صفحة جزء
[ ص: 184 ] ابن حزم

الإمام الأوحد ، البحر ، ذو الفنون والمعارف أبو محمد ، علي بن أحمد بن سعيد بن حزم بن غالب بن صالح بن خلف بن معدان بن سفيان بن يزيد ، الفارسي الأصل ، ثم الأندلسي القرطبي اليزيدي مولى الأمير يزيد بن أبي سفيان بن حرب الأموي -رضي الله عنه- المعروف بيزيد الخير ، نائب أمير المؤمنين أبي حفص على دمشق ، الفقيه الحافظ ، المتكلم ، الأديب ، الوزير الظاهري ، صاحب التصانيف . فكان جده يزيد [ ص: 185 ] مولى للأمير يزيد أخي معاوية . وكان جده خلف بن معدان هو أول من دخل الأندلس في صحابة ملك الأندلس عبد الرحمن بن معاوية بن هشام ; المعروف بالداخل .

ولد أبو محمد بقرطبة في سنة أربع وثمانين وثلاثمائة .

وسمع في سنة أربعمائة وبعدها من طائفة ، منهم : يحيى بن مسعود بن وجه الجنة ; صاحب قاسم بن أصبغ ، فهو أعلى شيخ عنده ، ومن أبي عمر أحمد بن محمد بن الجسور ، ويونس بن عبد الله بن مغيث القاضي ، وحمام بن أحمد القاضي ، ومحمد بن سعيد بن نبات ، وعبد الله بن ربيع التميمي ، وعبد الرحمن بن عبد الله بن خالد ، وعبد الله بن محمد بن عثمان ، وأبي عمر أحمد بن محمد الطلمنكي ، وعبد الله بن يوسف بن نامي ، وأحمد بن قاسم بن محمد بن قاسم بن أصبغ . وينزل إلى أن يروي عن أبي عمر بن عبد البر ، وأحمد بن عمر بن أنس العذري . وأجود ما عنده من الكتب سنن النسائي ، يحمله عن ابن ربيع ، عن ابن الأحمر ، عنه . وأنزل ما عنده صحيح مسلم ، بينه وبينه خمسة رجال ، وأعلى ما رأيت له حديث بينه وبينه وكيع فيه ثلاثة أنفس .

حدث عنه : ابنه أبو رافع الفضل ، وأبو عبد الله الحميدي ، ووالد [ ص: 186 ] القاضي أبي بكر بن العربي ، وطائفة . وآخر من روى عنه مروياته بالإجازة أبو الحسن شريح بن محمد .

نشأ في تنعم ورفاهية ، ورزق ذكاء مفرطا ، وذهنا سيالا ، وكتبا نفيسة كثيرة ، وكان والده من كبراء أهل قرطبة ; عمل الوزارة في الدولة العامرية ، وكذلك وزر أبو محمد في شبيبته ، وكان قد مهر أولا في الأدب والأخبار والشعر ، وفي المنطق وأجزاء الفلسفة ، فأثرت فيه تأثيرا ليته سلم من ذلك ، ولقد وقفت له على تأليف يحض فيه على الاعتناء بالمنطق ، ويقدمه على العلوم ، فتألمت له ، فإنه رأس في علوم الإسلام ، متبحر في النقل ، عديم النظير على يبس فيه ، وفرط ظاهرية في الفروع لا الأصول .

قيل : إنه تفقه أولا للشافعي ، ثم أداه اجتهاده إلى القول بنفي القياس كله جليه وخفيه ، والأخذ بظاهر النص وعموم الكتاب والحديث ، والقول بالبراءة الأصلية ، واستصحاب الحال ، وصنف في ذلك كتبا كثيرة ، وناظر عليه ، وبسط لسانه وقلمه ، ولم يتأدب مع الأئمة في الخطاب ، بل فجج العبارة ، وسب وجدع فكان جزاؤه من جنس فعله ، بحيث إنه أعرض [ ص: 187 ] عن تصانيفه جماعة من الأئمة وهجروها ، ونفروا منها ، وأحرقت في وقت ، واعتنى بها آخرون من العلماء ، وفتشوها انتقادا واستفادة ، وأخذا ومؤاخذة ، ورأوا فيها الدر الثمين ممزوجا في الرصف بالخرز المهين ، فتارة يطربون ، ومرة يعجبون ، ومن تفرده يهزءون . وفي الجملة فالكمال عزيز ، وكل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- .

وكان ينهض بعلوم جمة ، ويجيد النقل ، ويحسن النظم والنثر . وفيه دين وخير ، ومقاصده جميلة ، ومصنفاته مفيدة ، وقد زهد في الرئاسة ولزم منزله مكبا على العلم ، فلا نغلو فيه ، ولا نجفو عنه ، وقد أثنى عليه قبلنا الكبار :

قال أبو حامد الغزالي وجدت في أسماء الله -تعالى- كتابا ألفه أبو محمد بن حزم الأندلسي يدل على عظم حفظه وسيلان ذهنه .

وقال الإمام أبو القاسم صاعد بن أحمد : كان ابن حزم أجمع أهل الأندلس قاطبة لعلوم الإسلام ، وأوسعهم معرفة مع توسعه في علم اللسان ، ووفور حظه من البلاغة والشعر ، والمعرفة بالسير والأخبار ; أخبرني ابنه الفضل أنه اجتمع عنده بخط أبيه أبي محمد من تواليفه أربعمائة مجلد ، تشتمل على قريب من ثمانين ألف ورقة .

قال أبو عبد الله الحميدي كان ابن حزم حافظا للحديث وفقهه ، [ ص: 188 ] مستنبطا للأحكام من الكتاب والسنة ، متفننا في علوم جمة ، عاملا بعلمه ، ما رأينا مثله فيما اجتمع له من الذكاء وسرعة الحفظ ، وكرم النفس والتدين ، وكان له في الأدب والشعر نفس واسع وباع طويل ، وما رأيت من يقول الشعر على البديه أسرع منه ، وشعره كثير جمعته على حروف المعجم .

وقال أبو القاسم صاعد : كان أبوه أبو عمر من وزراء المنصور محمد بن أبي عامر ، مدبر دولة المؤيد بالله بن المستنصر المرواني ، ثم وزر للمظفر ، ووزر أبو محمد للمستظهر عبد الرحمن بن هشام ، ثم نبذ هذه الطريقة ، وأقبل على العلوم الشرعية ، وعني بعلم المنطق وبرع فيه ، ثم أعرض عنه . قلت : ما أعرض عنه حتى زرع في باطنه أمورا وانحرافا عن السنة . قال : وأقبل على علوم الإسلام حتى نال من ذلك ما لم ينله أحد بالأندلس قبله .

وقد حط أبو بكر بن العربي على أبي محمد في كتاب " القواصم والعواصم " وعلى الظاهرية ، فقال : هي أمة سخيفة تسورت على مرتبة ليست لها ، وتكلمت بكلام لم نفهمه تلقوه من إخوانهم الخوارج حين حكم علي -رضي الله عنه- يوم صفين ، فقالت : لا حكم إلا لله . وكان أول [ ص: 189 ] بدعة لقيت في رحلتي القول بالباطن ، فلما عدت وجدت القول بالظاهر قد ملأ به المغرب سخيف كان من بادية إشبيلية يعرف بابن حزم ، نشأ وتعلق بمذهب الشافعي ، ثم انتسب إلى داود ، ثم خلع الكل واستقل بنفسه وزعم أنه إمام الأمة يضع ويرفع ، ويحكم ويشرع ، ينسب إلى دين الله ما ليس فيه ، ويقول عن العلماء ما لم يقولوا تنفيرا للقلوب منهم ، وخرج عن طريق المشبهة في ذات الله وصفاته ، فجاء فيه بطوام ، واتفق كونه بين قوم لا بصر لهم إلا بالمسائل ، فإذا طالبهم بالدليل كاعوا فيتضاحك مع أصحابه منهم ، وعضدته الرئاسة بما كان عنده من أدب ، وبشبه كان يوردها على الملوك ، فكانوا يحملونه ، ويحمونه ، بما كان يلقي إليهم من شبه البدع والشرك . وفي حين عودي من الرحلة ألفيت حضرتي منهم طافحة ، ونار ضلالهم لافحة ، فقاسيتهم مع غير أقران ، وفي عدم أنصار إلى حساد يطئون عقبي ، تارة تذهب لهم نفسي ، وأخرى ينكشر لهم ضرسي ، وأنا ما بين إعراض عنهم أو تشغيب بهم ، وقد جاءني رجل بجزء لابن حزم سماه " نكت الإسلام " فيه دواهي ، فجردت عليه نواهي ، وجاءنى آخر برسالة في الاعتقاد فنقضتها برسالة " الغرة " والأمر أفحش من أن ينقض . يقولون : لا قول إلا ما قال الله ، ولا نتبع إلا رسول الله ، فإن الله لم يأمر بالاقتداء بأحد ، ولا بالاهتداء بهدي بشر . فيجب أن يتحققوا أنهم ليس لهم دليل ، وإنما هي سخافة في تهويل ، فأوصيكم بوصيتين : أن لا تستدلوا عليهم ، وأن تطالبوهم بالدليل ، فإن المبتدع إذا استدللت عليه شغب [ ص: 190 ] عليك ، وإذا طالبته بالدليل لم يجد إليه سبيلا . فأما قولهم : لا قول إلا ما قال الله ، فحق ، ولكن أرني ما قال . وأما قولهم : لا حكم إلا لله . فغير مسلم على الإطلاق ، بل من حكم الله أن يجعل الحكم لغيره فيما قاله وأخبر به . صح أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : وإذا حاصرت أهل حصن فلا تنزلهم على حكم الله ، فإنك لا تدري ما حكم الله ، ولكن أنزلهم على حكمك وصح أنه قال : عليكم بسنتي وسنة الخلفاء . . . " الحديث .

قلت : لم ينصف القاضي أبو بكر -رحمه الله - شيخ أبيه في العلم ، ولا تكلم فيه بالقسط ، وبالغ في الاستخفاف به ، وأبو بكر فعلى عظمته في العلم لا يبلغ رتبة أبي محمد ، ولا يكاد ، فرحمهما الله وغفر لهما .

قال اليسع ابن حزم الغافقي وذكر أبا محمد فقال : أما محفوظه فبحر عجاج ، وماء ثجاج ، يخرج من بحره مرجان الحكم ، وينبت بثجاجه ألفاف النعم في رياض الهمم ، لقد حفظ علوم المسلمين ، وأربى على كل أهل دين ، وألف " الملل والنحل " وكان في صباه يلبس الحرير ، ولا يرضى من المكانة إلا بالسرير . أنشد المعتمد ، فأجاد ، وقصد بلنسية وبها المظفر [ ص: 191 ] أحد الأطواد . وحدثني عنه عمر بن واجب قال : بينما نحن عند أبي ببلنسية وهو يدرس المذهب ، إذا بأبي محمد بن حزم يسمعنا ويتعجب ، ثم سأل الحاضرين مسألة من الفقه ، جووب فيها ، فاعترض في ذلك ، فقال له بعض الحضار : هذا العلم ليس من منتحلاتك ، فقام وقعد ، ودخل منزله فعكف ووكف منه وابل فما كف ، وما كان بعد أشهر قريبة حتى قصدنا إلى ذلك الموضع ، فناظر أحسن مناظرة ، وقال فيها : أنا أتبع الحق وأجتهد ولا أتقيد بمذهب .

قلت : نعم ، من بلغ رتبة الاجتهاد ، وشهد له بذلك عدة من الأئمة ، لم يسغ له أن يقلد ، كما أن الفقيه المبتدئ والعامي الذي يحفظ القرآن أو كثيرا منه لا يسوغ له الاجتهاد أبدا ، فكيف يجتهد ، وما الذي يقول ؟ وعلام يبني ؟ وكيف يطير ولما يريش ؟ والقسم الثالث : الفقيه المنتهي اليقظ الفهم المحدث ، الذي قد حفظ مختصرا في الفروع ، وكتابا في قواعد الأصول ، وقرأ النحو ، وشارك في الفضائل مع حفظه لكتاب الله وتشاغله بتفسيره وقوة مناظرته ، فهذه رتبة من بلغ الاجتهاد المقيد ، وتأهل للنظر في دلائل الأئمة ، فمتى وضح له الحق في مسألة ، وثبت فيها النص ، وعمل بها أحد الأئمة الأعلام كأبي حنيفة مثلا أو كمالك ، أو الثوري ، أو الأوزاعي ، أو الشافعي ، وأبي عبيد ، وأحمد ، وإسحاق ، فليتبع فيها الحق ولا يسلك الرخص ، وليتورع ، ولا يسعه فيها بعد قيام الحجة عليه تقليد ، فإن خاف ممن [ ص: 192 ] يشغب عليه من الفقهاء فليتكتم بها ولا يتراءى بفعلها ، فربما أعجبته نفسه ، وأحب الظهور ، فيعاقب ، ويدخل عليه الداخل من نفسه ، فكم من رجل نطق بالحق ، وأمر بالمعروف ، فيسلط الله عليه من يؤذيه لسوء قصده ، وحبه للرئاسة الدينية ، فهذا داء خفي سار في نفوس الفقهاء ، كما أنه داء سار في نفوس المنفقين من الأغنياء وأرباب الوقوف والترب المزخرفة ، وهو داء خفي يسري في نفوس الجند والأمراء والمجاهدين ، فتراهم يلتقون العدو ، ويصطدم الجمعان وفي نفوس المجاهدين مخبآت وكمائن من الاختيال وإظهار الشجاعة ليقال ، والعجب ولبس القراقل المذهبة ، والخوذ المزخرفة ، والعدد المحلاة على نفوس متكبرة ، وفرسان متجبرة ، وينضاف إلى ذلك إخلال بالصلاة ، وظلم للرعية وشرب للمسكر ، فأنى ينصرون ؟ وكيف لا يخذلون ؟ اللهم فانصر دينك ، ووفق عبادك . فمن طلب العلم للعمل كسره العلم وبكى على نفسه ، ومن طلب العلم للمدارس والإفتاء والفخر والرياء ، تحامق واختال ، وازدرى بالناس ، وأهلكه العجب ، ومقتته الأنفس قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها أي : دسسها بالفجور والمعصية . [ ص: 193 ] قلبت فيه السين ألفا .

قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام -وكان أحد المجتهدين- : ما رأيت في كتب الإسلام في العلم مثل " المحلى " لابن حزم ، وكتاب " المغني " للشيخ موفق الدين .

قلت : لقد صدق الشيخ عز الدين . وثالثهما : " السنن الكبير " للبيهقي . ورابعها " التمهيد " لابن عبد البر . فمن حصل هذه الدواوين ، وكان من أذكياء المفتين وأدمن المطالعة فيها فهو العالم حقا .

ولابن حزم مصنفات جليلة أكبرها كتاب " الإيصال إلى فهم كتاب الخصال " خمسة عشر ألف ورقة ، وكتاب " الخصال الحافظ لجمل [ ص: 194 ] شرائع الإسلام " مجلدان وكتاب " المجلى " في الفقه مجلد ، وكتاب " المحلى في شرح المجلى بالحجج والآثار " ثماني مجلدات ، كتاب " حجة الوداع " مائة وعشرون ورقة ، كتاب " قسمة الخمس في الرد على إسماعيل القاضي " مجلد ، كتاب " الآثار التي ظاهرها التعارض ونفي التناقض عنها " يكون عشرة آلاف ورقة ، لكن لم يتمه ، كتاب " الجامع في صحيح الحديث " بلا أسانيد ، كتاب " التلخيص والتخليص في المسائل النظرية " كتاب " ما انفرد به مالك وأبو حنيفة والشافعي " ، " مختصر الموضح " لأبي الحسن بن المغلس الظاهري ، مجلد ، كتاب " اختلاف الفقهاء الخمسة مالك ، وأبي حنيفة ، والشافعي ، وأحمد ، وداود " ، كتاب " التصفح في الفقه " مجلد ، كتاب " التبيين في هل علم المصطفى أعيان المنافقين " ثلاثة كراريس ، كتاب " الإملاء في شرح الموطأ " ألف ورقة ، [ ص: 195 ] كتاب " الإملاء في قواعد الفقه " ألف ورقة أيضا ، كتاب " در القواعد في فقه الظاهرية " ألف ورقة أيضا ، كتاب " الإجماع " مجيليد ، كتاب " الفرائض " مجلد ، كتاب " الرسالة البلقاء في الرد على عبد الحق بن محمد الصقلي " مجيليد ، كتاب " الإحكام لأصول الأحكام " مجلدان ، كتاب " الفصل في الملل والنحل " مجلدان كبيران ، كتاب " الرد على من اعترض على الفصل " له ، مجلد ، كتاب " اليقين في نقض تمويه المعتذرين عن إبليس وسائر المشركين " مجلد كبير ، كتاب " الرد على ابن زكريا الرازي " مائة ورقة ، كتاب " الترشيد في الرد على كتاب " الفريد " لابن الراوندي في اعتراضه على النبوات ، مجلد ، كتاب " الرد على من كفر المتأولين من المسلمين " مجلد ، كتاب " مختصر في علل الحديث " مجلد ، كتاب " التقريب لحد المنطق بالألفاظ العامية " مجلد ، كتاب " الاستجلاب " مجلد ، كتاب " نسب البربر " مجلد ، كتاب " نقط العروس " مجيليد ، وغير ذلك .

ومما له في جزء أو كراس : " مراقبة أحوال الإمام " ، " من ترك الصلاة [ ص: 196 ] عمدا " ، " رسالة المعارضة " ، " قصر الصلاة " ، " رسالة التأكيد " ، " ما وقع بين الظاهرية وأصحاب القياس " ، " فضائل الأندلس " " العتاب على أبي مروان الخولاني " ، " رسالة في معنى الفقه والزهد " ، " مراتب العلماء وتواليفهم " ، " التلخيص في أعمال العباد " ، " الإظهار لما شنع به على الظاهرية " ، " زجر الغاوي " جزآن ، " النبذ الكافية " ، " النكت الموجزة في نفي الرأي والقياس والتعليل والتقليد " مجلد صغير " الرسالة اللازمة لأولي الأمر " ، " مختصر الملل والنحل " مجلد ، " الدرة في ما يلزم المسلم " جزآن ، " مسألة في الروح " ، " الرد على إسماعيل اليهودي الذي ألف في تناقض آيات " ، " النصائح المنجية " " الرسالة الصمادحية في الوعد والوعيد " ، " مسألة الإيمان " ، " مراتب العلوم " ، " بيان غلط عثمان بن سعيد الأعور في المسند والمرسل " ، " ترتيب [ ص: 197 ] سؤالات عثمان الدارمي لابن معين " ، " عدد ما لكل صاحب في مسند بقي " ، " تسمية شيوخ مالك " ، " السير والأخلاق " جزآن ، " بيان الفصاحة والبلاغة " ، رسالة في ذلك إلى ابن حفصون ، " مسألة هل السواد لون أو لا " ، " الحد والرسم " ، " تسمية الشعراء الوافدين على ابن أبي عامر " ، " شيء في العروض " ، " مؤلف في الظاء والضاد " ، " التعقب على الأفليلي في شرحه لديوان المتنبي " ، " غزوات المنصور بن أبي عامر " ، " تأليف في الرد على أناجيل النصارى " .

ولابن حزم " رسالة في الطب النبوي " ، وذكر فيها أسماء كتب له في الطب منها : " مقالة العادة " و " مقالة في شفاء الضد بالضد " ، و " شرح فصول بقراط " ، وكتاب " بلغة الحكيم " ، وكتاب " حد الطب " وكتاب " اختصار كلام جالينوس في الأمراض الحادة " ، وكتاب في " الأدوية المفردة " ، و " مقالة في المحاكمة بين التمر والزبيب " ، و " مقالة في النخل " وأشياء سوى ذلك . [ ص: 198 ] وقد امتحن لتطويل لسانه في العلماء ، وشرد عن وطنه ، فنزل بقرية له ، وجرت له أمور ، وقام عليه جماعة من المالكية ، وجرت بينه وبين أبي الوليد الباجي مناظرات ومنافرات ، ونفروا منه ملوك الناحية ، فأقصته الدولة ، وأحرقت مجلدات من كتبه ، وتحول إلى بادية لبلة في قرية .

قال أبو الخطاب ابن دحية : كان ابن حزم قد برص من أكل اللبان وأصابه زمانة ، وعاش ثنتين وسبعين سنة غير شهر .

قلت : وكذلك كان الشافعي -رحمه الله- يستعمل اللبان لقوة الحفظ ، [ ص: 199 ] فولد له رمي الدم .

قال أبو العباس بن العريف : كان لسان ابن حزم وسيف الحجاج شقيقين .

وقال أبو بكر محمد بن طرخان التركي : قال لي الإمام أبو محمد عبد الله بن محمد -يعني والد أبي بكر بن العربي - : أخبرني أبو محمد بن حزم أن سبب تعلمه الفقه أنه شهد جنازة ، فدخل المسجد ، فجلس ولم يركع ، فقال له رجل : قم فصل تحية المسجد .

وكان قد بلغ ستا وعشرين سنة . قال : فقمت وركعت ، فلما رجعنا من الصلاة على الجنازة ، دخلت المسجد ، فبادرت بالركوع ، فقيل لي : اجلس اجلس ، ليس ذا وقت صلاة -وكان بعد العصر- قال : فانصرفت وقد حزنت وقلت للأستاذ الذي رباني : دلني على دار الفقيه أبي عبد الله بن دحون . قال : فقصدته وأعلمته بما جرى ، فدلني على " موطأ " مالك ، فبدأت به عليه ، وتتابعت قراءتي عليه وعلى غيره نحوا من ثلاثة أعوام ، وبدأت بالمناظرة . ثم قال ابن العربي صحبت ابن حزم سبعة أعوام ، وسمعت منه جميع مصنفاته سوى المجلد الأخير من كتاب " الفصل " ، وهو ست مجلدات ، وقرأنا عليه من كتاب " الإيصال " أربع مجلدات في سنة ست وخمسين وأربعمائة ، وهو أربعة وعشرون مجلدا ، ولي منه إجازة غير مرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية