علي بن هلال بن البواب
البغدادي ، مولى معاوية بن أبي سفيان الأموي .
وكان
ابن البواب دهانا يجيد التزويق .
[ ص: 316 ]
وصحب
أبا الحسين بن سمعون الواعظ ، وسمع من
أبي عبيد الله المرزباني ، وقرأ النحو على
أبي الفتح بن جني .
وبرع في تعبير الرؤيا ، وقص على الناس بجامع المنصور ، وله نظم ونثر وإنشاء .
قال
ابن خلكان : هذب
ابن البواب طريقة
ابن مقلة ونقحها ، وكساها طلاوة وبهجة .
وكان يذهب إذهابا فائقا ، وكان في أول أمره مزوقا يصور الدور فيما قيل ، ثم أذهب الكتب ، ثم تعانى الكتابة ، ففاق الأولين والآخرين فيها ، ونادم الوزير
فخر الملك أبا غالب ، وقيل : وعظ بجامع المنصور ، ولم يكن له في عصره ذاك النفاق الذي تهيأ له بعد موته ، لأنه وجد بخطه ورقة قد كتبها إلى كبير يسأله فيها مساعدة صديق له بشيء لا يساوي دينارين ، وقد بسط القول فيها نحو السبعين سطرا ، وقد بيعت بعد ذلك بسبعة عشر دينارا إمامية .
قال
أبو علي بن البناء : حكى لي
أبو طاهر بن الغباري أن
الحسن بن البواب أخبره أن
ابن سهلان استدعاه ، فأبى ، وتكرر
[ ص: 317 ] ذلك . قال : فمضيت إلى
أبي الحسن بن القزويني ، وقلت : ما ينطقه الله به أفعله ، فلما دخلت ، قال : يا
أبا الحسن : اصدق والق من شئت . فعدت ، فإذا على بابي رسل الوزير ، فمضيت معهم ، فلما دخلت ، قال : ما أخرك عنا ؟ فاعتذرت ، ثم قال : رأيت مناما . فقلت : مذهبي تعبير المنام من القرآن . فقال : رضيت . قال : رأيت كأن الشمس والقمر قد اجتمعا وسقطا في حجري . قال وعنده فرح بذلك : كيف يجتمع له الملك والوزارة ؟ قلت : قال الله تعالى :
وجمع الشمس والقمر يقول الإنسان يومئذ أين المفر كلا لا وزر وكررت عليه هذا ثلاثا . قال : فدخل إلى حجرة النساء ، وذهبت ، فلما كان بعد ثلاث ، انحدر إلى واسط على أقبح حال ، وكان قتله هناك .
قال
الخطيب :
ابن البواب صاحب الخط لا أعلمه روى شيئا .
أبو غالب بن الخالة : أخبرنا
محمد بن علي بن نصر الكاتب ، حدثني
أبو الحسن علي بن هلال ابن البواب . . . فذكر حكاية مضمونها : أنه ظفر بربعة ثلاثين جزءا في خزانة بهاء الدولة بخط
أبي علي بن مقلة ، تنقص جزءا ، وأنه كتبه وعتقه ، وقلع جلدا من الأجزاء ، فجلده به . واستجد جلدا للجزء الذي قلع عنه ، فاختفى الجزء الذي كتبه على حذاق الكتاب .
[ ص: 318 ]
قال
محمد بن عبد الملك الهمذاني : توفي
ابن البواب صاحب الخط الحسن في جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة وأربعمائة .
وقال
أبو الفضل بن خيرون في وفاته كذلك وقال : كان من أهل السنة .
قلت : عبث به شاعر ، فقال :
هذا وأنت ابن بواب وذو عدم فكيف لو كنت رب الدار والمال
ولأبي العلاء المعري :
ولاح هلال مثل نون أجادها بماء النضار الكاتب ابن هلال
وقد رثاه
الشريف المرتضى بقوله :
رديت يا ابن هلال والردى عرض لم يحم منه على سخط له البشر
ما ضر فقدك والأيام شاهدة بأن فضلك فيها الأنجم الزهر
أغنيت في الأرض والأقوام كلهم من المحاسن ما لم يغنه المطر
فللقلوب التي أبهجتها حزن وللعيون التي أقررتها سهر
وما لعيش وقد ودعته أرج ولا لليل وقد فارقته سحر
وما لنا بعد أن أضحت مطالعنا مسلوبة منك أوضاع ولا غرر
قال
ابن خلكان : روى
الكلبي nindex.php?page=showalam&ids=15464والهيثم بن عدي أن الناقل للكتابة
[ ص: 319 ] العربية من الحيرة إلى
الحجاز هو
حرب بن أمية . فقيل
لأبي سفيان : ممن أخذ أبوك الكتابة ؟ قال : من
ابن سدرة ، وأخبره أنه أخذها من واضعها
مرامر بن مرة ، قال : وكانت
لحمير كتابة تسمى المسند ، حروفها [ منفصلة ، غير ] متصلة ، وكانوا يمنعون العامة من تعلمها ، فلما جاء الإسلام ، لم يكن بجميع
اليمن من يقرأ ويكتب .
قلت : هذا فيه نظر ، فقد كان بها خلق من أحبار
اليهود يكتبون ، بالعبراني .
إلى أن قال : فجميع كتابات الأمم اثنتا عشرة كتابة ، وهي : العربية ، والحميرية ، واليونانية ، والفارسية ، والرومية ، والسريانية ، والقبطية ، والبربرية ، والأندلسية ، والهندية ، والصينية ، والعبرانية ، فخمس منها ذهبت : الحميرية ، واليونانية ، والقبطية ، والبربرية ، والأندلسية . وثلاث لا تعرف ببلاد الإسلام : الرومية ، والصينية ، والهندية .
قلت : الكتابة مسلمة
لابن البواب ، كما أن أقرأ الأمة
أبي بن كعب ، وأقضاهم
علي ، وأفرضهم
زيد ، وأعلمهم بالتأويل
ابن عباس ، وأمينهم
أبو عبيدة ، وعابرهم
nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين ، وأصدقهم لهجة
أبو ذر ، وفقيه الأمة
مالك ، ومحدثهم
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل ، ولغويهم
أبو عبيد ، وشاعرهم
أبو تمام ، وعابدهم
الفضيل ، وحافظهم
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري ، وأخباريهم
الواقدي ، وزاهدهم
معروف الكرخي ، ونحويهم
[ ص: 320 ] nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه ، وعروضيهم
الخليل ، وخطيبهم
ابن نباتة ، ومنشئهم
القاضي الفاضل ، وفارسهم
خالد بن الوليد رحمهم الله .