ابن الأشعث
الأمير متولي سجستان ، عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بن قيس الكندي .
بعثه الحجاج على سجستان ، فثار هناك ، وأقبل في جمع كبير ، وقام معه علماء وصلحاء لله -تعالى- لما انتهك الحجاج من إماتة وقت الصلاة ، ولجوره وجبروته . فقاتله الحجاج ، وجرى بينهما عدة مصافات ، وينتصر ابن الأشعث ، [ ص: 184 ] ودام الحرب أشهرا ، وقتل خلق من الفريقين ، وفي آخر الأمر انهزم جمع ابن الأشعث ، وفر هو إلى الملك رتبيل ملتجئا إليه ، فقال له علقمة بن عمرو : أخاف عليك ، وكأني بكتاب الحجاج قد جاء إلى رتبيل يرغبه ويرهبه ، فإذا هو قد بعث بك أو قتلك ، ولكن هاهنا خمس مائة مقاتل قد تبايعنا على أن ندخل مدينة نتحصن بها ونقاتل حتى نعطى أمانا أو نموت كراما .
فأبى عليه ، وأقام الخمس مائة حتى قدم عمارة بن تميم فقاتلوه حتى أمنهم ووفى لهم ، ثم تتابعت كتب الحجاج إلى رتبيل بطلب ابن الأشعث ، فبعث به إليه على أن ترك له الحمل سبعة أعوام . وقيل : إن ابن الأشعث أصابه السل فمات ، فقطع رأسه ، ونفذ إلى الحجاج .
وقيل : إن الحجاج كتب إلى رتبيل : إني قد بعثت إليك عمارة في ثلاثين ألفا يطلبون ابن الأشعث فأبى أن يسلمه ، وكان مع ابن الأشعث عبيد بن أبي سبيع ، فأرسله إلى رتبيل ، فخف على رتبيل واختص به ، قال لابن الأشعث أخوه القاسم : لا آمن غدر رتبيل ، فاقتله -يعني عبيدا - فهم به ، ففهم ذلك وخاف ، فوشي به إلى رتبيل وخوفه من غائلة الحجاج ، وهرب سرا إلى عمارة فاستعجل في ابن الأشعث ألف ألف درهم .
فكتب بذلك عمارة إلى الحجاج فكتب : أن أعط عبيدة ورتبيل ما طلبا .
فاشترط أمورا فأعطيها وأرسل إلى ابن الأشعث وإلى ثلاثين من أهل بيته وقد هيأ لهم القيود والأغلال ، فقيدهم وبعث بهم إلى عمارة ، وسار بهم ، فلما قرب ابن الأشعث من العراق ألقى نفسه من قصر خراب أنزلوه فوقه فهلك .
فقيل : ألقى نفسه والحر معه الذي هو مقيد معه ، والقيد في رجلي الاثنين فهلكا ، وذلك في سنة أربع وثمانين .
التالي
السابق