صفحة جزء
ابن بندار

الإمام القدوة ، شيخ الإسلام أبو الفضل ، عبد الرحمن بن المحدث أحمد بن الحسن بن بندار العجلي ، الرازي ، المكي المولد ، المقرئ . تلا على أبي عبد الله المجاهدي ; تلميذ ابن مجاهد ، وتلا بحرف ابن [ ص: 136 ] عامر على مقرئ دمشق علي بن داود الداراني ، وتلا ببغداد على أبي الحسن الحمامي ، وجماعة .

وسمع بمكة من أحمد بن فراس ، وعلي بن جعفر السيرواني الزاهد ، ووالده أبي العباس بن بندار ، وبالري من جعفر بن فناكي . وببغداد من أبي الحسن الرفاء ، وعدة ، وبدمشق من عبد الوهاب الكلابي ، وبأصبهان من أبي عبد الله بن منده ، وبالبصرة ، والكوفة ، وحران ، وتستر ، والرها ، وفسا ، وحمص ، ومصر ، والرملة ، ونيسابور ، ونسا ، وجرجان ، وجال في الآفاق عامة عمره ، وكان من أفراد الدهر علما وعملا .

أخذ عنه : المستغفري أحد شيوخه ، وأبو بكر الخطيب ، وأبو صالح المؤذن ، ونصر بن محمد الشيرازي ; شيخ للسلفي ، وأبو علي الحداد ، ومحمد بن عبد الواحد الدقاق ، والحسين بن عبد الملك الخلال ، وأبو سهل بن سعدويه ، وفاطمة بنت البغدادي ، وخلق . ولحق بمصر أبا مسلم الكاتب .

قال عبد الغافر بن إسماعيل : كان ثقة ، جوالا ، إماما في القراءات ، أوحد في طريقه ، كان الشيوخ يعظمونه ، وكان لا يسكن الخوانق ، بل يأوي إلى مسجد خراب ، فإذا عرف مكانه نزح ، وكان لا يأخذ من أحد شيئا ، فإذا فتح عليه بشيء آثر به .

وقال يحيى بن منده : قرأ عليه القرآن جماعة ، وخرج من عندنا إلى [ ص: 137 ] كرمان ، فحدث بها ، وتوفي في بلد أوشير في جمادى الأولى سنة أربع وخمسين وأربعمائة .

قال : وولد سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة وهو ثقة ، ورع ، متدين ، عارف بالقراءات ، عالم بالأدب والنحو ، هو أكبر من أن يدل عليه مثلي ، وأشهر من الشمس ، وأضوأ من القمر ، ذو فنون من العلم ، وكان مهيبا منظورا ، فصيحا ، حسن الطريقة ، كبير الوزن .

قال السلفي : سمعت عبد السلام بن سلمة بمرند يقول : اقتدى أبو الفضل الرازي بالسيرواني شيخ الحرم ، وصحب السيرواني أبا محمد المرتعش صاحب الجنيد .

وقال الخلال : خرج أبو الفضل الإمام نحو كرمان ، فشيعه الناس فصرفهم ، وقصد الطريق وحده ، وهو يقول :

إذا نحن أدلجنا وأنت إمامنا كفى لمطايانا بذكراك حاديا

قال الخلال : وأنشدني لنفسه :

يا موت ما أجفاك من زائر     تنزل بالمرء على رغمه
وتأخذ العذراء من خدرها     وتأخذ الواحد من أمه


قال السمعاني في " الذيل " : كان مقرئا فاضلا ، كثير التصانيف ، [ ص: 138 ] حسن السيرة ، زاهدا ، متعبدا ، خشن العيش ، منفردا ، قانعا ، يقرئ ويسمع في أكثر أوقاته ، وكان يسافر وحده ، ويدخل البراري .

قرأت على إسحاق الأسدي : أخبرنا ابن خليل ، أخبرنا خليل بن بدر ، أخبرنا محمد بن عبد الواحد الدقاق قال : ورد علينا الإمام الأوحد أبو الفضل الرازي -لقاه الله رضوانه ، وأسكنه جنانه - وكان إماما من الأئمة الثقات في الحديث والروايات والسنة والآيات ، ذكره يملأ الفم ، ويذرف العين ، قدم أصبهان مرارا ، سمعت منه قطعة صالحة ، وكان رجلا مهيبا ، مديد القامة ، وليا من أولياء الله ، صاحب كرامات ، طوف الدنيا مفيدا ومستفيدا .

وقال الخلال : كان أبو الفضل في طريق ومعه خبز وفانيذ فأراد قطاع الطريق أخذه منه فدفعهم بعصاه ، فقيل له في ذلك فقال : لأنه كان حلالا ، وربما كنت لا أجد مثله . ودخل كرمان في هيئة رثة وعليه أخلاق وأسمال ، فحمل إلى الملك ، وقالوا : جاسوس . فقال الملك : ما الخبر؟

قال : تسألني عن خبر الأرض أو خبر السماء ؟ فإن كنت تسألني عن خبر السماء ف كل يوم هو في شأن وإن كنت تسألني عن خبر الأرض ف كل من عليها فان فتعجب الملك من كلامه ، وأكرمه ، وعرض عليه مالا فلم يقبله .

التالي السابق


الخدمات العلمية