفة من شرفات المسجد على رأسه ، فصرعته ، وهو يتمثل :
أسماء يا أسماء لا تبكيني لم يبق إلا حسبي وديني
وصارم لاثت به يميني
قلت : ما إخال أولئك العسكر إلا لو شاءوا ، لأتلفوه بسهامهم ، ولكن حرصوا على أن يمسكوه عنوة ، فما تهيأ لهم ، فليته كف عن القتال لما رأى الغلبة ، بل ليته لا التجأ إلى البيت ، ولا أحوج أولئك الظلمة
والحجاج [ ص: 378 ] لا بارك الله فيه إلى انتهاك حرمة بيت الله وأمنه . فنعوذ بالله من الفتنة الصماء .
الواقدي ، حدثنا
فروة بن زبيد ، عن
عباس بن سهل : سمعت
ابن الزبير يقول : ما أراني اليوم إلا مقتولا ، لقد رأيت في ليلتي كأن السماء فرجت لي ، فدخلتها ، فقد والله مللت الحياة وما فيها ، ولقد قرأ يومئذ في الصبح
ن والقلم حرفا حرفا ، وإن سيفه لمسلول إلى جنبه .
الواقدي : حدثنا
عبد الله بن نافع ، عن أبيه ، قال : سمع
ابن عمر التكبير فيما بين المسجد إلى
الحجون حين قتل
ابن الزبير ، فقال : لمن كبر حين ولد أكثر وخير ممن كبر لقتله .
معمر : عن
أيوب ، عن
ابن سيرين ، قال : قال
ابن الزبير : ما شيء كان يحدثنا
كعب إلا قد أتى على ما قال ، إلا قوله : فتى
ثقيف يقتلني . وهذا رأسه بين يدي ، يعني : المختار الكذاب .
زياد الجصاص : عن
علي بن زيد ، عن
مجاهد ، أن
ابن عمر قال لغلامه : لا تمر بي على
ابن الزبير ، يعني : وهو مصلوب . قال : فغفل الغلام ، فمر به ، فرفع رأسه ، فرآه ، فقال : رحمك الله
أبا خبيب ، ما علمتك إلا صواما قواما ، وصولا لرحمك . أما والله إني لأرجو مع مساوئ ما قد عملت أن لا يعذبك الله . ثم قال : حدثني
أبو بكر الصديق أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=879919من يعمل سوءا يجز به في الدنيا .
[ ص: 379 ]
قال
ابن أبي الدنيا في كتاب " الخلفاء " : صلبوا
ابن الزبير منكسا ، وكان آدم ، نحيفا ، ليس بالطويل ، بين عينيه أثر السجود . بعث عماله إلى المشرق كله
والحجاز .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=15662جويرية بن أسماء : عن جدته ؛ أن
أسماء بنت أبي بكر غسلت
ابن الزبير بعد ما تقطعت أوصاله ، وجاء الإذن من
nindex.php?page=showalam&ids=16491عبد الملك بن مروان عندما أبى
الحجاج أن يأذن لها ، فحنطته ، وكفنته ، وصلت عليه ، وجعلت فيه شيئا حين رأته يتفسخ إذا مسته .
وقال
مصعب بن عبد الله : حملته أمه فدفنته
بالمدينة في دار
صفية أم المؤمنين ، ثم زيدت دار
صفية في المسجد ، فهو مدفون مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يعني بقربه .
قال
ابن إسحاق وعدة : قتل في جمادى الآخرة سنة ثلاث وسبعين .
ووهم
ضمرة وأبو نعيم فقالا : قتل سنة اثنتين .
عاش نيفا وسبعين سنة - رضي الله عنه .
وماتت أمه بعده بشهرين أو نحو ذلك ، ولها قريب من مائة عام .
هي آخر من ماتت من المهاجرات الأول - رضي الله عنها - ، ويقال لها :
ذات النطاقين . كانت أسن من
عائشة بسنوات .
[ ص: 380 ]
روت عدة أحاديث .
حدث عنها أولادها ؛
عبد الله ،
وعروة ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
وفاطمة بنت المنذر ،
nindex.php?page=showalam&ids=12531وابن أبي مليكة ،
nindex.php?page=showalam&ids=17283ووهب بن كيسان ،
nindex.php?page=showalam&ids=16920وابن المنكدر ،
والمطلب بن عبد الله ، وخلق .
وهي وابنها
عبد الله ، وأبوها
أبو بكر ، وجدها
أبو قحافة صحابيون ، أضرت بأخرة .
قال
ابن أبي الزناد : كانت أكبر من
عائشة بعشر سنين . قلت : فعلى هذا يكون عمرها إحدى وتسعين سنة .
وأما
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، فقال : عاشت مائة سنة ، ولم يسقط لها سن . وقد طلقها
الزبير قبل موته زمن
عثمان .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد : كانت
أسماء لا تدخر شيئا لغد .
وقيل : أعتقت عدة مماليك ، وقد استوفيت ترجمتها في " تاريخ الإسلام " رضي الله عنها . ومن أولادها ،
عروة بن الزبير الفقيه . ومنهم :