[ ص: 283 ] السنة الأولى من الهجرة
روى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه من حديث
الزهري ، عن
عروة ، عن
عائشة أن المسلمين
بالمدينة سمعوا مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فكانوا يغدون إلى الحرة ينتظرونه ، حتى يردهم حر الشمس ، فانقلبوا يوما ، فأوفى يهودي على أطم فبصر برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مبيضين يزول بهم السراب ، فأخبرني
عروة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقي
الزبير في ركب من المسلمين كانوا تجارا قافلين من
الشام . فكسا
الزبير رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأبا بكر ثياب بياض . قال : فلم يملك اليهودي أن صاح ، يا معشر العرب ، هذا جدكم الذي تنتظرون . فثار المسلمون إلى السلاح . فتلقوه بظهر الحرة ، فعدل بهم ذات اليمين حتى نزل في
بني عمرو بن عوف يوم الاثنين من ربيع الأول . فقام
أبو بكر للناس فطفق من لم يعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم على
أبي بكر حتى أصابت الشمس رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأقبل
أبو بكر يظله بردائه ، فعرف الناس عند ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم . فلبث في
بني عمرو بن عوف بضع عشرة ليلة ، وأسس مسجدهم . ثم ركب راحلته وسار حوله الناس يمشون ، حتى بركت به مكان المسجد ، وهو يصلي فيه يومئذ رجال من المسلمين وكان مربدا
[ ص: 284 ] لسهل وسهيل فدعاهم فساومهما بالمربد ليتخذه مسجدا ، فقالا : بل نهبه لك يا رسول الله . ثم بناه مسجدا ، وكان ينقل اللبن معهم ويقول :
هذا الحمال ، لا حمال خيبر هذا أبر - ربنا - وأطهر
ويقول :
اللهم إن الأجر أجر الآخره فارحم
الأنصار والمهاجره
وخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري من حديث
أبي إسحاق عن
البراء حديث الهجرة بطوله .
وخرج من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16377عبد العزيز بن صهيب عن
أنس قال : أقبل النبي صلى الله عليه وسلم إلى
المدينة وهو مردف
أبا بكر .
وأبو بكر شيخ يعرف ، والنبي صلى الله عليه وسلم شاب لا يعرف ، فيلقى الرجل
أبا بكر فيقول : من هذا بين يديك ؟ فيقول : رجل يهديني الطريق ، وإنما يعني طريق الخير إلى أن قال : فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم جانب الحرة ، ثم بعث إلى
الأنصار ، فجاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فسلموا عليهما ، وقالوا : اركبا آمنين مطاعين . فركبا ، وحفوا دونهما بالسلاح . فقيل في
المدينة : جاء نبي الله ، جاء نبي الله ، فأقبل يسير حتى نزل إلى جانب دار
أبي أيوب ، وذكر الحديث .
وروينا بإسناد حسن ، عن
أبي البداح بن عاصم بن عدي ، عن أبيه قال : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم
المدينة يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول ، فأقام في
المدينة عشر سنين .
وقال
محمد بن إسحاق : فقدم ضحى يوم الاثنين لاثنتي عشرة خلت من ربيع الأول ، فأقام في
بني عمرو بن عوف ، فيما قيل ، يوم الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس ، ثم ظعن يوم الجمعة ، فأدركته
[ ص: 285 ] الجمعة في
بني سالم بن عوف ، فصلاها بمن معه . وكان مكان المسجد ، مربدا لغلامين يتيمين ، وهما
سهل وسهيل ابنا
رافع بن عمرو من
بني النجار فيما قال
nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة ، وكانا في حجر
أسعد بن زرارة .
وقال
ابن إسحاق : كان المربد
لسهل وسهيل ابني عمرو ، وكانا في حجر
nindex.php?page=showalam&ids=178معاذ بن عفراء .
وغلط
ابن منده فقال : كان
لسهل وسهيل ابني بيضاء ، وإنما ابنا بيضاء من
المهاجرين .
وأسس رسول الله صلى الله عليه وسلم في إقامته ببني عمرو بن عوف مسجد قباء ، وصلى الجمعة في
بني سالم في
بطن الوادي . فخرج معه رجال منهم ، وهم :
العباس بن عبادة ، وعتبان بن مالك ، فسألوه أن ينزل عندهم ويقيم فيهم ، فقال : خلوا الناقة فإنها مأمورة . وسار
والأنصار حوله حتى أتى
بني بياضة ، فتلقاه
زياد بن لبيد ، وفروة بن عمرو ، فدعوه إلى النزول فيهم ، فقال : دعوها فإنها مأمورة . فأتى دور
بني عدي بن النجار ، وهم أخوال
عبد المطلب ، فتلقاه
سليط بن قيس ، ورجال من
بني عدي ، فدعوه إلى النزول والبقاء عندهم ، فقال : دعوها فإنها مأمورة . ومشى حتى أتى دور
بني مالك بن النجار ، فبركت الناقة في موضع المسجد ، وهو مربد تمر لغلامين يتيمين . وكان فيه نخل وخرب ، وقبور للمشركين . فلم ينزل عن ظهرها ، فقامت ومشت قليلا ، وهو صلى الله عليه وسلم لا يهيجها ، ثم التفت فكرت إلى مكانها وبركت فيه ، فنزل عنها . فأخذ
أبو [ ص: 286 ] أيوب الأنصاري رحلها فحمله إلى داره . ونزل النبي صلى الله عليه وسلم في بيت من دار
أبي أيوب . فلم يزل ساكنا عند
أبي أيوب حتى بنى مسجده وحجره في المربد . وكان قد طلب شراءه فأبت
بنو النجار من بيعه ، وبذلوه لله وعوضوا اليتيمين . فأمر بالقبور فنبشت وبالخرب فسويت . وبنى عضادتيه بالحجارة ، وجعل سواريه من جذوع النخل ، وسقفه بالجريد ، وعمل فيه المسلمون حسبة .
فمات أبو أمامة أسعد بن زرارة الأنصاري تلك الأيام بالذبحة . وكان من سادة الأنصار ومن نقبائهم الأبرار . ووجد النبي صلى الله عليه وسلم وجدا لموته ، وكان قد كواه . ولم يجعل على بني النجار بعده نقيبا وقال : أنا نقيبكم . فكانوا يفخرون بذلك .
وكانت
يثرب لم تمصر ، وإنما كانت قرى مفرقة :
بنو مالك بن النجار في قرية ، وهي مثل المحلة ، وهي دار بني فلان . كما في الحديث : " خير دور
الأنصار دار
بني النجار " .
وكان
بنو عدي بن النجار لهم دار ،
وبنو مازن بن النجار كذلك ،
وبنو سالم كذلك ،
وبنو ساعدة كذلك ،
وبنو الحارث بن الخزرج كذلك ،
وبنو عمرو بن عوف كذلك ،
وبنو عبد الأشهل كذلك ، وسائر بطون
الأنصار كذلك . قال النبي صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=881923وفي كل دور الأنصار خير " .
وأمر عليه السلام بأن تبنى المساجد في الدور . فالدار - كما قلنا - هي القرية . ودار
بني عوف هي
قباء . فوقع بناء مسجده صلى الله عليه وسلم في
بني مالك بن النجار ، وكانت قرية صغيرة .
[ ص: 287 ] وخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري من حديث
أنس nindex.php?page=hadith&LINKID=881924أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل في بني عمرو بن عوف ، فأقام فيهم أربع عشرة ليلة . ثم أرسل إلى بني النجار فجاؤوا .
وآخى في هذه المدة بين المهاجرين والأنصار . ثم فرضت الزكاة . وأسلم الحبر
nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام ، وأناس من
اليهود ، وكفر سائر
اليهود .