كعب الأحبار ( د ، ت ، س )
هو كعب بن ماتع الحميري اليماني العلامة الحبر ، الذي كان يهوديا فأسلم بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - وقدم
المدينة من
اليمن في أيام
عمر رضي الله عنه ، فجالس أصحاب
محمد - صلى الله عليه وسلم - فكان يحدثهم عن الكتب الإسرائيلية ، ويحفظ عجائب ويأخذ السنن عن الصحابة . وكان حسن الإسلام ،
[ ص: 490 ] متين الديانة ، من نبلاء العلماء .
حدث عن :
عمر ،
وصهيب ، وغير واحد .
حدث عنه :
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة ،
ومعاوية ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ، وذلك من قبيل رواية الصحابي عن التابعي ، وهو نادر عزيز .
وحدث عنه : أيضا :
أسلم مولى عمر ،
وتبيع الحميري ابن امرأة كعب ،
وأبو سلام الأسود ، وروى عنه عدة من التابعين ؛
كعطاء بن يسار ، وغيره مرسلا .
وكان خبيرا بكتب
اليهود ، له ذوق في معرفة صحيحها من باطلها في الجملة .
وقع له رواية في سنن
أبي داود ،
nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي ،
nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي .
سكن
بالشام بأخرة ، وكان يغزو مع الصحابة .
روى
خالد بن معدان : عن
كعب الأحبار ، قال : لأن أبكي من خشية
[ ص: 491 ] أحب إلي من أن أتصدق بوزني ذهبا .
توفي
كعب بحمص ذاهبا للغزو في أواخر خلافة
عثمان - رضي الله عنه - فلقد كان من أوعية العلم .
وممن روى عنه ؛
أبو الرباب مطرف بن مالك القشيري أحد من شهد فتح
تستر .
فروى
nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين ، عن
أبي الرباب ، قال : دخلنا على
nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء - رضي الله عنه - نعوده وهو يومئذ أمير ، وكنت أحد خمسة ولوا قبض
السوس ، فأتاني رجل بكتاب ، فقال : بيعونيه ، فإنه كتاب الله ، أحسن أقرؤه ولا تحسنون ، فنزعنا دفتيه ، فأخذه بدرهمين . فلما كان بعد ذلك ، خرجنا إلى
الشام ، وصحبنا شيخ على حمار ، بين يديه مصحف يقرؤه ، ويبكي ، فقلت : ما أشبه هذا المصحف بمصحف شأنه كذا وكذا .
فقال : إنه هو ، قلت : فأين تريد ؟ قال : أرسل إلي
كعب الأحبار عام أول ، فأتيته ، ثم أرسل إلي ، فهذا وجهي إليه . قلت : فأنا معك . فانطلقنا حتى قدمنا
الشام ، فقعدنا عند
كعب ، فجاء عشرون من
اليهود ، فيهم شيخ كبير يرفع حاجبيه بحريرة ، فقالوا : أوسعوا أوسعوا ، فأوسعوا ، وركبنا أعناقهم ، فتكلموا ، فقال
كعب : يا
نعيم ! أتجيب هؤلاء ، أو أجيبهم ؟ قال : دعوني حتى أفقه هؤلاء ما قالوا ، إن هؤلاء أثنوا على أهل ملتنا خيرا ، ثم قلبوا ألسنتهم ، فزعموا أنا بعنا الآخرة بالدنيا ، هلم فلنواثقكم ، فإن جئتم بأهدى مما نحن عليه ، اتبعناكم ، وإلا فاتبعونا إن جئنا بأهدى منه .
قال : فتواثقوا ، فقال
كعب : أرسل إلي ذلك المصحف ، فجيء به . فقال : أترضون أن يكون هذا بيننا ؟ قالوا : نعم ، لا يحسن أحد أن يكتب مثله
[ ص: 492 ] اليوم ، فدفع إلى شاب منهم ، فقرأ كأسرع قارئ ، فلما بلغ إلى مكان منه ، نظر إلى أصحابه كالرجل يؤذن صاحبه بالشيء ، ثم جمع يديه ، فقال : يه فنبذه فقال
كعب : آه ، وأخذه ، فوضعه في حجره ، فقرأ ، فأتى على آية منه ، فخروا سجدا ، وبقي الشيخ يبكي . قيل : وما يبكيك ؟ قال : وما لي لا أبكي ، رجل عمل في الضلالة كذا وكذا سنة ، ولم أعرف الإسلام حتى كان اليوم .
وقال
همام : حدثنا
قتادة ، عن
زرارة ، عن
مطرف بن مالك قال : أصبنا
دانيال بالسوس في لحد من صفر ، وكان
أهل السوس إذا أسنتوا استخرجوه ، فاستسقوا به ؛ وأصبنا معه ربطتين من كتان وستين جرة مختومة ، ففتحنا واحدة ، فإذا فيها عشرة آلاف ، وأصبنا معه ربعة فيها كتاب ، وكان معنا أجير نصراني يقال له :
نعيم ، فاشتراها بدرهمين .
ثم قال
قتادة :
وحدثني أبو حسان ؛ أن أول من وقع عليه حرقوص ، فأعطاه أبو موسى الربطتين ، ومائتي درهم . ثم إنه طلب أن يرد عليه الربطتين ، فأبى ، فشققها عمائم . وكتب أبو موسى في ذلك إلى عمر ؛ فكتب إليه : إن نبي الله دعا أن لا يرثه إلا المسلمون ، فصل عليه ، وادفنه .
قال
همام بن يحيى : وحدثنا
فرقد ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11953أبو تميمة ، أن كتاب
عمر جاء : أن اغسله بالسدر وماء الريحان .
ثم رجع إلى حديث
مطرف بن مالك قال : فبدا لي أن آتي
بيت المقدس ، فبينا أنا في الطريق ، إذا أنا براكب شبهته بذلك الأجير
[ ص: 493 ] النصراني ، فقلت :
نعيم ؟ قال : نعم . قلت : ما فعلت بنصرانيتك ؟ قال : تحنفت بعدك . ثم أتينا
دمشق ، فلقيت
كعبا ، فقال : إذا أتيتم
بيت المقدس ، فاجعلوا الصخرة بينكم وبين القبلة . ثم انطلقنا ثلاثتنا حتى أتينا
أبا الدرداء ، فقالت
nindex.php?page=showalam&ids=12328أم الدرداء لكعب : ألا تعدني على أخيك ؟ يقوم الليل ويصوم النهار . قال : فجعل لها من كل ثلاث ليال ليلة . ثم أتينا
بيت المقدس ، فسمعت
يهود بنعيم وكعب ، فاجتمعوا فقال
كعب : هذا كتاب قديم وإنه بلغتكم فاقرؤوه . فقرأه قارئهم حتى أتى على ذلك المكان :
ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين [ آل عمران : 85 ] فأسلم منهم اثنان وأربعون حبرا ، ففرض لهم
معاوية ، وأعطاهم .
ثم قال
همام : وحدثني
بسطام بن مسلم ، حدثنا
معاوية بن قرة ، أنهم تذاكروا ذلك الكتاب ، فمر بهم
nindex.php?page=showalam&ids=16128شهر بن حوشب ، فقال : على الخبير سقطتم ؛ إن
كعبا لما احتضر ، قال : ألا رجل أئتمنه على أمانة ؟ فقال رجل : أنا ، فدفع إليه ذلك الكتاب ، وقال : اركب البحيرة ، فإذا بلغت مكان كذا وكذا ، فاقذفه ، فخرج من عند
كعب ، فقال : كتاب فيه علم ، ويموت
كعب لا أفرط به ، فأتى
كعبا وقال : فعلت ما أمرتني به قال : فما رأيت ؟ قال : لم أر شيئا ، فعلم كذبه ، فلم يزل يناشده ، ويطلب إليه حتى رده عليه ، فقال : ألا من يؤدي أمانة ؟ قال رجل : أنا .
فركب سفينة ، فلما أتى ذلك المكان ، ذهب ليقذفه ، فانفرج له البحر ، حتى رأى الأرض ، فقذفه ، وأتاه ، فأخبره . فقال
كعب : إنها التوراة كما أنزلها الله على
موسى [ ص: 494 ] ما غيرت ولا بدلت ، ولكن خشيت أن يتكل على ما فيها ، ولكن قولوا : لا إله إلا الله ، ولقنوها موتاكم .
هكذا رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12211ابن أبي خيثمة في " تاريخه " عن
هدبة ، عن
همام .
وشهر لم يلحق
كعبا .
وهذا القول من
كعب دال على أن تيك النسخة ما غيرت ولا بدلت ، وأن ما عداها بخلاف ذلك . فمن الذي يستحل أن يورد اليوم من التوراة شيئا على وجه الاحتجاج معتقدا أنها التوراة المنزلة ؟ كلا والله .