وفي سنة 78 نازل السلطان
الموصل محاصرا ، فبعث إليه الخليفة يلومه .
وفيها افتتح صاحب
الروم مدينة
للنصارى ، وافتتح
صلاح الدين حران وسروج ونصيبين والرقة والبيرة .
[ ص: 204 ] وفيها تفتى
الناصر إلى
عبد الجبار شرف الفتوة ، وكان شجاعا مشهورا تخافه الرجال ، ثم تعبد واشتهر ، فطلبه
الناصر ، وتفتى إليه ، وجعل المعول في شرع الفتوة عليه ، وبقي
الناصر يلبس سراويل الفتوة لسلاطين البلاد .
وفي سنة تسع وسبعين ورد كتاب السلطان من إنشاء الفاضل فيه : " وكان
الفرنج قد ركبوا من الأمر نكرا ، وافتضوا من البحر بكرا ، وشحنوا مراكب ، وضربوا بها سواحل
الحجاز ، وظن أنها الساعة ، وانتظر المسلمون غضب الله لبيته ومقام خليله وضريح نبيه ، فعمر الأخ
سيف الدين مراكب " . إلى أن قال : " فوقع عليها أصحابنا فأخذت المراكب بأسرها ، وفر فرنجها ، فسلكوا في الجبال مهاوي المهالك ، ومعاطن المعاطب ، وركب أصحابنا وراءهم خيل
العرب يقتلون ويأسرون حتى لم يتركوا مخبرا ،
وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا وفيها تسلم
صلاح الدين حلب . وفيها تمكن
شهاب الدين الغوري ، وامتد سلطانه إلى
لهاور ، وحاصر بها
خسروشاه من ولد
محمود بن سبكتكين ، فنزل إليه فأكرمه ، ثم غدر به .
وبعث
صلاح الدين تقدمة إلى الديوان منها شمسة يعني الجتر من
[ ص: 205 ] ريش الطواويس عليها ألقاب
المستنصر العبيدي . ثم نازل
صلاح الدين الكرك حتى كاد أن يفتحها ، ثم بلغه تحزب
الفرنج عليه فتركها ، وقصدهم ، فعرجوا عنه فأتى
دمشق ، ووهب أخاه
العادل حلب ، ثم بعث بعده على نيابة
مصر ابن أخيه
الملك المظفر عم صاحب
حماة .
وفي سنة ثمانين : جعل الخليفة مشهد والجواد أمنا لمن لاذ به فحصل بذلك بلاء ومفاسد .
واستباح
صلاح الدين نابلس - ولله الحمد - ، ونازل
الكرك ، فجاءتها نجدات العدو ، فترحل .
وفيها كان خروج
علي بن غانية الملثم صاحب
ميورقة ، فسار وتملك بجاية عند موت
يوسف بن عبد المؤمن ، وكثرت عساكره ، ثم هزم عسكرا
للموحدين ، ثم حاصر
قسطنطينية الهواء أشهرا ثم كشف عنها
الموحدون ، فأقبل
ابن غانية إلى
القيروان ، فحشد واستخدم والتفت عليه
بنو سليم ورياح
والترك المصريون الذين كانوا مع
بوزبا وقراقوش فتملك بهم
إفريقية سوى
تونس والمهدية حمتهما
الموحدون ، وانضم إلى
ابن غانية كل فاسد ومجرم ، وعاثوا ونهبوا القرى وسبوا ، وأقام الخطبة
لبني العباس ، وأخذ قفصة ، فتحزب عليه
الموحدون في سنة ثلاث ، وأقبل سلطانهم
يعقوب بن يوسف فخيم
بتونس ، وجهز للمصاف ستة آلاف فارس مع ابن
[ ص: 206 ] أخيه ، فهزمهم
ابن غانية ، ثم سار
يعقوب بنفسه فالتقوا ، فانهزم
علي واستحر القتل بأصحابه واسترد
يعقوب البلاد ، وامتدت دولة
ابن غانية خمسين عاما .
وجد
صلاح الدين في محاصرة
الكرك .