القاضي عياض
الإمام العلامة الحافظ الأوحد ، شيخ الإسلام القاضي أبو الفضل
[ ص: 213 ] عياض بن موسى بن عياض بن عمرو بن موسى بن عياض اليحصبي الأندلسي ، ثم السبتي المالكي .
ولد في سنة ست وسبعين وأربعمائة .
تحول جدهم من
الأندلس إلى
فاس ، ثم سكن
سبتة .
لم يحمل القاضي العلم في الحداثة ، وأول شيء أخذ عن الحافظ
أبي علي الغساني إجازة مجردة ، وكان يمكنه السماع منه ، فإنه لحق من حياته اثنين وعشرين عاما .
رحل إلى
الأندلس سنة بضع وخمسمائة ، وروى عن القاضي
أبي علي بن سكرة الصدفي ، ولازمه ، وعن
أبي بحر بن العاص ،
ومحمد بن حمدين ،
وأبي الحسين سراج الصغير ،
وأبي محمد بن عتاب ،
وهشام بن أحمد ، وعدة .
[ ص: 214 ] وتفقه
بأبي عبد الله محمد بن عيسى التميمي ، والقاضي
محمد بن عبد الله المسيلي .
واستبحر من العلوم ، وجمع وألف ، وسارت بتصانيفه الركبان ، واشتهر اسمه في الآفاق .
قال
خلف بن بشكوال هو من أهل العلم والتفنن والذكاء والفهم ، استقضي
بسبتة مدة طويلة حمدت سيرته فيها ، ثم نقل عنها إلى قضاء
غرناطة ، فلم يطول بها ، وقدم علينا
قرطبة ، فأخذنا عنه .
وقال الفقيه
محمد بن حماده السبتي : جلس القاضي للمناظرة وله نحو من ثمان وعشرين سنة ، وولي القضاء وله خمس وثلاثون سنة ، كان هينا من غير ضعف ، صليبا في الحق ، تفقه على
أبي عبد الله التميمي ، وصحب
أبا إسحاق بن جعفر الفقيه ، ولم يكن أحد
بسبتة في عصر أكثر تواليف من تواليفه ، له كتاب " الشفا في شرف المصطفى " مجلد وكتاب " ترتيب المدارك وتقريب المسالك في ذكر فقهاء مذهب
مالك " في مجلدات وكتاب " العقيدة " ، وكتاب " شرح حديث
أم زرع " وكتاب " جامع
[ ص: 215 ] التاريخ " الذي أربى على جميع المؤلفات ، جمع فيه أخبار ملوك
الأندلس والمغرب ، واستوعب فيه أخبار
سبتة وعلمائها ، وله كتاب " مشارق الأنوار في اقتفاء صحيح الآثار " : " الموطأ " و " الصحيحين " . . .
إلى أن قال : وحاز من الرئاسة في بلده والرفعة ما لم يصل إليه أحد قط من أهل بلده ، وما زاده ذلك إلا تواضعا وخشية لله تعالى ، وله من المؤلفات الصغار أشياء لم نذكرها .
قال القاضي
شمس الدين في " وفيات الأعيان " هو إمام الحديث في وقته ، وأعرف الناس بعلومه ، وبالنحو واللغة وكلام العرب وأيامهم وأنسابهم .
قال : ومن تصانيفه كتاب " الإكمال في شرح صحيح
مسلم " كمل به كتاب " المعلم "
للمازري ، وكتاب " مشارق الأنوار " في تفسير غريب الحديث ، وكتاب " التنبيهات " فيه فوائد وغرائب ، وكل تواليفه بديعة وله شعر حسن .
[ ص: 216 ] قلت : تواليفه نفيسة ، وأجلها وأشرفها كتاب " الشفا " لولا ما قد حشاه بالأحاديث المفتعلة ، عمل إمام لا نقد له في فن الحديث ولا ذوق ، والله يثيبه على حسن قصده ، وينفع ب " شفائه " ، وقد فعل ، وكذا فيه من التأويلات البعيدة ألوان ، ونبينا صلوات الله عليه وسلامه غني بمدحة التنزيل عن الأحاديث ، وبما تواتر من الأخبار عن الآحاد ، وبالآحاد النظيفة الأسانيد عن الواهيات ، فلماذا يا قوم نتشبع بالموضوعات ، فيتطرق إلينا مقال ذوي الغل والحسد ، ولكن من لا يعلم معذور ، فعليك يا أخي بكتاب " دلائل النبوة "
nindex.php?page=showalam&ids=13933للبيهقي فإنه شفاء لما في الصدور وهدى ونور .
وقد حدث عن القاضي خلق من العلماء ، منهم الإمام
عبد الله بن محمد الأشيري ،
وأبو جعفر بن القصير الغرناطي ، والحافظ
خلف بن بشكوال ،
وأبو محمد بن عبيد الله الحجري ،
ومحمد بن الحسن الجابري ، وولده القاضي
محمد بن عياض قاضي
دانية .
ومن شعره :
انظر إلى الزرع وخاماته تحكي وقد ماست أمام الرياح كتيبة خضراء مهزومة
شقائق النعمان فيها جراح
[ ص: 217 ] قال القاضي
ابن خلكان شيوخ القاضي يقاربون المائة توفي في سنة أربع وأربعين وخمسمائة في رمضانها ، وقيل : في جمادى الآخرة منها
بمراكش ، ومات ابنه في سنة خمس وسبعين وخمسمائة .
قال
ابن بشكوال توفي القاضي مغربا عن وطنه في وسط سنة أربع .
وقال ولده القاضي
محمد : توفي في ليلة الجمعة نصف الليلة التاسعة من جمادى الآخرة ودفن
بمراكش سنة أربع .
قلت : بلغني أنه قتل بالرماح لكونه أنكر عصمة
ابن تومرت .
وفيها مات شاعر زمانه القاضي
أبو بكر أحمد بن محمد بن حسين الأرجاني قاضي
تستر ، والعلامة المصنف
أبو جعفرك أحمد بن علي بن [ ص: 218 ] أبي جعفر البيهقي والمسند
بهراة أبو المحاسن أسعد بن علي بن الموفق ، ومحدث
حلب أبو الحسن علي بن سليمان المرادي القرطبي .
أخبرنا القاضي
معين الدين علي بن أبي العباس المالكي بالإسكندرية ، قال : قرأت على
محمد بن إبراهيم بن الجرج ، عن
عبد الله بن محمد بن عبيد الله الحافظ ، وأخبرني
أبو القاسم محمد بن عمران الحضرمي ، أخبرنا
أبو إسحاق الغافقي غير مرة ، أخبرنا
محمد بن عبد الله الأزدي ، أخبرنا
محمد بن الحسن بن عطية الجابري ، قالا :
أخبرنا
عياض بن موسى القاضي ، أخبرنا
محمد بن عيسى التميمي ،
وهشام بن أحمد ، قالا : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14050أبو علي الغساني ، حدثنا
أبو عمر النمري ، حدثنا
ابن عبد المؤمن ، حدثنا
أبو بكر التمار ، حدثنا
أبو داود ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16969محمد بن سلمة ، حدثنا
ابن وهب ، عن
حيوة وابن لهيعة nindex.php?page=showalam&ids=15986وسعيد بن أبي أيوب ، عن
كعب بن علقمة ، عن
عبد الرحمن بن جبير ، عن
عبد الله بن عمرو ، سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=881622إذا سمعتم المؤذن فقولوا ما يقول ، ثم صلوا علي ، فإنه من صلى علي صلى الله عليه عشرا ، ثم سلوا الله لي الوسيلة ; فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله ، وأرجو أن أكون أنا هو ، فمن سأل الله لي الوسيلة حلت عليه الشفاعة رواه
مسلم .
ومن سلالته العلامة :