أبو الربيع بن سالم
الإمام العلامة الحافظ المجود الأديب البليغ شيخ الحديث والبلاغة
[ ص: 135 ] بالأندلس أبو الربيع سليمان بن موسى بن سالم بن حسان الحميري الكلاعي البلنسي .
ولد سنة خمس وستين وخمسمائة .
وكان من كبار أئمة الحديث .
ذكره
أبو عبد الله بن الأبار في " تاريخه " فقال : سمع
ببلنسية من
أبي العطاء بن نذير ،
وأبي الحجاج بن أيوب ، وارتحل فسمع
أبا بكر بن الجد ،
وأبا القاسم بن حبيش ،
وأبا عبد الله بن زرقون ،
وأبا محمد بن بونه ،
وأبا الوليد بن رشد ،
وأبا محمد بن الفرس ،
وأبا عبد الله بن عروس ،
وأبا محمد بن جهور ،
وأبا الحسن نجبة بن يحيى ، وخلقا سواهم .
وأجاز له
أبو العباس بن مضاء ،
وأبو محمد عبد الحق الأزدي مؤلف " الأحكام " ، وعني كل العناية بالتقييد والرواية .
قال وكان إماما في صناعة الحديث ، بصيرا به ، حافظا حافلا ،
[ ص: 136 ] عارفا بالجرح والتعديل ، ذاكرا للمواليد والوفيات ، يتقدم أهل زمانه في ذلك ، وفي حفظ أسماء الرجال ، خصوصا من تأخر زمانه وعاصره ، وكتب الكثير وكان خطه لا نظير له في الإتقان والضبط ، مع الاستبحار في الأدب والاشتهار بالبلاغة ، فردا في إنشاء الرسائل ، مجيدا في النظم ، خطيبا ، فصيحا ، مفوها ، مدركا ، حسن السرد والمساق لما يقوله ، مع الشارة الأنيقة ، والزي الحسن ، وهو كان المتكلم عن الملوك في المجالس ، والمبين عنهم لما يريدونه على المنبر في المحافل . ولي خطابة
بلنسية في أوقات ، وله تصانيف مفيدة في فنون عديدة ; ألف كتاب " الاكتفا في مغازي المصطفى والثلاثة الخلفا " وهو في أربع مجلدات ، وله كتاب حافل في معرفة الصحابة والتابعين لم يكمله ، وكتاب " مصباح الظلم " يشبه كتاب " الشهاب " ، وكتاب " أحبار
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري " وكتاب " الأربعين " وغير ذلك . وإليه كانت الرحلة للأخذ عنه .
إلى أن قال انتفعت به في الحديث كل الانتفاع ، وأخذت عنه كثيرا .
قلت : روى عنه
ابن الأبار ،
والقاضي أبو العباس بن الغماز وطائفة من المشايخ لا أعرفهم . ورأيت له إجازة كتبها
الكمال بن شاذي الفاضلي وطولها ، وذكر شيوخه وما روى عنهم ، منهم :
عبد الرحمن بن مغاور ، حدثه عن
nindex.php?page=showalam&ids=13224أبي علي بن سكرة ، وأجاز له من
الإسكندرية أبو الطاهر بن عوف الزهري ،
والقاضي أبو عبد الله بن الحضرمي .
[ ص: 137 ] قال : ومن تصانيفي كتاب " الاكتفا في مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم والثلاثة الخلفا " وكتاب " الصحابة " إذا كمل يكون ضعف كتاب
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر ، وكتاب " المصباح " على نحو " الشهاب " ، و " سيرة
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري " أربعة أجزاء ، و " حلية الأمالي في الموافقات العوالي " أربعة أجزاء ، و " الأبدال " أربعة أجزاء ، و " مشيخة " خرجها لشيخه
ابن حبيش ثلاثة أجزاء ، و " المسلسلات " جزء ، وعدة تواليف صغار ، و " الخطب " له نحو من ثمانين خطبة .
قال
الحافظ ابن مسدي : لم ألق مثله جلالة ونبلا ، ورياسة وفضلا ، كان إماما مبرزا في فنون من منقول ومعقول ومنثور وموزون ، جامعا للفضائل ، برع في علوم القرآن والتجويد . وأما الأدب فكان ابن بجدته ، وأبا نجدته ، وهو ختام الحفاظ ، ندب لديوان الإنشاء فاستعفى . أخذ القراءات عن أصحاب ابن هذيل ، وارتحل ، واختص
بالحافظ أبي القاسم بن حبيش بمرسية ، أكثرت عنه .
وقال
الكلاعي في إجازته
للقاضي الأشرف وآله : قرأت جميع " صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري " على
ابن حبيش بسماعه من
يونس بن مغيث سنة 503 ، قال : سمعته في سنة 465 بقراءة
الغساني على
أبي عمر بن الحذاء ، حدثنا به عبد
الله بن محمد بن أسد الجهني البزاز الثقة سنة خمس وتسعين وثلاثمائة ، أخبرنا
أبو علي بن السكن بمصر سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة عن
الفربري عنه . وقرأت " مصنف
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي " على
ابن حبيش وسمعه من
ابن مغيث ، قال : قرأته على
مولى الطلاع ، قال : سمعته على
يونس بن عبد الله ، قال : قرأته على
ابن الأحمر عنه .
[ ص: 138 ] قال
أبو عبد الله بن الأبار كان رحمه الله أبدا يحدثنا أن السبعين منتهى عمره لرؤيا رآها ، وهو آخر الحفاظ والبلغاء
بالأندلس ، استشهد في كائنة أنيشة على ثلاث فراسخ من
مرسية مقبلا غير مدبر في العشرين من ذي الحجة سنة أربع وثلاثين وستمائة .
وقال
الحافظ أبو محمد المنذري توفي شهيدا بيد العدو . قال : وكان مولده بظاهر
مرسية في مستهل رمضان سنة خمس وستين وسمع
ببلنسية ومرسية وشاطبة وإشبلية وغرناطة ومالقة ودانية وسبتة ، وجمع مجاميع تدل على غزارة علمه وكثرة حفظه ومعرفته بهذا الشأن ، كتب إلي بالإجازة في سنة أربع عشرة وستمائة .
أخبرنا
أبو عبد الله محمد بن جابر القيسي ، أخبرنا
أحمد بن محمد الحاكم بتونس أخبرنا
العلامة أبو الربيع بن سالم الكلاعي ، أخبرنا
عبد الله بن محمد الحجري ، أخبرنا
محمد بن عبد العزيز بن زغيبة أخبرنا
أبو العباس أحمد بن عمر العذري ، أخبرنا
أحمد بن الحسن الرازي ، أخبرنا
محمد بن عيسى ، أخبرنا
إبراهيم بن سفيان ، حدثنا
مسلم بن الحجاج ، حدثنا
عبد الله بن مسلمة ، حدثنا
أفلح بن حميد ، عن
القاسم ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=881684عن [ ص: 139 ] عائشة ، قالت : طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي لحرمه حين أحرم ولحله حين أحل قبل أن يطوف بالبيت .
أخبرناه عاليا
أحمد بن هبة الله ،
وزينب بنت كندي ، عن
المؤيد بن محمد ، أخبرنا
محمد بن الفضل أخبرنا
عبد الغافر الفارسي ، أخبرنا
محمد بن عيسى بن عمرويه فذكره .
مات مع
ابن سالم في العام : المحدث
العالم الملك المحسن أحمد بن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب ، وله سبع وخمسون سنة ، والشيخ
إسحاق بن أحمد بن غانم العلثي زاهد
بغداد ، ومحدث
مصر المفيد
وجيه الدين بركات بن ظافر بن عساكر ، والفقيه
موفق الدين حمد بن أحمد بن محمد بن صديق الحراني ،
وأبو طاهر الخليل بن أحمد الجوسقي ،
والمعمر سعيد بن محمد بن ياسين السفار ،
والإمام الناصح عبد الرحمن بن نجم بن الحنبلي ، ومفتي
حران الناصح
عبد القادر بن عبد القاهر بن عبد المنعم ، والمفتي
شرف الدين عبد القادر بن محمد بن الحسن بن البغدادي المصري ، وخطيب
بلنسية أبو الحسن علي بن أحمد بن خيرة المقرئ ، والمسند
أبو نزار عبد الواحد بن أبي نزار البغدادي الجمال ، والمسند
أبو الحسن علي بن محمد بن كبة ببغداد ، والحافظ المؤرخ
أبو الحسن محمد [ ص: 140 ] بن أحمد بن عمر القطيعي ، والمسند المحدث
أبو الحسن مرتضى بن حاتم الحارثي المصري ، والمسند
أبو بكر هبة الله بن عمر بن حسن بن كمال الحلاج ،
والمعمرة ياسمين بنت سالم بن علي بن البيطار .