باديس بن حبوس
ابن ماكس بن بلكين بن زيري بن مناد الصنهاجي ، من قواد [ ص: 591 ] البربر له شرف وأبوة وعشيرة .
تملك غرناطة ، وجيش الجيوش ، وحارب المعتصم صاحب المرية ، والمعتضد صاحب إشبيلية ، وكان سفاكا للدماء . فيه عدل بجهل .
وقفت له امرأة عند باب إلبيرة فقالت : يا مولانا ! ابني يعقني . فطلبه ، ودعا بالسيف ، فقالت المرأة : إنما أردت تهديده . فقال : ما أنا بمعلم كتاب . وأمر به ، فضربت عنقه .
واستعمل بعض أقاربه على بلد ، فخرج يتصيد ، فمر بشيخ قرية ، فرغب في تشريفه بالضيافة ، فأنزله في أرض فيها دولاب وفواكه ، فبادر له بثريد في لبن وسكر ، وقال : نأتي بعد بما تحب . فرماه برجله ، وضرب الشيخ ، ففر الشيخ ، وأتى إلبيرة ، فعرف الملك بما جرى عليه ، فقال : ارجع واصبر ، وواعده ، ثم جاءه بعد أيام في كبكبة منهم خصمه ، فقدم الشيخ للملك مثل ذلك الثريد ، فتناوله وأكله واستطابه ، ثم قال : خذ بثأرك من هذا ، فاضربه . فاستعظم الشيخ ذلك ، فقال الملك : لا بد ، فضربه حتى اقتص منه . فقال الملك : هذا حق هذا ، بقي حق الله في إهانة نعمته ، وحقي في اجتراء العمال . فضرب عنقه ، وطيف برأسه . حكاها اليسع بن حزم . [ ص: 592 ]
وحكي أيضا أن بعض أهل البادية كانت له بنت عم بديعة الحسن ، فافتقر ، ونزح بها ، فصادفه في الطريق أمير صنهاجي ، فأركبها شفقة عليها ، ثم أسرع بها ، فلما وصل البدوي ، أتى دار الأمير ، فطردوه ، فقصد الملك ، فقال لذاك الأمير : ادفع إليه زوجته . فأنكر ، فقال : يا بدوي ! هل لك من شهيد ولو كلبا يعرفها ؟ قال : نعم . فدخل بكلب له إلى الدار ، وأخرجت الحرم ، فلما رآها الكلب ، عرفها وبصبص ، فأمر الملك بدفعها إلى البدوي ، وضرب عنق الأمير ، فقال البدوي : هي طالق لكونها سكتت ، ورضيت . فقال الملك : صدقت ، ولو لم تطلقها لألحقتك به . ثم أمر بالمرأة ، فقتلت .
قال صاحب حماة : توفي والد باديس هذا في سنة تسع وعشرين وأربعمائة ، وتملك ابنه باديس بن حبوس ، وامتدت أيامه ، ثم تملك غرناطة ابن أخيه عبد الله بن بلكين بن حبوس ، وبقي حتى أخذها منه يوسف بن تاشفين سنة بضع وثمانين وأربعمائة .
التالي
السابق