ابن ناصر
الإمام المحدث الحافظ مفيد
العراق ، أبو الفضل محمد بن ناصر بن محمد بن علي بن عمر السلامي البغدادي .
مولده في سنة سبع وستين وأربعمائة .
وربي يتيما في كفالة جده لأمه الفقيه
أبي حكيم الخبري .
[ ص: 266 ] توفي أبوه المحدث
ناصر شابا ، فلقنه جده
أبو حكيم القرآن ، وسمعه من
أبي القاسم علي بن أحمد بن البسري ،
وأبي طاهر بن أبي الصقر الأنباري .
ثم طلب ، وسمع من :
عاصم بن الحسن ،
ومالك بن أحمد البانياسي ،
وأبي الغنائم بن أبي عثمان ،
ورزق الله التميمي ، وطراد الزينبي ،
وابن طلحة النعالي ،
ونصر بن البطر ،
وأبي بكر الطريثيثي ،
وأحمد بن عبد القادر اليوسفي ،
والحسين بن علي بن البسري ،
وأبي منصور الخياط ،
ومحمد بن عبد السلام الأنصاري ،
وأبي الفضل بن خيرون ،
وجعفر السراج ،
والمبارك بن عبد الجبار ، وخلق كثير ، إلى أن ينزل إلى
أبي طالب بن يوسف ،
وأبي القاسم بن الحصين ،
والقاضي أبي بكر ،
وإسماعيل بن السمرقندي .
وقرأ ما لا يوصف كثرة ، وحصل الأصول ، وجمع وألف ، وبعد صيته ، ولم يبرع في الرجال والعلل .
وكان فصيحا ، مليح القراءة ، قوي العربية ، بارعا في اللغة ، جم الفضائل .
تفرد بإجازات عالية ، فأجاز له في سنة بضع وستين في قرب ولادته الحافظ
أبو صالح أحمد بن عبد الملك المؤذن ،
وأبو القاسم الفضل بن عبد الله بن المحب ،
وفاطمة بنت أبي علي الدقاق ،
والحافظ أبو إسحاق المصري الحبال ، والحافظ
nindex.php?page=showalam&ids=13484أبو نصر بن ماكولا ،
وأبو الحسين بن النقور ، والخطيب
أبو محمد بن هزارمرد الصريفيني وأبو القاسم علي بن عبد الرحمن بن عليك النيسابوري ، وعدد سواهم ، بادر له أبوه -رحمه الله- بالاستجازة ، وأخذها له من البلاد
nindex.php?page=showalam&ids=13484ابن ماكولا .
روى عنه :
ابن طاهر ،
وأبو عامر العبدري ،
وأبو طاهر السلفي ،
وأبو [ ص: 267 ] موسى المديني ،
nindex.php?page=showalam&ids=14523وأبو سعد السمعاني ،
وأبو العلاء العطار ،
وأبو القاسم بن عساكر وأبو الفرج بن الجوزي ،
وأبو أحمد بن سكينة ،
وعبد العزيز بن الأخضر ،
وعبد الرزاق بن الجيلي ،
ويحيى بن الربيع الفقيه ، والتاج الكندي ،
وأبو عبد الله بن البناء الصوفي ،
والفقيه محمد بن غنية ،
وداود بن ملاعب ،
وعبد العزيز بن الناقد ،
وأحمد بن طفر بن هبيرة ،
وموسى بن عبد القادر ،
وأحمد بن صرما ،
وأبو منصور محمد بن عفيجة ،
والحسن بن السيد ، وآخرون ، خاتمتهم بالإجازة
أبو الحسن علي بن المقير .
ومما أخطأ فيه
الحافظ ابن مسدي المجاور أنه قرأ في " الجعديات " أو كلها على
ابن المقير : أنبأنا
ابن ناصر ، أنبأنا
عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أخبرنا
ابن أبي شريح ، أخبرنا
البغوي . ولا ريب أن
المليحي سمع الكتاب ، والنسخة عندي مكتوبة عن
المليحي ، لكنه مات قبل أن يولد
ابن ناصر بأربع سنين .
قال الشيخ
جمال الدين ابن الجوزي كان شيخنا ثقة حافظا ضابطا من
أهل السنة ، لا مغمز فيه ، تولى تسميعي ، سمعت بقراءته " مسند "
أحمد والكتب الكبار ، وعنه أخذت علم الحديث ، وكان كثير الذكر ، سريع الدمعة .
قال
السمعاني : كان يحب أن يقع في الناس . فرد
nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي [ ص: 268 ] هذا ، وقبحه ، وقال : صاحب الحديث يجرح ويعدل ، أفلا تفرق يا هذا بين الجرح والغيبة ؟ ! ثم قال : وهو قد احتج بكلام
ابن ناصر في كثير من التراجم في " الذيل " له . ثم بالغ
nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي في الحط على
أبي سعد ، ونسبه إلى التعصب البارد على
الحنابلة ، وأنا فما رأيت
أبا سعد كذلك ، ولا ريب أن
ابن ناصر يتعسف في الحط على جماعة من الشيوخ ،
وأبو سعد أعلم بالتاريخ ، وأحفظ من
nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي ومن
ابن ناصر ، وهذا قوله في
ابن ناصر في " الذيل " ، قال : هو ثقة حافظ دين متقن ثبت لغوي ، عارف بالمتون والأسانيد ، كثير الصلاة والتلاوة ، غير أنه يحب أن يقع في الناس ، وهو صحيح القراءة والنقل ، وأول سماعه في سنة ثلاث وسبعين من
أبي طاهر الأنباري .
وقال
ابن النجار في " تاريخه " : كان ثقة ثبتا ، حسن الطريقة ، متدينا ، فقيرا متعففا ، نظيفا نزها ، وقف كتبه ، وخلف ثيابا خليعا وثلاثة دنانير ، ولم يعقب ، سمعت
ابن سكينة وابن الأخضر وغيرهما يكثرون الثناء عليه ، ويصفونه بالحفظ والإتقان والديانة والمحافظة على السنن والنوافل ، وسمعت جماعة من شيوخي يذكرون أنه
وابن الجواليقي كانا يقرآن الأدب على
أبي زكريا التبريزي ، ويطلبان الحديث ، فكان الناس يقولون : يخرج
ابن ناصر لغوي
بغداد ، ويخرج
أبو منصور بن الجواليقي محدثها ، فانعكس الأمر ، وانقلب .
قلت : قد كان
ابن ناصر من أئمة اللغة أيضا .
[ ص: 269 ] قال
ابن النجار : سمعت
ابن سكينة يقول : قلت
لابن ناصر : أريد أن أقرأ عليك " ديوان "
المتنبي ، و " شرحه "
لأبي زكريا التبريزي . فقال : إنك دائما تقرأ علي الحديث مجانا ، وهذا شعر ، ونحن نحتاج إلى نفقة .
قال : فأعطاني أبي خمسة دنانير ، فدفعتها إليه ، وقرأت الكتاب .
وقال
أبو طاهر السلفي : سمع
ابن ناصر معنا كثيرا ، وهو شافعي أشعري ، ثم انتقل إلى مذهب
أحمد في الأصول والفروع ، ومات عليه ، وله جودة حفظ وإتقان ، وحسن معرفة ، وهو ثبت إمام .
وقال
أبو موسى المديني : هو مقدم أصحاب الحديث في وقته
ببغداد .
أنبأنا عن
ابن النجار قال : قرأت بخط
ابن ناصر وأخبرنيه عنه سماعا يحيى
بن الحسين قال : بقيت سنين لا أدخل مسجد
أبي منصور الخياط ، واشتغلت بالأدب على
التبريزي ، فجئت يوما لأقرأ الحديث على
الخياط ، فقال : يا بني ، تركت قراءة القرآن ، واشتغلت بغيره ؟ ! عد ، واقرأ علي ليكون لك إسناد ، فعدت إليه في سنة اثنتين وتسعين ، وكنت أقول كثيرا : اللهم بين لي أي المذاهب خير . وكنت مرارا قد مضيت إلى
القيرواني المتكلم في كتاب " التمهيد "
للباقلاني ، وكأن من يردني عن ذلك . قال : فرأيت في المنام كأني قد دخلت المسجد إلى الشيخ
أبي منصور ، وبجنبه رجل عليه ثياب بيض ورداء على عمامته يشبه الثياب الريفية ، دري اللون ، عليه نور وبهاء ، فسلمت ، وجلست بين أيديهما ، ووقع في نفسي للرجل هيبة وأنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فلما جلست التفت إلي ، فقال لي : عليك بمذهب هذا الشيخ ، عليك بمذهب هذا الشيخ . ثلاث مرات ، فانتبهت
[ ص: 270 ] مرعوبا ، وجسمي يرجف ، فقصصت ذلك على والدتي ، وبكرت إلى الشيخ لأقرأ ، فقصصت عليه الرؤيا ، فقال : يا ولدي ، ما مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي إلا حسن . ولا أقول لك : اتركه ، ولكن لا تعتقد اعتقاد
الأشعري . فقلت : ما أريد أن أكون نصفين ، وأنا أشهدك ، وأشهد الجماعة أنني منذ اليوم على مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل في الأصول والفروع . فقال لي : وفقك الله . ثم أخذت في سماع كتب
أحمد ومسائله والتفقه على مذهبه ، وذلك في رمضان سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي وغيره : توفي
ابن ناصر في ثامن عشر شعبان سنة خمسين وخمسمائة .
ثم قال
nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي : حدثني الفقيه
أبو بكر بن الحصري ، قال : رأيت
ابن ناصر في النوم فقلت له : ما فعل الله بك ؟ قال : غفر لي ، وقال لي : قد غفرت لعشرة من أصحاب الحديث في زمانك لأنك رئيسهم وسيدهم .
قلت : ومات معه في السنة
الخطيب المعمر أبو الحسن علي بن محمد المشكاني راوي " تاريخ
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري الصغير " ، ومقرئ
العراق أبو الكرم المبارك بن الحسن الشهرزوري ومفتي
خراسان الفقيه
محمد بن يحيى صاحب الغزالي ، وقاضي
مصر وعالمها
أبو المعالي مجلي بن جميع القرشي صاحب كتاب " الذخائر " في المذهب ، والواعظ الكبير
أبو زكريا [ ص: 271 ] يحيى بن إبراهيم السلماسي ومسند
نيسابور أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن العصائدي عن بضع وثمانين سنة ، والشيخ
أبو الفتح محمد بن علي بن هبة الله بن عبد السلام الكاتب جد
الفتح بن عبد الله ببغداد .
أخبرتنا
أم محمد زينب بنت عمر بن كندي ببعلبك سنة ثلاث وتسعين عن
أبي الفتح أحمد بن ظفر بن يحيى بن الوزير ، أخبرنا
محمد بن ناصر الحافظ ، أخبرنا
محمد بن أحمد بن أبي الصقر الخطيب في سنة 473 ، أخبرنا
محمد بن الفضل الفراء بمصر بقراءتي ، حدثنا
أبو بكر محمد بن أحمد بن خروف إملاء ، حدثنا
طاهر بن عيسى ، حدثنا
أصبغ بن الفرج ، حدثنا
ابن وهب ، حدثنا
معاوية بن صالح ، عن
خالد بن كريب عن
مالك بن إبراهيم عن
عبد الرحمن بن غنم ، عن
أبي مالك الأشعري ، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=881625ليشرب ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها ، ويضرب على رءوسهم بالمعازف ، يخسف الله بهم الأرض ، ويجعل منهم قردة وخنازير .