صاحب حلب
الملك الصالح أبو الفتح إسماعيل ابن صاحب الشام نور الدين محمود ابن الأتابك .
عمل له أبوه ختانا لم يسمع بمثله ، وأطعم أهل دمشق حتى سائر أهل الغوطة ، وبقي الهناء أسبوعا ، وفي الأسبوع الآتي انتقل نور الدين إلى الله ، ووصى بمملكته لهذا ، وهو ابن إحدى عشرة سنة ، فملكوه بدمشق ، [ ص: 111 ] وكذا حلفوا له بحلب ، فأقبل من مصر صلاح الدين ، وأخذ منه دمشق ، فترحل إلى حلب ، وكان شابا ، دينا ، خيرا ، عاقلا ، بديع الجمال ، محببا إلى الرعية وإلى الأمراء ، فنمت فتنة ، وجرت بحلب بين السنة والرافضة ، فسار السلطان صلاح الدين ، وحاصر حلب مديدة ، ثم ترحل ، ثم حاصرها ، فصالحوه ، وبذلوا له المعرة وغيرها ، ثم نازل حلب ثالثا ، فبذل أهلها الجهد في نصرة الصالح ، فلما ضجر السلطان ، صالحهم ، وترحل وأخرجوا إليه بنت نور الدين ، فوهبها عزاز وكان تدبير مملكة حلب إلى أم الصالح وإلى شاذبخت الخادم وابن القيسراني .
تعلل الملك الصالح بقولنج خمسة عشر يوما ، وتوفي في رجب سنة سبع وسبعين وخمسمائة وتأسفوا عليه .
قيل : عرض عليه طبيبه خمرا للتداوي ، فأبى ، وقال : قد قال نبينا -صلى الله عليه وسلم- : إن الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها ولعلي أموت وهو في جوفي [ ص: 112 ] عاش عشرين سنة سوى أشهر .
التالي
السابق