أبو الطيب الطبري
الإمام العلامة ، شيخ الإسلام ، القاضي أبو الطيب ; طاهر بن عبد الله بن طاهر بن عمر ، الطبري الشافعي ، فقيه
بغداد .
ولد سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة بآمل .
وسمع
بجرجان من :
أبي أحمد بن الغطريف جزءا تفرد في الدنيا
[ ص: 669 ] بعلوه ،
وبنيسابور من مفقهه
أبي الحسن الماسرجسي ،
وببغداد من
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني ،
وموسى بن عرفة ،
وعلي بن عمر السكري ،
والمعافى الجريري .
واستوطن
بغداد ، ودرس وأفتى وأفاد ، وولي قضاء
ربع الكرخ بعد القاضي
الصيمري .
وقال : سرت إلى
جرجان للقاء
nindex.php?page=showalam&ids=13779أبي بكر الإسماعيلي ، فقدمتها يوم الخميس ، فدخلت الحمام ، ومن الغد لقيت ولده
أبا سعد ، فقال لي : الشيخ قد شرب دواء لمرض ، وقال لي : تجيء غدا لتسمع منه . فلما كان بكرة السبت ، غدوت ، فإذا الناس يقولون : مات
nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي .
قال
الخطيب : كان شيخنا
أبو الطيب ورعا ، عاقلا ، عارفا بالأصول والفروع ، محققا ; حسن الخلق ، صحيح المذهب ، اختلفت إليه ، وعلقت عنه الفقه سنين .
قيل : إن
أبا الطيب دفع خفا له إلى من يصلحه ، فمطله ، وبقي كلما جاء ، نقعه في الماء ، وقال : الآن أصلحه . فلما طال ذلك عليه ، قال : إنما دفعته إليك لتصلحه لا لتعلمه السباحة .
قال
الخطيب : سمعت
محمد بن أحمد المؤدب ، سمعت
أبا محمد البافي يقول :
أبو الطيب الطبري أفقه من
أبي حامد الإسفراييني . وسمعت
أبا حامد يقول :
أبو الطيب أفقه من
أبي محمد البافي .
[ ص: 670 ] قال
القاضي ابن بكران الشامي : قلت
للقاضي أبي الطيب شيخنا وقد عمر : لقد متعت بجوارحك أيها الشيخ ! قال : ولم ؟ وما عصيت الله بواحدة منها قط . أو كما قال . قال غير واحد : سمعنا
أبا الطيب يقول : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم ، فقلت : يا رسول الله : أرأيت من روى أنك قلت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=881524نضر الله امرءا سمع مقالتي ، فوعاها أحق هو ؟ قال : نعم .
قال
أبو إسحاق في " الطبقات " : ومنهم شيخنا وأستاذنا
nindex.php?page=showalam&ids=11872القاضي أبو الطيب ، توفي عن مائة وسنتين ، لم يختل عقله ، ولا تغير فهمه ، يفتي مع الفقهاء ، ويستدرك عليهم الخطأ ، ويقضي ، ويشهد ويحضر المواكب إلى أن مات . تفقه
بآمل على
أبي علي الزجاجي صاحب
أبي العباس بن القاص . وقرأ
على أبي سعد بن الإسماعيلي ،
وأبي القاسم بن كج بجرجان ، ثم ارتحل إلى
أبي الحسن الماسرجسي وصحبه أربع سنين ، ثم قدم
بغداد ، وعلق عن
أبي محمد البافي الخوارزمي ; صاحب
الداركي ، وحضر مجلس
أبي حامد ، ولم أر فيمن رأيت أكمل اجتهادا ، وأشد تحقيقا ، وأجود نظرا
[ ص: 671 ] منه . شرح " مختصر "
المزني ، وصنف في الخلاف المذهب والأصول والجدل كتبا كثيرة ، ليس لأحد مثلها ، لازمت مجلسه بضع عشرة سنة ، ودرست أصحابه في مسجده سنين بإذنه ، ورتبني في حلقته ، وسألني أن أجلس للتدريس في سنة ثلاثين وأربعمائة ، ففعلت .
قلت : من وجوه
أبي الطيب في المذهب أن خروج المني ينقض الوضوء . ومنها أن الكافر إذا صلى في دار الحرب ، فصلاته إسلام .
قلت : حدث عنه :
الخطيب ،
وأبو إسحاق ،
وابن بكران ،
وأبو محمد بن الآبنوسي ،
وأحمد بن الحسن الشيرازي ،
وأبو سعد بن الطيوري ،
وأبو علي بن المهدي ،
وأبو نصر محمد بن محمد بن محمد بن أحمد العكبري ،
وأبو العز بن كادش ،
وأبو المواهب أحمد بن محمد بن ملوك ،
وهبة الله بن الحصين ،
وأبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري ، وخلق كثير .
قال
الخطيب مات صحيح العقل ، ثابت الفهم ، في ربيع الأول ، سنة خمسين وأربعمائة ، وله مائة وسنتان رحمه الله .