نظام الملك
الوزير الكبير ، نظام الملك ، قوام الدين أبو علي الحسن بن علي بن إسحاق الطوسي ، عاقل ، سائس ، خبير ، سعيد ، متدين ، محتشم ، عامر المجلس بالقراء والفقهاء .
أنشأ المدرسة الكبرى ببغداد وأخرى بنيسابور ، وأخرى بطوس ورغب في العلم ، وأدر على الطلبة الصلات . وأملى الحديث ، وبعد صيته .
[ ص: 95 ] وكان أبوه من دهاقين بيهق فنشأ وقرأ نحوا ، وتعانى الكتابة والديوان ، وخدم بغزنة ، وتنقلت به الأحوال إلى أن وزر للسلطان ألب آرسلان ، ثم لابنه ملكشاه ، فدبر ممالكه على أتم ما ينبغي ، وخفف المظالم ، ورفق بالرعايا ، وبنى الوقوف ، وهاجرت الكبار إلى جنابه ، وازدادت رفعته ، واستمر عشرين سنة .
سمع من القشيري ، وأبي مسلم بن مهربزد وأبي حامد الأزهري .
روى عنه nindex.php?page=showalam&ids=13317علي بن طراد الزينبي ، ونصر بن نصر العكبري ، وجماعة .
وكان فيه خير وتقوى ، وميل إلى الصالحين ، وخضوع لموعظتهم ، يعجبه من يبين له عيوب نفسه ، فينكسر ويبكي .
مولده في سنة ثمان وأربعمائة وقتل صائما في رمضان ، أتاه باطني في هيئة صوفي يناوله قصة ، فأخذها منه ، فضربه بالسكين في فؤاده ، فتلف ، وقتلوا قاتله ، وذلك ليلة جمعة سنة خمس وثمانين وأربعمائة بقرب نهاوند ، وكان آخر قوله : لا تقتلوا قاتلي ، قد عفوت ، لا إله إلا الله .
قال ابن خلكان قد دخل نظام الملك على المقتدي بالله ، [ ص: 96 ] فأجلسه ، وقال له : يا حسن ، رضي الله عنك ، كرضى أمير المؤمنين عنك .
وللنظام سيرة طويلة في " تاريخ ابن النجار " ، وكان شافعيا أشعريا .
وقيل : إن قتله كان بتدبير السلطان ، فلم يمهل بعده إلا نحو شهر .
وكان النظام قد ختم وله إحدى عشرة ، واشتغل بمذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وسار إلى غزنة ، فصار كاتبا نجيبا ، إليه المنتهى في الحساب ، وبرع في الإنشاء ، وكان ذكيا ، لبيبا ، يقظا ، كامل السؤدد .
قيل : إنه ما جلس إلا على وضوء ، وما توضأ إلا تنفل ، ويصوم الاثنين والخميس ، جدد عمارة خوارزم ، ومشهد طوس ، وعمل بيمارستانا ، نابه عليه خمسون ألف دينار ، وبنى أيضا بمرو مدرسة ، وبهراة مدرسة ، وببلخ مدرسة ، وبالبصرة مدرسة ، وبأصبهان مدرسة ، وكان حليما رزينا جوادا ، صاحب فتوة واحتمال ومعروف كثير إلى الغاية ، ويبالغ في الخضوع للصالحين .
وقيل : كان يتصدق كل صباح بمائة دينار .
قال ابن عقيل : بهر العقول سيرة النظام جودا وكرما وعدلا ، وإحياء لمعالم الدين ، كانت أيامه دولة أهل العلم ، ثم ختم له بالقتل وهو مار إلى الحج في رمضان ، فمات ملكا في الدنيا ، ملكا في الآخرة ، رحمه الله .
التالي
السابق