التيمي
الإمام العلامة الحافظ ، شيخ الإسلام ، أبو القاسم ، إسماعيل بن محمد بن الفضل بن علي بن أحمد بن طاهر القرشي التيمي ، ثم الطلحي الأصبهاني الملقب بقوام السنة ، مصنف كتاب " الترغيب والترهيب " .
مولده في سنة سبع وخمسين وأربعمائة .
سمع
أبا عمرو عبد الوهاب بن أبي عبد الله بن منده ،
وعائشة بنت الحسن ،
وإبراهيم بن محمد الطيان وأبا الخير محمد بن أحمد بن ررا ،
والقاضي أبا منصور بن شكرويه ،
وأبا عيسى عبد الرحمن بن محمد بن زياد ،
وسليمان بن إبراهيم الحافظ ،
ومحمد بن أحمد بن علي السمسار ،
وأحمد بن عبد الرحمن الذكواني ،
والرئيس أبا عبد الله الثقفي ، وطبقتهم
بأصبهان ،
وأبا نصر محمد بن محمد الزينبي ،
وعاصم بن الحسن ، وخلقا
[ ص: 81 ] ببغداد ،
وأبا بكر بن خلف الشيرازي ،
وأبا نصر محمد بن سهل السراج ،
وعبد الرحمن بن أحمد الواحدي ، وأقرانهم
بنيسابور ، وأقدم سماعه من
محمد بن عمر الطهراني صاحب ابن منده في سنة سبع وستين وهو ابن عشر سنين .
وسمع
بمكة ، وجاور سنة ، وأملى وصنف ، وجرح وعدل ، وكان من أئمة العربية أيضا ، وفي تواليفه الأشياء الموضوعة كغيره من الحفاظ . حدث عنه :
nindex.php?page=showalam&ids=14523أبو سعد السمعاني ،
وأبو العلاء الهمذاني ،
وأبو طاهر السلفي ،
وأبو القاسم بن عساكر nindex.php?page=showalam&ids=12168وأبو موسى المديني ،
وأبو سعد الصائغ ،
ويحيى بن محمود الثقفي وهو سبطه ،
وعبد الله بن محمد بن حمد الخباز ،
وأبو الفضائل محمود بن أحمد العبدكوي ،
وأبو نجيح فضل الله بن عثمان ،
والمؤيد بن الإخوة ،
وأبو المجد زاهر بن أحمد الثقفي ، وخلق سواهم .
قال
أبو موسى المديني :
أبو القاسم إسماعيل الحافظ إمام أئمة وقته ، وأستاذ علماء عصره ، وقدوة أهل السنة في زمانه ، حدثنا عنه جماعة في حال حياته ، أصمت في صفر سنة أربع وثلاثين وخمس مائة ، ثم فلج بعد مدة ، ومات يوم النحر سنة خمس وثلاثين واجتمع في جنازته جمع لم أر مثلهم كثرة ، وكان أبوه
أبو جعفر محمد صالحا ورعا ،
سمع من سعيد العيار ، وقرأ القرآن على
أبي المظفر بن شبيب ، وتوفي في سنة إحدى وتسعين وأربعمائة . . . إلى أن قال : ووالدته كانت من ذرية
طلحة بن عبيد [ ص: 82 ] الله التيمي أحد العشرة -رضي الله عنهم .
قال
أبو موسى : قال
إسماعيل : سمعت من
عائشة وأنا ابن أربع سنين ، وقد سمع من
أبي القاسم بن عليك في سنة إحدى وستين .
قال
أبو موسى : ولا أعلم أحدا عاب عليه قولا ولا فعلا ، ولا عانده أحد إلا ونصره الله ، وكان نزه النفس عن المطامع ، لا يدخل على السلاطين ، ولا على من اتصل بهم ، قد أخلى دارا من ملكه لأهل العلم مع خفة ذات يده ، ولو أعطاه الرجل الدنيا بأسرها لم يرتفع عنده ، أملى ثلاثة آلاف وخمس مائة مجلس ، وكان يملي على البديهة .
وقال
الحافظ يحيى بن منده : كان
أبو القاسم حسن الاعتقاد ، جميل الطريقة ، قليل الكلام ، ليس في وقته مثله .
وقال
عبد الجليل كوتاه : سمعت أئمة
بغداد يقولون : ما رحل إلى
بغداد بعد
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد أفضل ولا أحفظ من
إسماعيل .
قلت : هذا قول من لا يعلم .
وقال
أبو موسى المديني في ذكر من هو على رأس المائة الخامسة : لا أعلم أحدا في ديار الإسلام يصلح لتأويل الحديث إلا
إسماعيل الحافظ .
[ ص: 83 ] قلت : وهذا تكلف ; فإنه على رأس المائة الخامسة ما اشتهر ، إنما اشتهر قبل موته بعشرين عاما .
وروي عن
إسماعيل الحافظ أنه قال : ما رأيت في عمري من يحفظ حفظي .
قال
أبو موسى : وقرأ بروايات على جماعة من القراء ، وأما التفسير والمعاني والإعراب ، فقد صنف فيه كتبا بالعربية وبالفارسية ، وأما علم الفقه فقد شهرت فتاويه في البلد والرساتيق .
قال
أبو المناقب محمد بن حمزة العلوي : حدثنا الإمام الكبير ، بديع وقته ، وقريع دهره ،
أبو القاسم إسماعيل بن محمد . . . فذكر حديثا .
وبلغنا عن
أبي القاسم تعبد وأوراد وتهجد ، فقال
أبو موسى : سمعت من يحكي عنه في اليوم الذي قدم بولده ميتا ، وجلس للتعزية ، أنه جدد الوضوء في ذلك اليوم مرات نحو الثلاثين ، كل ذلك يصلي ركعتين ، وسمعت بعض أصحابه أنه كان يملي شرح " صحيح
مسلم " عند قبر ولده
أبي عبد الله ، ويوم تمامه عمل مأدبة وحلاوة كثيرة ، وكان ابنه ولد في سنة خمس مائة ، ونشأ ، صار إماما في اللغة والعلوم ، حتى ما كان يتقدمه كبير أحد في الفصاحة والبيان والذكاء ، وكان أبوه يفضله على نفسه في اللغة
[ ص: 84 ] وجريان اللسان ، أملى جملة من شرح " الصحيحين " ، وله تصانيف كثيرة مع صغر سنه ، مات بهمذان سنة ست وعشرين ، وفقده أبوه ، وسمعت
أحمد بن حسن يقول : كنا مع الشيخ
أبي القاسم ، فالتفت إلى
أبي مسعود الحافظ ، فقال : أطال الله عمرك ، فإنك تعيش طويلا ، ولا ترى مثلك .
فهذا من كراماته .
إلى أن قال
الحافظ أبو موسى : وله التفسير في ثلاثين مجلدا ، سماه " الجامع " ، له تفسير آخر في أربع مجلدات ، وله " الموضح " في التفسير في ثلاث مجلدات ، وكتاب " المعتمد " في التفسير عشر مجلدات ، وكتاب " السنة " مجلد ، وكتاب " سير السلف " مجلد ضخم ، وكتاب " دلائل النبوة " مجلد ، وكتاب " المغازي " مجلد ، وأشياء كثيرة .
وقال
محمد بن ناصر الحافظ : حدثنا
أبو جعفر محمد بن الحسن ابن أخي إسماعيل الحافظ ، حدثني
أحمد الأسواري الذي تولى غسل عمي -وكان ثقة- أنه أراد أن ينحي عن سوأته الخرقة لأجل الغسل ، قال : فجبذها
إسماعيل بيده ، وغطى فرجه ، فقال الغاسل : أحياة بعد موت ؟!
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14523أبو سعد السمعاني :
أبو القاسم هو أستاذي في الحديث ، وعنه أخذت هذا القدر ، وهو إمام في التفسير والحديث واللغة والأدب ، عارف بالمتون والأسانيد ، كنت إذا سألته عن المشكلات ، أجاب في الحال ، وهب أكثر أصوله في آخر عمره ، وأملى بالجامع قريبا من ثلاثة آلاف مجلس وكان أبي يقول : ما رأيت
بالعراق من يعرف الحديث ويفهمه غير
[ ص: 85 ] اثنين :
إسماعيل الجوزي بأصبهان ،
والمؤتمن الساجي ببغداد .
قال
أبو سعد : تلمذت له ، وسألته عن أحوال جماعة ، قال : ورأيته وقد ضعف ، وساء حفظه .
وقال
محمد بن عبد الواحد الدقاق : كان
أبو القاسم عديم النظير ، لا مثل له في وقته ، كان ممن يضرب به المثل في الصلاح والرشاد .
وقال
أبو طاهر السلفي : هو فاضل في العربية ومعرفة الرجال .
وقال
أبو عامر العبدري ما رأيت أحدا قط مثل
إسماعيل ، ذاكرته ، فرأيته حافظا للحديث ، عارفا بكل علم ، متفننا ، استعجل عليه بالخروج . روى
السلفي هذا عن
العبدري .
وقال
السلفي : وسمعت
أبا الحسين بن الطيوري غير مرة يقول : ما قدم علينا من
خراسان مثل
إسماعيل بن محمد .
قلت : قول
nindex.php?page=showalam&ids=14523أبي سعد السمعاني فيه : "
الجوزي " بضم الجيم وبزاي ، هو لقب
أبي القاسم ، وهو اسم طائر صغير .
وقد سئل
أبو القاسم التيمي رحمه الله : هل يجوز أن يقال : لله حد أو
[ ص: 86 ] لا ؟ وهل جرى هذا الخلاف في السلف ؟ فأجاب : هذه مسألة أستعفي من الجواب عنها لغموضها ، وقلة وقوفي على غرض السائل منها ، لكني أشير إلى بعض ما بلغني ، تكلم أهل الحقائق في تفسير الحد بعبارات مختلفة ، محصولها أن حد كل شيء موضع بينونته عن غيره ، فإن كان غرض القائل : ليس لله حد : لا يحيط علم الحقائق به ، فهو مصيب ، وإن كان غرضه بذلك : لا يحيط علمه تعالى بنفسه فهو ضال ، أو كان غرضه أن الله بذاته في كل مكان فهو أيضا ضال .
قلت : الصواب الكف عن إطلاق ذلك ، إذ لم يأت فيه نص ، ولو فرضنا أن المعنى صحيح ، فليس لنا أن نتفوه بشيء لم يأذن به الله خوفا من أن يدخل القلب شيء من البدعة ، اللهم احفظ علينا إيماننا .
وقد ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=13359أبو القاسم بن عساكر أبا نصر الحسن بن محمد اليونارتي الحافظ ، فرجحه على
أبي القاسم إسماعيل ، فالله أعلم ، وكأن
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر لما رأى
إسماعيل بن محمد وقد كبر ونقص حفظه ، قال هذا .
قد مر أنه مات سنة خمس وثلاثين .
وفيها مات الإمام الكبير المحدث
أبو الحسن رزين بن معاوية العبدري السرقسطي المجاور ، والفقيه البديع
أبو علي أحمد بن سعد العجلي الهمذاني والعلامة اللغوي
الإمام أبو عبد الله جعفر بن محمد بن مكي بن أبي طالب القيسي القرطبي ومسند
بغداد أبو منصور عبد [ ص: 87 ] الرحمن بن محمد بن زريق الشيباني القزاز ومسند العصر قاضي
المرستان أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري البغدادي ،
والزاهد القدوة يوسف بن أيوب الهمذاني بمرو ، ومسند
نيسابور أبو الفتوح عبد الوهاب بن شاه الشاذياخي والمعمر أبو الحسن محمد بن أحمد بن محمد بن توبة الأسدي العكبري ، وأخوه
أبو منصور عبد الجبار
أخبرنا
محمد بن عمر بن محمود الفقيه ، أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=16995محمد بن عبد الهادي ، أخبرنا
يحيى بن محمود ، أخبرنا جدي لأمي
إسماعيل بن محمد الحافظ بأصبهان ، أخبرنا
أبو نصر محمد بن سهل السراج ، أخبرنا
عبد الملك بن الحسن الأزهري ، حدثنا
أبو عوانة ، حدثنا
الحسن بن علي بن عفان ،
وإبراهيم بن مسعود الهمذاني ، قالا : حدثنا
ابن نمير ، عن
الأعمش ، عن
شقيق ، عن
مسروق ، عن
عائشة قالت : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :
nindex.php?page=hadith&LINKID=881614إذا أطعمت المرأة من بيت زوجها غير مفسدة ، فلها أجرها ، وله مثله ، وللخازن مثل ذلك ، له بما احتسب ، ولها بما أنفقت .
قال
أبو موسى المديني : سألت
إسماعيل يوما : أليس قد روي عن
ابن [ ص: 88 ] عباس في قوله " استوى " : قعد ؟ قال : نعم . قلت له :
إسحاق ابن راهويه يقول : إنما يوصف بالقعود من يمل القيام . قال : لا أدري أيش يقول
إسحاق . وسمعته يقول : أخطأ
nindex.php?page=showalam&ids=13113ابن خزيمة في حديث الصورة ، ولا يطعن عليه بذلك ، بل لا يؤخذ عنه هذا فحسب .
قال
أبو موسى : أشار بهذا إلى أنه قل إمام إلا وله زلة ، فإذا ترك لأجل زلته ، ترك كثير من الأئمة ، وهذا لا ينبغي أن يفعل .
وعن
أبي مسعود عبد الرحيم قال : كنا نمضي مع
أبي القاسم إلى بعض المشاهد ، فإذا استيقظنا من الليل رأيناه قائما يصلي .
وذكر
أبو موسى في نسبة
أبي القاسم التيمي الطلحي أن ذلك النسب له من جهة أمه ، ثم قال : وابن أخت القوم منهم .