أبو ذر الهروي
الحافظ الإمام المجود ، العلامة ، شيخ الحرم ، أبو ذر ، عبد بن
[ ص: 555 ] أحمد بن محمد بن عبد الله بن غفير بن محمد ، المعروف ببلده بابن السماك ، الأنصاري الخراساني الهروي المالكي ، صاحب التصانيف ، وراوي " الصحيح " عن الثلاثة :
المستملي ،
والحموي ،
nindex.php?page=showalam&ids=15086والكشميهني .
قال : ولدت سنة خمس أو ست وخمسين وثلاثمائة .
سمع
أبا الفضل محمد بن عبد الله بن خميرويه ،
وبشر بن محمد المزني ، وعدة
بهراة ،
وأبا بكر هلال بن محمد بن محمد ،
وشيبان بن محمد الضبعي بالبصرة ،
وعبيد الله بن عبد الرحمن الزهري ،
وأبا عمر بن حيويه ،
وعلي بن عمر السكري ،
وأبا الحسن الدارقطني ، وطبقتهم
ببغداد ،
وعبد الوهاب الكلابي ونحوه
بدمشق ،
وأبا مسلم الكاتب وطبقته
بمصر ،
وزاهر بن أحمد الفقيه بسرخس ،
وأبا إسحاق إبراهيم بن أحمد المستملي ببلخ ،
وأبا إسحاق إبراهيم بن محمد بن أحمد بن عثمان الدينوري ، وغيره
بمكة . وألف " معجما " لشيوخه ، وحدث
بخراسان وبغداد والحرم .
حدث عنه : ابنه
أبو مكتوم عيسى ، وموسى بن علي الصقلي ،
وعلي بن محمد بن أبي الهول ،
والقاضي أبو الوليد الباجي ،
وأبو عمران موسى بن أبي حاج الفارسي ،
وأبو العباس بن دلهاث ،
ومحمد بن شريح ،
وأبو عبد الله بن منظور ،
وعبد الله بن الحسن التنيسي ،
وأبو صالح أحمد بن عبد [ ص: 556 ] الملك المؤذن ،
وعلي بن بكار الصوري ،
وأحمد بن محمد القزويني ،
وأبو الطاهر إسماعيل بن سعيد النحوي ،
وعبد الله بن سعيد الشنتجالي وعبد الحق بن هارون السهمي ،
وأبو الحسين بن المهتدي بالله ،
وعلي بن عبد الغالب البغدادي ،
وأبو بكر أحمد بن علي الطريثيثي ،
وأبو شاكر أحمد بن علي العثماني ، وعنده عنه فرد حديث ، وعدة .
وروى عنه بالإجازة :
أبو عمر بن عبد البر ،
nindex.php?page=showalam&ids=14231وأبو بكر الخطيب ،
وأحمد بن عبد القادر اليوسفي ،
وأبو عبد الله أحمد بن محمد بن غلبون الخولاني المتوفى في سنة ثمان وخمسمائة .
أخبرنا
المسلم بن محمد في كتابه ، عن
القاسم بن علي ، أخبرنا أبي ، أخبرنا
علي بن أحمد الجرباذقاني بهراة ( ح ) وأخبرنا
أبو الحسن الغرافي ، أخبرنا
علي بن روزبه ببغداد ، أخبرنا
أبو الوقت السجزي قالا : أخبرنا
أبو إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري قال :
عبد بن أحمد السماك الحافظ صدوق ، تكلموا في رأيه ، سمعت منه حديثا واحدا عن
شيبان بن محمد الضبعي ، عن
أبي خليفة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16604علي بن المديني حديث
جابر بطوله في الحج قال لي : اقرأه علي حتى تعتاد قراءة الحديث ، وهو أول حديث
[ ص: 557 ] قرأته على الشيخ ، وناولته الجزء ، فقال : لست على وضوء ، فضعه .
قال
أبو ذر : سمعت الحديث من
ابن خميرويه .
قلت : هو أقدم شيخ له .
قال : ودخلت على
أبي حاتم بن أبي الفضل قبل ذلك ، وسمعته يملي يقول : حدثنا
الحسين بن إدريس ، قال
أبو بكر الخطيب : قدم
أبو ذر بغداد ، وحدث بها وأنا غائب ، وخرج إلى
مكة ، وجاور ، ثم تزوج في العرب ، وأقام بالسروات ، فكان يحج كل عام ، ويحدث ، ثم يرجع إلى أهله ، وكان ثقة ضابطا دينا ، مات
بمكة في ذي القعدة سنة أربع وثلاثين وأربعمائة .
وقال
الأمين ابن الأكفاني : حدثني
أبو علي الحسين بن أبي حريصة .
قال : بلغني أن
أبا ذر مات سنة أربع
بمكة ، وكان على مذهب
مالك ومذهب الأشعري .
قلت : أخذ الكلام ورأي
أبي الحسن عن
القاضي أبي بكر بن الطيب ، وبث ذلك
بمكة ، وحمله عنه
المغاربة إلى
المغرب ،
والأندلس ، وقبل ذلك كانت علماء
المغرب لا يدخلون في الكلام ، بل يتقنون الفقه أو الحديث أو العربية ، ولا يخوضون في المعقولات ، وعلى ذلك كان
الأصيلي ،
وأبو الوليد بن الفرضي ،
وأبو عمر الطلمنكي ،
ومكي القيسي ،
وأبو عمرو الداني ،
nindex.php?page=showalam&ids=13332وأبو عمر بن عبد البر ، والعلماء .
[ ص: 558 ]
وقد مدح
إسماعيل بن سعيد النحوي أبا ذر بقصيدة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11927أبو الوليد الباجي في كتاب " اختصار فرق الفقهاء " من تأليفه في ذكر
القاضي ابن الباقلاني : لقد أخبرني
الشيخ أبو ذر وكان يميل إلى مذهبه ، فسألته : من أين لك هذا ؟ قال : إني كنت ماشيا
ببغداد مع الحافظ
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني ، فلقينا
أبا بكر بن الطيب فالتزمه الشيخ
أبو الحسن ، وقبل وجهه وعينيه ، فلما فارقناه ، قلت له : من هذا الذي صنعت به ما لم أعتقد أنك تصنعه وأنت إمام وقتك ؟ فقال : هذا إمام المسلمين ، والذاب عن الدين ، هذا القاضي
أبو بكر محمد بن الطيب . قال
أبو ذر : فمن ذلك الوقت تكررت إليه مع أبي ، كل بلد دخلته من بلاد
خراسان وغيرها لا يشار فيها إلى أحد من أهل السنة إلا من كان على مذهبه وطريقه .
قلت : هو الذي كان
ببغداد يناظر عن السنة وطريقة الحديث بالجدل والبرهان ، وبالحضرة رءوس
المعتزلة والرافضة والقدرية وألوان البدع ، ولهم دولة وظهور بالدولة البويهية ، وكان يرد على
الكرامية ، وينصر الحنابلة عليهم ، وبينه وبين أهل الحديث عامر ، وإن كانوا قد يختلفون في مسائل دقيقة ، فلهذا عامله
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني بالاحترام ، وقد ألف كتابا سماه : " الإبانة " ، يقول فيه : فإن قيل : فما الدليل على أن لله وجها ويدا ؟ قال : قوله :
ويبقى وجه ربك وقوله :
ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي فأثبت تعالى لنفسه وجها ويدا . . . إلى أن قال : فإن قيل : فهل تقولون : إنه في كل مكان ؟ قيل : معاذ الله ! بل هو مستو على عرشه كما أخبر في كتابه . . . إلى أن قال : وصفات ذاته التي لم يزل
[ ص: 559 ] ولا يزال موصوفا بها : الحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر والكلام والإرادة والوجه واليدان والعينان والغضب والرضى . فهذا نص كلامه . وقال نحوه في كتاب " التمهيد " له ، وفي كتاب " الذب عن
الأشعري " وقال : قد بينا دين الأمة وأهل السنة أن هذه الصفات تمر كما جاءت بغير تكييف ولا تحديد ولا تجنيس ولا تصوير .
قلت : فهذا المنهج هو طريقة السلف ، وهو الذي أوضحه
أبو الحسن وأصحابه ، وهو التسليم لنصوص الكتاب والسنة ، وبه قال
ابن الباقلاني ،
nindex.php?page=showalam&ids=13428وابن فورك ، والكبار إلى زمن
أبي المعالي ، ثم زمن
الشيخ أبي حامد ، فوقع اختلاف وألوان ، نسأل الله العفو .
ولأبي ذر الهروي مصنف في الصفات على منوال كتاب
nindex.php?page=showalam&ids=13933أبي بكر البيهقي بحدثنا وأخبرنا .
قال
الحسن بن بقي المالقي : حدثني شيخ قال : قيل
لأبي ذر : أنت هروي فمن أين تمذهبت بمذهب
مالك ورأي
أبي الحسن ؟ قال : قدمت
بغداد . فذكر نحوا مما تقدم في
ابن الطيب . قال : فاقتديت بمذهبه .
قال
عبد الغافر بن إسماعيل في " تاريخ
نيسابور " : كان
أبو ذر زاهدا ، ورعا عالما ، سخيا لا يدخر شيئا ، وصار من كبار مشيخة الحرم ، مشارا إليه في التصوف ، خرج على " الصحيحين " تخريجا حسنا ، وكان حافظا ، كثير الشيوخ .
قلت : له " مستدرك " لطيف في مجلد على " الصحيحين " علقت
[ ص: 560 ] منه ، يدل على معرفته ، وله كتاب " السنة " ، وكتاب " الجامع " ، وكتاب " الدعاء " ، وكتاب " فضائل القرآن " ، وكتاب " دلائل النبوة " ، وكتاب " شهادة الزور " ، وكتاب " العيدين " ; الكل بأسانيده ، وله كتاب " فضائل مالك " ، كبير ، وكتاب " الصحيح المسند المخرج على الصحيحين " ، و " مسانيد الموطأ " و " كرامات الأولياء " ، و " المناسك " ، و " الربا " ، و " اليمين الفاجرة " ، وكتاب " مشيخته " ، وأشياء . وهذه التواليف لم أرها ، بل سماها
القاضي عياض .
وقال
علي بن المفضل الحافظ : روى لنا السلفي شيخنا أحاديث عن
أبي بكر الطريثيثي بسماعه من
أبي ذر ، وعن
أبي شاكر العثماني حديثا واحدا بسماعه منه . وسمعنا من السلفي جميع " صحيح "
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بإجازته من
أبي مكتوم عيسى بن أبي ذر ، وكان شيخنا
أبو عبيد نعمة بن زيادة الله الغفاري سمع الكتاب
بمكة من
أبي مكتوم ، فسمعت عليه أكثره ، وأجاز لي ما بقي من آخره ، وآخر من حدث عن
أبي مكتوم أبو الحسن علي بن حميد بن عمار الأنصاري بمكة ، وأجازه لي .
قال : وقرأت الكتاب كله على شيخنا
أبي طالب صالح بن سند بسماعه من
الطرطوشي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11927أبي الوليد الباجي ، عن
أبي ذر ، وقرأته على
أبي القاسم مخلوف بن علي القروي ، عن
أبي الحجاج يوسف بن نادر اللخمي ، عن
علي بن سلمان النقاش ، عن
أبي ذر ، عن شيوخه الثلاثة .
قال
الحافظ أبو علي الغساني : أخبرنا
أبو القاسم أحمد بن أبي الوليد [ ص: 561 ] الباجي ، أخبرنا أبي أن الفقيه
أبا عمران الفاسي مضى إلى
مكة ، وقد كان ، قرأ على
أبي ذر شيئا ، فوافق
أبا ذر في السراة موضع سكناه ، فقال لخازن كتبه : أخرج إلي من كتب الشيخ ما أنسخه ما دام غائبا ، فإذا حضر ، قرأته عليه . فقال
الخازن : لا أجترئ على هذا ، ولكن هذه المفاتيح إن شئت أنت ، فخذ وافعل ذلك . فأخذها ، وأخرج ما أراد ، فسمع
أبو ذر بالسراة بذلك ، فركب ، وطرق
مكة ، وأخذ كتبه ، وأقسم أن لا يحدثه . فلقد أخبرت أن
أبا عمران كان بعد إذا حدث عن
أبي ذر ، يوري عن اسمه ، فيقول : أخبرنا
أبو عيسى . وبذلك كانت العرب تكنيه باسم ولده .
قلت : قد مات
أبو عمران الفاسي قبل
أبي ذر ، وكان قد لقي
القاضي ابن الباقلاني والكبار ، وما لانزعاج
أبي ذر وجه ، والحكاية دالة على زعارة الشيخ والتلميذ رحمهما الله .
وكان ولده
أبو مكتوم يحج من
السراة ، ويروي ، إلى أن قدم فلان المرابط من أمراء
المغرب ، فجاور وسمع " صحيح "
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري من
أبي مكتوم ، وأعطاه ذهبا جيدا ، فأباعه نسخة " الصحيح " ، وذهب بها إلى
المغرب . وحج
أبو مكتوم في سنة سبع وتسعين وأربعمائة وله بضع وثمانون سنة ، وحج فيها
أبو طاهر السلفي ،
وأبو بكر السمعاني ، وجمعهم الموقف ، فقال
السمعاني للسلفي : اذهب بنا نسمع منه . قال
السلفي : فقلت له : دعنا نشتغل بالدعاء ، ونجعله شيخ
مكة . قال : فاتفق أنه نفر من
منى في النفر الأول مع السرويين وذهب ، وفاتهما الأخذ عنه . قال
السلفي : فلامني
ابن السمعاني ، فقلت : أنت قد سمعت " الصحيح " مثله
[ ص: 562 ] من أبي
الخير بن أبي عمران صاحب
الكشميهني ، وما كان معه من مروياته سواه .
قلت : ولم يسمع
لأبي مكتوم بعد هذا العام بذكر ولا ورخ لنا موته .
وقد أرخ
القاضي عياض موت
أبي ذر في سنة خمس وثلاثين وأربعمائة . والصواب : في سنة أربع .
قال
أبو علي بن سكرة : توفي عقب شوال .
أخبرنا
عبد الحافظ بن بدران ، أخبرنا
أحمد بن طاوس سنة 617 ، أخبرنا
حمزة بن كروس ، أخبرنا
نصر بن إبراهيم الفقيه ، أخبرنا
أبو ذر عبد بن أحمد كتابة ، أن
بشر بن محمد المزني حدثهم إملاء ، حدثنا
الحسين بن إدريس ، حدثنا
العباس بن الوليد الدمشقي ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15493الوليد بن الوليد ، حدثنا
ابن ثوبان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار ، عن
ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
إن الجنة لتزخرف لرمضان من رأس الحول ، فإذا كان أول يوم من شهر رمضان ، هبت ريح من تحت العرش ، فشققت ورق الجنة عن الحور العين . فقلن : يا رب ، اجعل لنا من عبادك أزواجا تقر بهم أعيننا ، وتقر أعينهم بنا .
قال الفقيه
نصر : تفرد به
الوليد بن الوليد العنسي ، وقد تركوه .
[ ص: 563 ]
قلت : وهاه
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني ، وقواه
nindex.php?page=showalam&ids=11970أبو حاتم الرازي .
وفيها أعني : سنة أربع توفي
شعيب بن عبد الله بن المنهال بمصر ،
وأبو طالب عمر بن إبراهيم الزهري وهارون بن محمد بن أحمد بن هارون في رمضان .