[ ص: 372 ] ابن الفخار
الإمام العلامة الحافظ ، شيخ الإسلام ، عالم
الأندلس ، أبو عبد الله ، محمد بن عمر بن يوسف بن الفخار ، القرطبي المالكي .
ولد سنة نيف وأربعين وثلاثمائة .
حدث عن :
أبي عيسى الليثي ،
وأبي محمد الباجي ،
وأبي جعفر بن عون الله ، وطبقتهم ، وحج ، وسمع
بمصر من طائفة ، وجاور
بالمدينة .
وقد تفقه
بأبي محمد الأصيلي ،
وأبي عمر بن المكوي .
وكان رأسا في الفقه ، مقدما في الزهد ، موصوفا بالحفظ ، مفرط الذكاء ، عارفا بالإجماع والاختلاف ، عديم النظير ، يحفظ " المدونة " سردا ، و " النوادر "
لأبي محمد بن أبي زيد .
أريد على الرسلية إلى أمراء البربر ، فأبى ، وقال : بي جفاء ، وأخاف أن أوذى . فقال
الوزير : ورجل صالح يخاف الموت! فقال : إن أخفه ، فقد خافه أنبياء الله ، هذا
موسى قد حكى الله عنه :
ففررت منكم لما خفتكم .
قال
ابن حيان : توفي الفقيه الحافظ المشاور ، المستبحر
[ ص: 373 ] الرواية ، البعيد الأثر ، الطويل الهجرة في طلب العلم ، الناسك المتقشف ،
أبو عبد الله بن الفخار بمدينة
بلنسية في عاشر ربيع الأول سنة تسع عشرة وأربعمائة فكان الحفل في جنازته عظيما . وعاين الناس فيها آية من طيور شبه الخطاف وما هي بها تخللت الجمع رافة فوق النعش ، جانحة إليه ، مشفة إليه ، لم تفارق نعشة إلى أن ووري ، فتفرقت ، وتحدث الناس بذلك وقتا . مكث مدة ببلنسية مطاعا ، عظيم القدر عند السلطان والعامة ، وكان ذا منزلة عظيمة في الفقه والنسك ، صاحب أنباء بديعة .
قال
جماهر بن عبد الرحمن : صلى على
ابن الفخار الشيخ خليل التاجر ، ورفرفت عليه الطير إلى أن تمت مواراته .
وكذا ذكر
الحسن بن محمد القبشي من خبر الطيور ، وزاد : كان عمره نحو الثمانين ، وكان يقال : إنه مجاب الدعوة . واختبرت دعوته في أشياء .
وقال
أبو عمرو الداني : مات في سابع ربيع الأول سنة 419 عن ست وسبعين سنة ، وهو آخر الفقهاء الحفاظ ، الراسخين العالمين بالكتاب والسنة
بالأندلس رحمه الله .
[ ص: 374 ]
وقال
القاضي عياض : كان أحفظ الناس ، وأحضرهم علما ، وأسرعهم جوابا ، وأوقفهم على اختلاف الفقهاء وترجيح المذاهب ، حافظا للأثر ، مائلا إلى الحجة والنظر . فر عن
قرطبة إذ نذرت البربر دمه عند غلبتهم على
قرطبة .
قلت : سميه
الحافظ أبو عبد الله بن الفخار المالقي . مات سنة تسعين وخمسمائة .