الداودي
الإمام العلامة ، الورع ، القدوة ، جمال الإسلام ، مسند الوقت أبو
[ ص: 223 ] الحسن ، عبد الرحمن بن محمد بن المظفر بن محمد بن داود بن أحمد بن معاذ الداودي ، البوشنجي .
مولده في ربيع الآخر سنة أربع وسبعين وثلاثمائة .
وسمع " الصحيح " و " مسند "
عبد بن حميد وتفسيره ، و " مسند "
أبي محمد الدارمي من
أبي محمد بن حمويه السرخسي ببوشنج ، وتفرد في الدنيا بعلو ذلك ، وسمع
بهراة من
عبد الرحمن بن أبي شريح ،
وبنيسابور من
nindex.php?page=showalam&ids=14070أبي عبد الله الحاكم ،
وابن يوسف ، وابن محمش ،
وببغداد من
ابن الصلت المجبر ،
وابن مهدي الفارسي ،
وعلي بن عمر التمار .
وكان مجيئه إلى
بغداد سنة تسع وتسعين وثلاثمائة ، فأقام بها أعواما ، وتفقه على
أبي حامد ،
وعلى أبي الطيب الصعلوكي ،
nindex.php?page=showalam&ids=15021وأبي بكر القفال ،
وابن محمش .
وقيل : إنه كان يتقوت بما يحمل إليه من ملك له
ببوشنج ، ويبالغ في الورع ، ومحاسنه جمة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14523أبو سعد السمعاني : كان وجه مشايخ
خراسان فضلا عن ناحيته ، والمعروف في أصله وفضله وطريقته ، له قدم في التقوى راسخ ، يستحق أن يطوى للتبرك به فراسخ ، فضله في الفنون مشهور ، وذكره في الكتب مسطور ، وأيامه غرر ، وكلامه درر . قرأ الأدب
على أبي علي الفنجكردي . والفقه
[ ص: 224 ] على عدة ، كان ما يأكله يحمل من
بوشنج إلى
بغداد احتياطا ، صحب
أبا علي الدقاق ،
nindex.php?page=showalam&ids=12067وأبا عبد الرحمن السلمي بنيسابور ، وصحب
فاخرا السجزي ببست في رحلته إلى
غزنة ولقي
يحيى بن عمار الواعظ . إلى أن قال : وأخذ في مجلس التذكير والفتوى ، والتدريس والتصنيف ، وكان ذا حظ من النظم والنثر . حدثنا عنه
مسافر بن محمد وأخوه
أحمد ،
وأبو المحاسن أسعد بن زياد الماليني ،
وأبو الوقت عبد الأول السجزي ،
وعائشة بنت عبد الله البوشنجية .
وسمعت
يوسف بن محمد بن فاروا الأندلسي ، سمعت
علي بن سليمان المرادي يقول : كان
أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل يقول : سمعت " الصحيح " من
أبي سهل الحفصي ، وأجازه لي
الداودي ، وإجازة
الداودي أحب إلي من السماع من
الحفصي .
وسمعت
أسعد بن زياد يقول : كان شيخنا
الداودي بقي أربعين سنة لا يأكل لحما ، وقت تشويش
التركمان واختلاط النهب ، فأضر به ، فكان يأكل السمك ، ويصطاد له من نهر كبير ، فحكي له أن بعض الأمراء أكل على حافة ذلك النهر ونفضت سفرته وما فضل في النهر ، فما أكل السمك بعد .
[ ص: 225 ]
وسمعت
محمود بن زياد الحنفي ، سمعت
المختار بن عبد الحميد البوشنجي يقول : صلى
أبو الحسن الداودي أربعين سنة ويده خارجة من كمه استعمالا للسنة ، واحتياطا لأحد القولين في وضع اليدين وهما مكشوفتان حالة السجود .
قال
السلفي : سألت
المؤتمن عن
الداودي ، فقال : كان من سادات رجال
خراسان ، ترك أكل الحيوانات وما يخرج منها منذ دخل
التركمان ديارهم . تفقه
بسهل الصعلوكي ،
وبأبي حامد الإسفراييني .
قال
ابن النجار : كان من الأئمة الكبار في المذهب ، ثقة ، عابدا ، محققا ، درس وأفتى ، وصنف ووعظ .
قال
أبو القاسم عبد الله بن علي ; أخو
نظام الملك : كان
أبو الحسن الداودي لا تسكن شفته من ذكر الله ، فحكي أن مزينا أراد قص شاربه ، فقال : سكن شفتيك . قال : قل للزمان حتى يسكن . ودخل أخي
نظام الملك عليه ، فقعد بين يديه ، وتواضع له ، فقال لأخي : أيها الرجل ! إنك سلطك الله على عباده ، فانظر كيف تجيبه إذا سألك عنهم .
ومن شعره :
رب تقبل عملي ولا تخيب أملي أصلح أموري كلها
قبل حلول الأجل
وله :
يا شارب الخمر اغتنم توبة قبل التفاف الساق بالساق
[ ص: 226 ] الموت سلطان له سطوة يأتي على المسقي والساقي
قال
عبد الغافر في " تاريخه " : ولد
الداودي في ربيع الآخر سنة أربع وسبعين وثلاثمائة .
وقال
الحسين بن محمد الكتبي : توفي
ببوشنج في شوال ، سنة سبع وستين وأربعمائة .
وبوشنج بشين معجمة - وقيل : أوله فاء - : بلدة على سبعة فراسخ من
هراة . وبعضهم يقول : بسين مهملة .
أنشدنا
ابن اليونيني ، أخبرنا
جعفر ، أخبرنا
السلفي ، أنشدنا
أبو السمح الحافظ بتستر ، أنشدنا
الداودي ببوشنج لنفسه :
كان اجتماع الناس فيما مضى يورث البهجة والسلوه
فانقلب الأمر إلى ضده فصارت السلوة في الخلوه
وقال
عبد الله بن عطاء الإبراهيمي : أنشدنا
الداودي لنفسه :
كان في الاجتماع من قبل نور فمضى النور وادلهم الظلام
فسد الناس والزمان جميعا فعلى الناس والزمان السلام