[ ص: 449 ] غزوة بئر معونة
قال
ابن إسحاق :
بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحاب بئر معونة في صفر ، على رأس أربعة أشهر من أحد .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة : قال
الزهري : حدثني
عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك ، ورجال من أهل العلم ،
أن عامر بن مالك الذي يدعى ملاعب الأسنة ، قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مشرك ، فعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام ، فأبى أن يسلم ، وأهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم هدية . فقال : إني لا أقبل هدية مشرك . فقال : ابعث معي من شئت من رسلك ، فأنا لهم جار ، فبعث رهطا ، فيهم المنذر بن عمرو الساعدي ; وهو الذي يقال له : أعنق ليموت ، بعثه عينا له في أهل نجد ، فسمع بهم عامر بن الطفيل ، فاستنفر بني عامر ، فأبوا أن يطيعوه ، فاستنفر بني سليم فنفروا معه ، فقتلوهم ببئر معونة ، غير nindex.php?page=showalam&ids=243عمرو بن أمية الضمري ، فإنه أطلقه عامر بن الطفيل ، فقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقال
ابن إسحاق : حدثني والدي ، عن
المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، nindex.php?page=showalam&ids=16397وعبد الله بن أبي بكر بن حزم ، وغيرهما ، قالوا : قدم
أبو البراء عامر بن مالك بن جعفر ، ملاعب الأسنة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
المدينة ، فلم يسلم ولم يبعد من الإسلام ، وقال : يا
محمد لو بعثت معي رجالا من أصحابك إلى
أهل نجد يدعونهم إلى أمرك رجوت أن يستجيبوا لك . قال : أخشى عليهم
أهل نجد . قال
أبو البراء : أنا لهم
[ ص: 450 ] جار . فبعث
المنذر بن عمرو في أربعين رجلا ، فيهم
الحارث بن الصمة ، وحرام بن ملحان ; أخو
بني عدي بن النجار ، وعروة بن أسماء بن الصلت السلمي ، ورافع بن ورقاء الخزاعي ، وعامر بن فهيرة مولى أبي بكر ، في رجال من خيار المسلمين ، فساروا حتى نزلوا
بئر معونة ، بين أرض
بني عامر وحرة
بني سليم . ثم بعثوا
حرام بن ملحان بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى
عامر بن الطفيل ، فلم ينظر في الكتاب حتى قتل الرجل . ثم استصرخ
بني سليم فأجابوه وأحاطوا بالقوم ، فقاتلوهم حتى استشهدوا كلهم إلا
كعب بن زيد ، من
بني النجار ، تركوه وبه رمق فارتث من بين القتلى ، فعاش حتى قتل يوم الخندق .
وكان في سرح القوم
عمرو بن أمية ورجل من الأنصار ، فلم يخبرهما بمصاب القوم إلا الطير تحوم على العسكر ، فقالا : والله إن لهذه الطير لشأنا ، فأقبلا فنظرا ، فإذا القوم في دمائهم وإذا الخيل التي أصابتهم واقفة . فقال الأنصاري
لعمرو : ماذا ترى ؟ قال : أرى أن نلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم فنخبره الخبر . فقال الأنصاري : لكني لم أكن أرغب بنفسي عن موطن قتل فيه
المنذر بن عمرو ، وما كنت لأخبر عنه الرجال . وقاتل حتى قتل وأسروا
عمرا . فلما أخبرهم أنه من
مضر أطلقه
عامر بن الطفيل وجز ناصيته وأعتقه . فلما كان بالقرقرة أقبل رجلان من
بني عامر حتى نزلا في ظل هو فيه ، وكان معهما عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوار لم يعلم به
عمرو . حتى إذا ناما عدا عليهما فقتلهما . فلما قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبره فقال : قد قتلت قتيلين ، لأدينهما . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هذا عمل
أبي براء ، قد كنت لهذا كارها متخوفا . فبلغ ذلك
أبا براء فشق عليه إخفار
عامر أبا براء ، فحمل
ربيعة ولد
أبي براء على
عامر بن الطفيل فطعنه في فخذه فأشواه ، فوقع من فرسه ، وقال :
[ ص: 451 ] هذا عمل
أبي براء ; إن مت فدمي لعمي فلا يتبعن به ، وإن أعش فسأرى رأيي .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة : ارتث في القتلى
كعب بن زيد ، فقتل يوم الخندق .
وقال
حماد بن سلمة : أخبرنا
ثابت ، عن
أنس nindex.php?page=hadith&LINKID=882078أن ناسا جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : ابعث معنا رجالا يعلموننا القرآن ، والسنة . فبعث إليهم سبعين رجلا من الأنصار يقال لهم القراء ، وفيهم خالي حرام بن ملحان ، يقرءون القرآن ويتدارسون بالليل ويتعلمون ، وكانوا بالنهار يجيئون بالماء فيضعونه في المسجد ، ويحتطبون فيبيعون ويشترون به الطعام لأهل الصفة ، فبعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم ، فتعرضوا لهم فقتلوهم قبل أن يبلغوا المكان . قالوا : اللهم بلغ عنا نبيك أن قد لقيناك فرضيت عنا ورضينا عنك . قال : وأتى رجل خالي من خلفه فطعنه بالرمح حتى أنفذه ، فقال حرام : فزت ورب الكعبة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه : إن إخوانكم قد قتلوا وقالوا : اللهم بلغ عنا نبينا أن قد لقيناك فرضينا عنك ورضيت عنا . رواه
مسلم .
وقال
همام وغيره ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12423إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة : حدثني
أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث خاله
حراما في سبعين رجلا فقتلوا يوم بئر معونة . وكان رئيس المشركين
عامر بن الطفيل ، وكان أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أخيرك بين ثلاث خصال : أن يكون لك أهل السهل ولي أهل المدر ، أو أكون خليفتك من بعدك ، أو أغزوك
بغطفان بألف أشقر وألف شقراء ، قال : فطعن في بيت امرأة من بني فلان ، فقال : غدة كغدة
[ ص: 452 ] البكر في بيت امرأة من بني فلان ائتوني بفرسي ، فركبه فمات على ظهر فرسه . وانطلق
حرام ورجلان معه أحدهما أعرج فقال : كونا قريبا مني حتى آتيهم فإن آمنوني كنت كفوا ، وإن قتلوني أتيتم أصحابكم . فأتاهم حرام فقال : أتؤمنوني أبلغكم رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فجعل يحدثهم ، وأومأوا إلى رجل فأتاه من خلفه فطعنه . قال
همام ، وأحسبه قال : فزت ورب
الكعبة . قال : وقتل كلهم إلا الأعرج ، كان في رأس الجبل .
قال
أنس : أنزل علينا ، ثم كان من المنسوخ ، " إنا قد لقينا ربنا فرضي عنا وأرضيناه " . فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثين صباحا على
رعل وذكوان وبني لحيان وعصية عصت الله ورسوله .
أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، وقال : ثلاثين صباحا ، وهو الصحيح .
وروى نحوه
قتادة ، وثابت ، وغيرهما ، عن
أنس . وبعضهم يختصر الحديث ، وفي بعض طرقه : سبعين صباحا .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16034سليمان بن المغيرة ، عن
ثابت ، قال : كتب
أنس في أهله كتابا فقال : اشهدوا معاشر القراء . فكأني كرهت ذلك ، فقلت : لو سميتهم بأسمائهم وأسماء آبائهم ; فقال : وما بأس أن أقول لكم معاشر القراء ؟ أفلا أحدثكم عن إخوانكم الذين كنا ندعوهم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم القراء ؟ قال : فذكر
أنس سبعين من
الأنصار كانوا إذا جنهم الليل أووا إلى معلم
بالمدينة فيبيتون يدرسون ، فإذا أصبحوا فمن كانت عنده قوة أصاب من الحطب واستعذب من الماء ، ومن كانت عنده سعة أصابوا
[ ص: 453 ] الشاة فأصلحوها ، فكان معلقا بحجر رسول الله صلى الله عليه وسلم . فلما أصيب
خبيب ، بعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان فيهم خالي
حرام . فأتوا على حي من
بني سليم ، فقال
حرام لأميرهم : دعني ، فلأخبر هؤلاء أنا ليس إياهم نريد فيخلون وجوهنا . فأتاهم فقال ذلك ، فاستقبله رجل منهم برمح فأنفذه به . قال : فلما وجد
حرام مس الرمح قال : الله أكبر فزت ورب
الكعبة . قال : فانطووا عليهم فما بقي منهم مخبر . قال : فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد على شيء وجده عليهم . فقال
أنس : لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما صلى الغداة رفع يديه يدعو عليهم : فلما كان بعد ذلك ، إذا
أبو طلحة يقول : هل لك في قاتل
حرام ؟ قلت : ما له ، فعل الله به وفعل . فقال : لا تفعل ، فقد أسلم .
وقال
أبو أسامة : حدثنا
هشام ، عن أبيه ، عن
عائشة ، قالت : كان
عامر بن فهيرة غلاما
لعبد الله بن الطفيل بن سخبرة ، أخي
عائشة لأمها ; وكانت
لأبي بكر منحة ، فكان يروح بها ويغدو ، ويصبح فيدلج إليهما ثم يسرح فلا يفطن به أحد من الرعاء ، ثم خرج بهما يعقبانه حتى قدم
المدينة معهما . فقتل
عامر بن فهيرة يوم
بئر معونة ، وأسر
عمرو بن أمية . فقال له
عامر بن الطفيل : من هذا ؟ وأشار إلى قتيل . قال : هذا
عامر بن فهيرة . فقال : لقد رأيته بعدما قتل رفع إلى السماء حتى إني لأنظر إلى السماء بينه وبين الأرض . وذكر الحديث . أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري .
قال
ابن إسحاق : فقال
حسان بن ثابت يحرض بني
أبي البراء على
عامر بن الطفيل :
[ ص: 454 ] بني أم البنين ألم يرعكم وأنتم من ذوائب أهل نجد تهكم عامر بأبي براء
ليخفره ، وما خطأ كعمد ألا أبلغ ربيعة ذا المساعي
فما أحدثت في الحدثان بعدي أبوك أبو الحروب أبو براء
وخالك ماجد حكم بن سعد