[ ص: 247 ] العقبة الثانية
قال
يحيى بن سليم الطائفي ، وداود العطار - وهذا لفظه - : حدثنا
ابن خثيم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير المكي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله ، أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم لبث عشر سنين يتبع الحاج في منازلهم في المواسم :
مجنة ،
وعكاظ ، ومنى ، يقول : من يئويني وينصرني حتى أبلغ رسالات ربي وله الجنة ؟ فلا يجد ، حتى إن الرجل يرحل صاحبه من
مضر أو
اليمن ، فيأتيه قومه أو ذو رحمه يقولون : احذر فتى
قريش لا يفتنك ، يمشي بين رحالهم يدعوهم إلى الله عز وجل ، يشيرون إليه بأصابعهم ، حتى بعثنا الله له من
يثرب ، فيأتيه الرجل منا فيؤمن به ويقرئه القرآن ، فينقلب إلى أهله فيسلمون بإسلامه ، حتى لم يبق دار من
يثرب إلا وفيها رهط يظهرون الإسلام . ثم ائتمرنا واجتمعنا سبعين رجلا منا ، فقلنا : حتى متى نذر رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف في
جبال مكة ويخاف . فرحلنا حتى قدمنا عليه في الموسم ، فواعدنا
شعب العقبة ، فاجتمعنا فيه من رجل ورجلين ، حتى توافينا عنده ، فقلنا : يا رسول الله علام نبايعك ؟ قال : " على السمع والطاعة في النشاط والكسل ، وعلى النفقة في العسر واليسر ، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وعلى أن تقولوا في الله ، لا تأخذكم فيه لومة لائم ، وعلى أن تنصروني إذا قدمت عليكم
يثرب ، تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم ، ولكم الجنة " . فقمنا نبايعه ، فأخذ بيده
أسعد بن زرارة ، وهو أصغر السبعين ،
[ ص: 248 ] إلا أنا ، فقال : رويدا يا
أهل يثرب ، إنا لم نضرب إليه أكباد المطي إلا ونحن نعلم أنه رسول الله ، إن إخراجه اليوم مفارقة العرب كافة ، وقتل خياركم ، وأن تعضكم السيوف ، فإما أنتم قوم تصبرون على عض السيوف إذا مستكم ، وعلى قتل خياركم ، وعلى مفارقة العرب كافة ، فخذوه وأجركم على الله ، وإما أنتم تخافون من أنفسكم خيفة ، فذروه فهو أعذر لكم عند الله عز وجل . فقلنا : أمط يدك يا أسعد ، فوالله لا نذر هذه البيعة ولا نستقيلها ، فقمنا إليه نبايعه رجلا رجلا ، يأخذ علينا شرطه ، ويعطينا على ذلك الجنة .
زاد في وسطه
يحيى بن سليم : فقال له عمه
العباس : يا ابن أخي لا أدري ما هذا القوم الذين جاءوك ، إني ذو معرفة
بأهل يثرب . قال : فاجتمعا عنده من رجل ورجلين ، فلما نظر
العباس في وجوهنا ، قال : هؤلاء قوم لا أعرفهم أحداث ، فقلنا : علام نبايعك .
وقال
أبو نعيم : حدثنا
زكريا ، عن
الشعبي ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=881901انطلق النبي صلى الله عليه وسلم معه عمه العباس ، إلى السبعين من الأنصار ، عند العقبة تحت الشجرة ، قال : ليتكلم متكلمكم ولا يطيل الخطبة ، فإن عليكم من المشركين عينا . فقال أسعد : سل يا محمد لربك ما شئت ، ثم سل لنفسك ، ثم أخبرنا ما لنا على الله . قال : أسألكم لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا ، وأسألكم لنفسي ولأصحابي أن تئوونا وتنصرونا وتمنعونا مما منعتم منه أنفسكم . قالوا : فما لنا إذا فعلنا ذلك ؟ قال : لكم الجنة . قالوا : فلك ذلك .
ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17313يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، قال : أخبرنا
مجالد ، عن
الشعبي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=91أبي مسعود الأنصاري بنحوه ، قال :
[ ص: 249 ] وكان
أبو مسعود أصغرهم سنا .
وقال
ابن بكير ، عن
ابن إسحاق : حدثني
عاصم بن عمر ، وعبد الله بن أبي بكر ، أن
العباس بن عبادة بن نضلة أخا
بني سالم قال : يا معشر
الخزرج هل تدرون على ما تبايعون رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ إنكم تبايعونه على حرب الأحمر والأسود ، فإن كنتم ترون أنها إذا أنهكت أموالكم مصيبة وأشرافكم قتل ، تركتموه وأسلمتموه ، فمن الآن ، فهو والله إن فعلتم خزي الدنيا والآخرة ، وإن كنتم ترون أنكم مستضلعون به وافون له ، فهو والله خير الدنيا والآخرة . قال
عاصم : فوالله ما قال
العباس هذه المقالة إلا ليشد لرسول الله صلى الله عليه وسلم بها العقد .
وقال
ابن أبي بكر : ما قالها إلا ليؤخر بها أمر القوم تلك الليلة ، ليشهد أمرهم
عبد الله بن أبي ، فيكون أقوى . قالوا : فما لنا بذلك يا رسول الله ؟ قال : الجنة . قالوا : ابسط يدك . وبايعوه ، فقال
عباس بن عبادة : إن شئت لنميلن عليهم غدا بأسيافنا ، فقال : لم أؤمر بذلك .
وقال
الزهري ورواه
ابن لهيعة ، عن
أبي الأسود ، عن
عروة وقاله
موسى ابن عقبة ، وهذا لفظه : ثم إن العام المقبل حج من
الأنصار سبعون رجلا ، أربعون من ذوي أسنانهم وثلاثون من شبانهم ، أصغرهم
أبو مسعود عقبة بن عمرو ، nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر بن عبد الله ، فلقوه بالعقبة ، ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم عمه
العباس ، فلما أخبرهم بما خصه الله من النبوة والكرامة ، ودعاهم إلى الإسلام وإلى البيعة أجابوه ، وقالوا : اشترط علينا لربك ولنفسك ما شئت . فقال : أشترط لربي أن لا تشركوا به شيئا ، وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأموالكم . فلما طابت بذلك
[ ص: 250 ] أنفسهم من الشرط أخذ عليهم
العباس المواثيق لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالوفاء ، وعظم
العباس الذي بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذكر أن
أم عبد المطلب سلمى بنت عمرو بن زيد بن عدي بن النجار . وذكر الحديث بطوله .
قال
عروة : فجميع من شهد العقبة من
الأنصار سبعون رجلا وامرأة . وقال
ابن إسحاق : سبعون رجلا وامرأتان ، إحداهما
nindex.php?page=showalam&ids=11675أم عمارة وزوجها وابناهما .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17416يونس بن بكير ، عن
ابن إسحاق : فحدثني
معبد بن كعب بن مالك بن القين ، عن أخيه
عبيد الله ، عن أبيه
كعب رضي الله عنه ، قال : خرجنا في الحجة التي بايعنا فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعقبة مع مشركي قومنا ، ومعنا
nindex.php?page=showalam&ids=1023البراء بن معرور كبيرنا وسيدنا ، حتى إذا كنا بظاهر
البيداء ، قال : يا هؤلاء تعلمون أني قد رأيت رأيا ، والله ما أدري توافقوني عليه أم لا ؟ فقلنا : وما هو يا
أبا بشر ؟ قال : إني قد أردت أن أصلي إلى هذه البنية ولا أجعلها مني بظهر . فقلنا : لا والله لا تفعل ، والله ما بلغنا أن نبينا صلى الله عليه وسلم يصلي إلا إلى
الشام . قال : فإني والله لمصل إليها . فكان إذا حضرت الصلاة توجه إلى
الكعبة ، وتوجهنا إلى
الشام ، حتى قدمنا
مكة ، فقال لي
البراء : يا ابن أخي انطلق بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى أسأله عما صنعت ، فلقد وجدت في نفسي بخلافكم إياي . قال : فخرجنا نسأل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلقينا رجلا بالأبطح ، فقلنا : هل تدلنا على
محمد ؟ قال : وهل تعرفانه إن رأيتماه ؟ قلنا : لا والله . قال : فهل تعرفان
العباس ؟ فقلنا : نعم ، وقد كنا نعرفه ، كان يختلف إلينا بالتجارة ، فقال : إذا دخلتما المسجد فانظرا
العباس ، فهو الرجل الذي معه . قال : فدخلنا
[ ص: 251 ] المسجد ، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم
والعباس ناحية المسجد جالسين ، فسلمنا ، ثم جلسنا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل تعرف هذين يا
أبا الفضل ؟ قال : نعم ، هذا
nindex.php?page=showalam&ids=1023البراء بن معرور سيد قومه ، وهذا
nindex.php?page=showalam&ids=331كعب بن مالك ، فوالله ما أنسى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الشاعر ) ؟ قال : نعم ، فقال له
البراء : يا رسول الله إني قد كنت رأيت في سفري هذا رأيا ، وقد أحببت أن أسألك عنه . قال : وما ذاك ؟ قال : رأيت أن لا أجعل هذه البنية مني بظهر فصليت إليها . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : قد كنت على قبلة لو صبرت عليها . فرجع إلى قبلة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأهله يقولون : قد مات عليها ، ونحن أعلم به ، قد رجع إلى قبلة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلى معنا إلى
الشام .
ثم واعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم العقبة ، أوسط أيام التشريق ، ونحن سبعون رجلا للبيعة ، ومعنا
nindex.php?page=showalam&ids=198عبد الله بن عمرو بن حرام والد
جابر ، وإنه لعلى شركه ، فأخذناه فقلنا : يا
أبا جابر والله إنا لنرغب أن بك أن تموت على ما أنت عليه ، فتكون لهذه النار غدا حطبا ، وإن الله قد بعث رسولا يأمر بتوحيده وعبادته ، وقد أسلم رجال من قومك ، وقد واعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم للبيعة . فأسلم وطهر ثيابه ، وحضرها معنا فكان نقيبا ، فلما كانت الليلة التي وعدنا فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم
بمنى أول الليل مع قومنا ، فلما استثقل الناس من النوم تسللنا من فرشنا تسلل القطا ، حتى اجتمعنا بالعقبة ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمه
العباس ، ليس معه غيره ، أحب أن يحضر أمر ابن أخيه ، فكان أول متكلم ، فقال : يا معشر
الخزرج إن
محمدا منا حيث قد علمتم ، وهو في منعة من قومه وبلاده ، قد منعناه ممن هو على مثل رأينا منه ، وقد أبى إلا الانقطاع إليكم ، وإلى ما دعوتموه إليه ، فإن كنتم ترون أنكم وافون له بما وعدتموه ، فأنتم وما تحملتم ، وإن كنتم تخشون من أنفسكم خذلانا فاتركوه في قومه ، فإنه في منعة من عشيرته وقومه . فقلنا : قد سمعنا ما قلت ، تكلم يا رسول الله .
[ ص: 252 ] فتكلم ودعا إلى الله ، وتلا القرآن ، ورغب في الإسلام ، فأجبناه بالإيمان والتصديق له ، وقلنا له : خذ لربك ولنفسك . فقال : إني أبايعكم على أن تمنعوني مما منعتم منه أبناءكم ونساءكم . فأجابه
nindex.php?page=showalam&ids=1023البراء بن معرور فقال : نعم والذي بعثك بالحق نمنعك مما نمنع منه أزرنا ، فبايعنا يا رسول الله فنحن والله أهل الحروب وأهل الحلقة ، ورثناها كابرا عن كابر . فعرض في الحديث
nindex.php?page=showalam&ids=2737أبو الهيثم بن التيهان ، فقال : يا رسول الله إن بيننا وبين أقوام حبالا ، وإنا قاطعوها ، فهل عسيت إن الله أظهرك أن ترجع إلى قومك وتدعنا ؟ فقال : بل الدم الدم والهدم الهدم ، أنا منكم وأنتم مني ، أسالم من سالمتم وأحارب من حاربتم . فقال له
nindex.php?page=showalam&ids=1023البراء بن معرور : ابسط يدك يا رسول الله نبايعك . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أخرجوا إلي منكم اثني عشر نقيبا ، فأخرجوهم له ، فكان نقيب
بني النجار :
أسعد بن زرارة ونقيب
بني سلمة :
nindex.php?page=showalam&ids=1023البراء بن معرور ، nindex.php?page=showalam&ids=198وعبد الله بن عمرو بن حرام ، ونقيب
بني ساعدة :
سعد بن عبادة ، والمنذر بن عمرو ، ونقيب
بني زريق :
رافع بن مالك ، ونقيب
بني الحارث بن الخزرج :
عبد الله بن رواحة ، nindex.php?page=showalam&ids=3402وسعد بن الربيع ، ونقيب
بني عوف بن الخزرج :
عبادة بن الصامت وبعضهم جعل بدل
عبادة بن الصامت nindex.php?page=showalam&ids=15786خارجة بن زيد - ونقيب
بني عمرو بن عوف :
nindex.php?page=showalam&ids=3397سعد بن خيثمة ، ونقيب
بني عبد الأشهل - وهم من
الأوس -
nindex.php?page=showalam&ids=14493أسيد بن حضير ، nindex.php?page=showalam&ids=2737وأبو الهيثم بن التيهان ، قال : فأخذ
البراء بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فضرب عليها ، وكان أول من بايع ، وتتابع الناس فبايعوا ، فصرخ الشيطان على العقبة بأنفذ ، - والله - صوت سمعته قط ، فقال : يا
أهل [ ص: 253 ] الجباجب هل لكم في مذمم والصباة معه قد اجتمعوا على حربكم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هذا أزب العقبة ، هذا ابن أزيب ، أما والله لأفرغن لك ، ارفضوا إلى رحالكم . فقال
العباس بن عبادة أخو
بني سالم : يا رسول الله ، والذي بعثك بالحق لئن شئت لنميلن على
أهل منى غدا بأسيافنا . فقال : إنا لم نؤمر بذلك . فرحنا إلى رحالنا فاضطجعنا ، فلما أصبحنا ، أقبلت جلة من
قريش فيهم
الحارث بن هشام ، فتى شاب وعليه نعلان له جديدتان ، فقالوا : يا معشر
الخزرج إنه قد بلغنا أنكم جئتم إلى صاحبنا لتستخرجوه من بين أظهرنا ، وإنه والله ما من العرب أحد أبغض إلينا أن تنشب الحرب بيننا وبينهم منكم . فانبعث من هناك من قومنا من المشركين يحلفون لهم بالله ، ما كان من هذا من شيء ، وما فعلناه . فلما تثور القوم لينطلقوا قلت كلمة كأني أشركهم في الكلام : يا
أبا جابر - يريد
عبد الله بن عمرو أنت سيد من سادتنا وكهل من كهولنا ، لا تستطيع أن تتخذ مثل نعلي هذا الفتى من
قريش . فسمعه
الحارث ، فرمى بهما إلي وقال : والله لتلبسنهما . فقال
أبو جابر : مهلا أحفظت - لعمر الله - الرجل يقول : أخجلته اردد عليه نعليه . فقلت : لا والله لا أردهما ، فأل صالح إني لأرجو أن أسلبه .
قال
ابن إسحاق : وحدثني
عبد الله بن أبي بكر ، قال : ثم انصرفوا عنهم فأتوا
عبد الله بن أبي يعني ابن سلول فسألوه ، فقال : إن هذا الأمر جسيم وما كان قومي ليتفوتوا علي بمثله . فانصرفوا عنه .
وقال
ابن إدريس ، عن
ابن إسحاق : حدثني
عبد الله بن أبي بكر [ ص: 254 ] أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم : ابعثوا منكم اثني عشر نقيبا كفلاء على قومهم ، ككفالة الحواريين لعيسى بن مريم ، فقال أسعد بن زرارة : نعم يا رسول الله ، قال : فأنت نقيب على قومك ، ثم سمى النقباء كرواية
معبد بن مالك .
وقال
ابن وهب : حدثني
مالك ، قال : حدثني شيخ من
الأنصار أن
جبريل عليه السلام كان يشير للنبي صلى الله عليه وسلم إلى من يجعله نقيبا . قال
مالك : كنت أعجب كيف جاء من قبيلة رجل ، ومن قبيلة رجلان ، حتى حدثني هذا الشيخ أن
جبريل كان يشير إليهم يوم البيعة ، قال
مالك : وهم تسعة نقباء من
الخزرج ، وثلاثة من
الأوس .
وقال
ابن إسحاق :