[ ص: 297 ] الظاهر
سلطان
حلب ، الملك الظاهر غياث الدين ، أبو منصور ، غازي ابن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب .
مولده
بمصر في سنة ثمان وستين وخمسمائة .
وسمع من :
أبي الطاهر بن عوف ،
وعبد الله بن بري النحوي ،
والفضل بن البانياسي . وحدث .
تملك
حلب ثلاثين سنة .
وكان بديع الحسن في صباه ، مليح الشكل في رجوليته ، له عقل وغور ودهاء وفكر صائب .
كان يصادق ملوك الأطراف ويباطنهم ، ويوهمهم أنه لولاه لقصدهم عمه
العادل ، ويوهم عمه أنه لولاه لتعامل عليه الملوك ، ولشقوا العصا .
وكان كريما معطاء ، يتحف الملوك بالهدايا السنية ، ويكرم الرسل والشعراء والقصاد .
وكان عمه يرعى له لمكان بنته ، فماتت ، فزوجه بأختها والدة ابنه
الملك العزيز ، فلما ولدت ، زينت
حلب مدة شهرين ، وأنفق على ولادته كرائم الأموال ، وكان قد انضم إليه إخوته وأولادهم ، فزوج ذكرانهم بإناثهم ، بحيث أنه عقد بينهم في يوم نيفا وعشرين عقدا .
[ ص: 298 ] وعمر أسوار
حلب أكمل عمارة .
ويقال : إنه عبث بالشاعر
الحلي ، وألح عليه ، فقال
الحلي : أنظم؟ يعرض بالهجاء . فقال
الظاهر : أنثر؟ وقبض على السيف .
قال
سبط الجوزي كان مهيبا سائسا ، فطنا ، دولته معمورة بالعلماء ، مزينة بالملوك والأمراء ، وكان محسنا إلى الرعية ، وشهد معظم غزوات والده ، وكان يزور الصالحين ، ويتفقدهم ، وله ذكاء مفرط ، مات بعلة الذرب .
قال أبو شامة أوصى في موته بالملك لولده من
بنت العادل ، وأراد أن يراعيها إخوتها ، ثم من بعده
لأحمد ، ثم
للمنصور محمد ابن أخيه
الملك العزيز ، وفوض
القلعة إلى
طغريل الخادم الرومي . توفي سنة ثلاث عشرة وستمائة عن خمس وأربعين سنة .
قلت : كان يفيق ، ويتشهد ، ويقول : اللهم بك أستجير .
ورثاه شاعره
راجح الحلي ، فقال
سل الخطب إن أصغى إلى من يخاطبه بمن علقت أنيابه ومخالبه نشدتك عاتبه على نائباته
وإن كان لا يلوي على من يعاتبه إلى الله أرمي بطرفي ضلالة
إلى أفق مجد قد تهاوت كواكبه [ ص: 299 ] فمالي أرى الشهباء قد حال صبحها
علي دجى لا تستنير غياهبه أحقا حمى الغازي الغياث بن يوسف
أبيح وعادت خائبات مواكبه وهل مخبري عن ذلك الطود هل وهت
قواعده أم لان للخطب جانبه