الرفاعي
الإمام ، القدوة ، العابد ، الزاهد ، شيخ العارفين أبو العباس
[ ص: 78 ] أحمد بن أبي الحسن علي بن أحمد بن يحيى بن حازم بن علي بن رفاعة الرفاعي المغربي ثم البطائحي .
قدم أبوه من
المغرب ، وسكن
البطائح ،
بقرية أم عبيدة . وتزوج
بأخت منصور الزاهد ، ورزق منها
الشيخ أحمد وإخوته .
وكان
أبو الحسن مقرئا يؤم
بالشيخ منصور ، فتوفي وابنه
أحمد حمل .
فرباه خاله ، فقيل : كان مولده في أول سنة خمسمائة .
قيل : إنه أقسم على أصحابه إن كان فيه عيب ينبهونه عليه ، فقال
الشيخ عمر الفاروثي : يا سيدي أنا أعلم فيك عيبا . قال : ما هو ؟ قال : يا سيدي ، عيبك أننا من أصحابك . فبكى الشيخ والفقراء ، وقال -أي
عمر - : إن سلم المركب ، حمل من فيه .
قيل : إن هرة نامت على كم
الشيخ أحمد ، وقامت الصلاة فقص كمه ، وما أزعجها ، ثم قعد ، فوصله ، وقال : ما تغير شيء .
وقيل : توضأ ، فنزلت بعوضة على يده ، فوقف لها حتى طارت .
[ ص: 79 ] وعنه قال : أقرب الطريق الانكسار والذل والافتقار ; تعظم أمر الله ، وتشفق على خلق الله ، وتقتدي بسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- .
وقيل : كان شافعيا يعرف الفقه . وقيل : كان يجمع الحطب .
ويجيء به إلى بيوت الأرامل ، ويملأ لهم بالجرة .
قيل له : أيش أنت يا سيدي ؟ فبكى ، وقال : يا فقير ، ومن أنا في البين ، ثبت نسب واطلب ميراث .
وقال لما اجتمع القوم ، طلب كل واحد شيئا فقال هذا اللاش
أحمد : أي رب علمك محيط بي وبطلبي فكرر علي القول . قلت : أي مولاي ، أريد أن لا أريد ، وأختار أن لا يكون لي اختيار ، فأجبت ، وصار الأمر له وعليه .
وقيل : إنه رأى فقيرا يقتل قملة ، فقال : لا واخذك الله ، شفيت غيظك ! ؟
وعنه أنه قال : لو أن عن يميني جماعة يروحوني بمراوح الند والطيب ، وهم أقرب الناس إلي ، وعن يساري مثلهم يقرضون لحمي بمقاريض وهم أبغض الناس إلي ، ما زاد هؤلاء عندي ، ولا نقص هؤلاء عندي بما فعلوه ، ثم تلا :
لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم [ ص: 80 ] [ الحديد : 23 ]
وقيل : أحضر بين يديه طبق تمر ، فبقي ينقي لنفسه الحشف يأكله ، ويقول : أنا أحق بالدون ، فإني مثله دون .
وكان لا يجمع بين لبس قميصين ، ولا يأكل إلا بعد يومين أو ثلاثة أكلة ، وإذا غسل ثوبه ، ينزل في الشط كما هو قائم يفركه ، ثم يقف في الشمس حتى ينشف ، وإذا ورد ضيف ، يدور على بيوت أصحابه يجمع الطعام في مئزر .
وعنه قال : الفقير المتمكن إذا سأل حاجة ، وقضيت له ، نقص تمكنه درجة .
وكان لا يقوم للرؤساء ، ويقول : النظر إلى وجوههم يقسي القلب .
وكان كثير الاستغفار ، عالي المقدار ، رقيق القلب ، غزير الإخلاص .
توفي سنة ثمان وسبعين وخمسمائة في جمادى الأولى -رحمه الله .