صفحة جزء
[ ص: 119 ] أبو حيان التوحيدي

الضال الملحد أبو حيان ، علي بن محمد بن العباس ، البغدادي الصوفي ، صاحب التصانيف الأدبية والفلسفية ، ويقال : كان من أعيان الشافعية .

قال ابن بابي في كتاب " الخريدة والفريدة " : كان أبو حيان هذا كذابا قليل الدين والورع عن القذف والمجاهرة بالبهتان ، تعرض لأمور جسام من القدح في الشريعة والقول بالتعطيل ، ولقد وقف سيدنا الوزير الصاحب كافي الكفاة على بعض ما كان يدغله ويخفيه من سوء الاعتقاد ، فطلبه [ ص: 120 ] ليقتله ، فهرب ، والتجأ إلى أعدائه ، ونفق عليهم تزخرفه وإفكه ، ثم عثروا منه على قبيح دخلته وسوء عقيدته ، وما يبطنه من الإلحاد ، ويرومه في الإسلام من الفساد ، وما يلصقه بأعلام الصحابة من القبائح ، ويضيفه إلى السلف الصالح من الفضائح ، فطلبه الوزير المهلبي ، فاستتر منه ، ومات في الاستتار ، وأراح الله ، ولم يؤثر عنه إلا مثلبة أو مخزية .

وقال أبو الفرج بن الجوزي : زنادقة الإسلام ثلاثة : ابن الراوندي ، وأبو حيان التوحيدي ، وأبو العلاء المعري ، وأشدهم على الإسلام أبو حيان ، لأنهما صرحا ، وهو مجمج ولم يصرح .

قلت : وكان من تلامذة علي بن عيسى الرماني ورأيته يبالغ في تعظيم الرماني في كتابه الذي ألفه في تقريظ الجاحظ ، فانظر إلى المادح والممدوح ! وأجود الثلاثة الرماني مع اعتزاله وتشيعه .

وأبو حيان له مصنف كبير في تصوف الحكماء ، وزهاد الفلاسفة ، وكتاب سماه " البصائر والذخائر " وكتاب " الصديق [ ص: 121 ] والصداقة " مجلد ، وكتاب " المقابسات " وكتاب : " مثالب الوزيرين " -يعني : ابن العميد وابن عباد - وغير ذلك .

وهو الذي نسب نفسه إلى التوحيد ، كما سمى ابن تومرت أتباعه بالموحدين ، وكما يسمي صوفية الفلاسفة نفوسهم بأهل الوحدة وبالاتحادية .

أنبأني أحمد بن أبي الخير ، عن محمد بن إسماعيل الطرسوسي ، عن ابن طاهر : سمعت أبا الفتح عبد الوهاب الشيرازي بالري يقول : سمعت أبا حيان التوحيدي يقول : أناس مضوا تحت التوهم ، وظنوا أن الحق معهم ، وكان الحق وراءهم . [ ص: 122 ]

قلت : أنت حامل لوائهم .

قال الشيخ محيي الدين في " تهذيب الأسماء " : أبو حيان من أصحابنا المصنفين ، فمن غرائبه أنه قال في بعض رسائله : لا ربا في الزعفران . ووافقه عليه أبو حامد المروذي .

وقال ابن النجار : له المصنفات الحسنة كالبصائر وغيرها . قال : وكان فقيرا صابرا متدينا ، صحيح العقيدة . سمع جعفرا الخلدي ، وأبا بكر الشافعي ، وأبا سعيد السيرافي ، والقاضي أحمد بن بشر العامري .

روى عنه : علي بن يوسف الفامي ، ومحمد بن منصور بن جيكان وعبد الكريم بن محمد الداودي ، ونصر بن عبد العزيز الفارسي ، ومحمد بن إبراهيم بن فارس الشيرازيون ، وقد لقي الصاحب بن عباد وأمثاله .

قلت : قد سمع منه أبو سعد عبد الرحمن بن ممجة الأصبهاني ، وذلك في سنة أربعمائة ، وهو آخر العهد به .

وقال السلفي : كان نصر بن عبد العزيز ينفرد عن أبي حيان بنكت عجيبة .

وقال أبو نصر السجزي الحافظ فيما يأثره عنه جعفر الحكاك : سمعت أبا سعد الماليني يقول : قرأت الرسالة -يعني : المنسوبة إلى أبي بكر وعمر مع أبي عبيدة إلى علي -رضي الله عنه- على أبي حيان ، فقال : هذه [ ص: 123 ] الرسالة عملتها ردا على الرافضة ، وسببه أنهم كانوا يحضرون مجلس بعض الوزراء ، وكانوا يغلون في حال علي ، فعملت هذه الرسالة .

قلت : قد باء بالاختلاف على علي الصفوة ، وقد رأيتها وسائرها كذب بين .

التالي السابق


الخدمات العلمية