قصة
غزوة الحديبية
وهي على تسعة أميال من
مكة
خرج إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة سنة ست . قاله
نافع ، وقتادة ، nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري ، nindex.php?page=showalam&ids=12563وابن إسحاق ، وغيرهم ،
وعروة في " مغازيه " رواية
أبي الأسود .
وتفرد
علي بن مسهر ، عن
هشام ، عن أبيه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى
الحديبية في رمضان ، وكانت
الحديبية في شوال .
وفي الصحيحين عن
هدبة ، عن
همام ، قال : حدثنا
قتادة ، أن
أنسا nindex.php?page=hadith&LINKID=882144أخبره أن نبي الله صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمر كلهن في ذي القعدة ، إلا العمرة التي مع حجته عمرة الحديبية زمن الحديبية في ذي القعدة ، وعمرة من العام المقبل ، وعمرة من الجعرانة ، حيث قسم غنائم حنين في ذي القعدة ، وعمرة مع حجته .
وقال
الزهري ، عن
عروة ، عن المسور بن مخرمة
nindex.php?page=hadith&LINKID=882145أن رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 29 ] خرج عام الحديبية في بضع عشرة مائة من أصحابه ، فلما كان بذي الحليفة قلد الهدي وأشعره ، وأحرم منها . أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري .
وقال
شعبة ، عن
عمرو بن مرة ، سمع
ابن أبي أوفى - وكان قد شهد بيعة الرضوان - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=882146كنا يومئذ ألفا وثلاث مائة . وكانت أسلم يومئذ ثمن المهاجرين . أخرجه
مسلم . وعلقه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه .
وقال
حصين بن عبد الرحمن ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15957سالم بن أبي الجعد ، عن
جابر ، قال : لو كنا مائة ألف لكفانا ، كنا خمس عشرة مائة . متفق عليه .
وخالفه
الأعمش ، عن
سالم ، عن
جابر ، فقال : كنا أربع عشرة مائة ،
أصحاب الشجرة ، اتفقا عليه أيضا .
وكأن
جابرا قال ذلك على التقريب . ولعلهم كانوا أربع عشرة مائة كاملة تزيد عددا لم يعتبره ، أو خمس عشرة مائة تنقص عددا لم يعتبره . والعرب تفعل هذا كثيرا ، كما تراهم قد اختلفوا في سن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاعتبروا تارة السنة التي ولد فيها والتي توفي فأدخلوهما في العدد . واعتبروا تارة السنين الكاملة وسكتوا عن الشهور الفاضلة .
ويبين هذا أن
قتادة قال : قلت
nindex.php?page=showalam&ids=15990لسعيد بن المسيب : كم كان الذين شهدوا بيعة الرضوان ؟ قال : خمس عشرة مائة . قلت : إن
جابرا قال : كانوا أربع عشرة مائة ، قال : يرحمه الله ، وهم . هو حدثني أنهم كانوا خمس عشرة مائة . أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16666عمرو بن دينار : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=882147كنا يوم [ ص: 30 ] الحديبية ألفا وأربع مائة . فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنتم خير أهل الأرض اتفقا عليه من حديث
ابن عيينة .
وقال
الليث ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير ، عن
جابر :
nindex.php?page=hadith&LINKID=882148كنا يوم الحديبية ألفا وأربع مائة . صحيح .
وقال
الأعمش ، عن
أبي سفيان ، عن
جابر :
نحرنا عام الحديبية سبعين بدنة ، البدنة عن سبعة . قلنا لجابر : كم كنتم يومئذ ؟ قال ألفا وأربع مائة بخيلنا ورجلنا .
وكذلك قاله
nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب ، nindex.php?page=showalam&ids=249ومعقل بن يسار ، nindex.php?page=showalam&ids=119وسلمة بن الأكوع ، في أصح الروايتين عنه ،
والمسيب بن حزم ، من رواية
قتادة ، عن
سعيد ، عن أبيه .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري :
معمر ، عن
الزهري ، عن
عروة ، عن
المسور nindex.php?page=showalam&ids=17065ومروان بن الحكم ، يصدق كل واحد منهما حديث صاحبه ، قالا :
nindex.php?page=hadith&LINKID=882149خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية في بضع عشرة مائة من أصحابه . حتى إذا كانوا بذي الحليفة قلد رسول الله صلى الله عليه وسلم الهدي وأشعره ، وأحرم بالعمرة . وبعث بين يديه عينا له من خزاعة يخبره عن قريش . وسار حتى إذا كان بعذبة الأشطاط قريبا من عسفان أتاه عينه الخزاعي فقال : إني تركت كعب بن لؤي وعامر بن لؤي قد جمعوا لك جموعا ، وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أشيروا علي ، أترون أن نميل إلى ذراري هؤلاء الذين أعانوهم فنصيبهم ؟ فإن قعدوا قعدوا موتورين وإن [ ص: 31 ] لجوا تكن عنقا قطعها الله ، أم ترون أن نؤم البيت فمن صدنا عنه قاتلناه ؟ قال أبو بكر : الله ورسوله أعلم إنما جئنا معتمرين ولم نجئ لقتال أحد ، ولكن من حال بيننا وبين البيت قاتلناه . قال : فروحوا إذا .
قال
الزهري في الحديث : فراحوا ، حتى إذا كانوا ببعض الطريق ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : إن
خالد بن الوليد بالغميم في خيل
لقريش طليعة فخذوا ذات اليمين . فوالله ما شعر بهم
خالد حتى إذا هو بقترة الجيش ، فانطلق يركض نذيرا
لقريش . وسار النبي صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان بالثنية التي يهبط عليهم منها بركت راحلته ، فقال الناس : حل حل ، فألحت ، فقالوا : خلأت القصواء خلأت القصواء . قال : فروحوا إذا .
قال
الزهري : قال
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة :
nindex.php?page=hadith&LINKID=882150ما رأيت أحدا كان أكثر مشاورة لأصحابه من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال
المسور ومروان في حديثهما : فراحوا ، حتى إذا كانوا ببعض الطريق ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : إن
خالد بن الوليد بالغميم في خيل
لقريش - رجع الحديث إلى موضعه - قال النبي صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=882151ما خلأت القصواء وما ذلك لها بخلق ، ولكن حبسها حابس الفيل " . ثم قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=882152والذي نفسي بيده لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها " . ثم زجرها فوثبت به . قال : فعدل حتى نزل بأقصى
الحديبية على ثمد قليل الماء ، إنما يتبرضه الناس تبرضا ، فلم يلبثه الناس أن نزحوه ، فشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العطش . فانتزع سهما من كنانته ثم أمرهم أن يجعلوه فيه ،
[ ص: 32 ] قال : فوالله مازال يجيش لهم
بالري حتى صدروا عنه .
فبينا هم كذلك إذ جاءه
بديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من
خزاعة ، وكانوا عيبة نصح لرسول الله صلى الله عليه وسلم من
أهل تهامة فقال : إني تركت
كعب بن لؤي وعامر بن لؤي نزلوا أعداد مياه
الحديبية ، معهم العوذ المطافيل ، وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنا لم نجئ لقتال أحد ولكنا جئنا معتمرين ، وإن
قريشا قد نهكتهم الحرب وأضرت بهم فإن شاءوا ماددتهم مدة ويخلوا بيني وبين الناس ، وإن شاءوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا ، وإلا فقد جموا ، وإن هم أبوا فوالذي نفسي بيده لأقاتلنهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي أو لينفذن الله أمره . فقال
بديل : سأبلغهم ما تقول . فانطلق حتى أتى
قريشا ، فقال : إنا قد جئناكم من عند هذا الرجل وسمعناه يقول قولا ، فإن شئتم نعرضه عليكم فعلنا ; فقال سفهاؤهم : لا حاجة لنا في أن تحدثنا عنه بشيء ، وقال ذوو الرأي منهم : هات ما سمعته . قال : سمعته يقول كذا وكذا . فحدثهم بما قال النبي صلى الله عليه وسلم .
فقام
عروة بن مسعود الثقفي ، فقال : أي قوم ألستم بالوالد ؟ قالوا : بلى . قال : ألست بالولد ؟ قالوا : بلى . قال : هل تتهموني ؟ قالوا : لا . قال : ألستم تعلمون أني استنفرت
أهل عكاظ فلما بلحوا علي جئتكم
[ ص: 33 ] بأهلي وولدي ومن أطاعني ؟ قالوا : بلى . قال : فإن هذا قد عرض عليكم خطة رشد ، فاقبلوها ودعوني آته . قالوا : ائته . فأتاه فجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال نحوا من قوله
لبديل . فقال : أي
محمد أرأيت إن استأصلت قومك هل سمعت بأحد من العرب اجتاح أصله قبلك ؟ وإن تكن الأخرى فوالله إني لأرى وجوها وأرى أوباشا من الناس خلقاء أن يفروا ويدعوك . فقال له
أبو بكر رضي الله عنه : امصص بظر اللات ، أنحن نفر عنه وندعه ؟ قال : من ذا ؟ قال :
أبو بكر . قال : والذي نفسي بيده لولا يد كانت لك عندي لم أجزك بها لأجبتك . قال : وجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم ، كلما كلمه أخذ بلحيته ،
nindex.php?page=showalam&ids=19والمغيرة بن شعبة قائم على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه السيف وعليه المغفر ، فكلما أهوى
عروة إلى لحية النبي صلى الله عليه وسلم ، ضرب يده بنعل السيف وقال : أخر يدك . فرفع رأسه فقال : من هذا ؟ قالوا :
المغيرة بن شعبة . فقال : أي غدر ، أولست أسعى في غدرتك ؟ قال : وكان
المغيرة صحب قوما في الجاهلية فقتلهم وأخذ أموالهم ، ثم جاء فأسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أما الإسلام فأقبل ، وأما المال فلست منه في شيء .
ثم إن
عروة جعل يرمق صحابة النبي صلى الله عليه وسلم ; فوالله ما تنخم رسول الله صلى الله عليه وسلم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم يدلك بها وجهه وجلده ، وإذا أمرهم بأمر ابتدروه ، وإذا توضأ ثاروا يقتتلون على وضوئه ، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده ، وما يحدون إليه النظر تعظيما له . فرجع
عروة إلى أصحابه ، فقال : أي قوم ، والله لقد وفدت على الملوك ; وفدت على
قيصر nindex.php?page=showalam&ids=16848وكسرى nindex.php?page=showalam&ids=888والنجاشي ، والله إن رأيت ملكا قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب
محمد محمدا والله إن تنخم نخامة إلا وقعت في
[ ص: 34 ] كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده ، وإذا أمرهم ابتدروا أمره ، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه ، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده ، ولا يحدون إليه النظر تعظيما له ، وإنه قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها . فقال رجل من
بني كنانة : دعوني آته . فقال : ائته . فلما أشرف على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هذا فلان وهو من قوم يعظمون البدن ، فابعثوها له . فبعثت له . واستقبله القوم يلبون . فلما رأى ذلك قال : سبحان الله ما ينبغي لهؤلاء أن يصدوا عن البيت ، فرجع إلى أصحابه فقال : رأيت البدن قد قلدت وأشعرت ، فما أرى أن يصدوا عن البيت . فقام رجل منهم يقال له :
مكرز بن حفص فقال : دعوني آته . فقالوا : ائته . فلما أشرف عليهم قال النبي صلى الله عليه وسلم : هذا
مكرز وهو رجل فاجر . فجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم . فبينا هو يكلمه إذ جاء
nindex.php?page=showalam&ids=3795سهيل بن عمرو .
قال
معمر : وأخبرني
أيوب ، عن
عكرمة أنه قال : لما جاء
سهيل قال النبي صلى الله عليه وسلم : قد سهل لكم من أمركم .