وقال
الطبري : فيها
دخل المسلمون مدينة بهرشير وافتتحوا المدائن ، فهرب منها
يزدجرد بن شهريار .
فلما نزل
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص بهرشير - وهي المدينة التي فيها منزل
كسرى - طلب السفن ليعبر بالناس إلى
المدينة القصوى ، فلم يقدر على شيء منها ، وجدهم قد ضموا السفن ، فبقي أياما حتى أتاه أعلاج فدلوه على مخاضة ، فأبى ، ثم إنه عزم له أن يقتحم دجلة ، فاقتحمها المسلمون وهي زائدة ترمي بالزبد ، ففجئ
أهل فارس أمر لم يكن لهم في حساب ، فقاتلوا ساعة ثم انهزموا وتركوا جمهور أموالهم ، واستولى
[ ص: 115 ] المسلمون على ذلك كله ، ثم أتوا إلى
القصر الأبيض ، وبه قوم قد تحصنوا ثم صالحوا .
وقيل : إن
الفرس لما رأوا اقتحام المسلمين الماء تحيروا ، وقالوا : والله ما نقاتل الإنس ولا نقاتل إلا الجن ، فانهزموا .
ونزل سعد القصر الأبيض ، واتخذ الإيوان مصلى ، وإن فيه لتماثيل جص فما حركها . ولما انتهى إلى مكان
كسرى أخذ يقرأ :
كم تركوا من جنات وعيون وزروع [ الدخان ] الآية .
قالوا : وأتم
سعد الصلاة يوم دخلها ، وذلك أنه أراد المقام بها ، وكانت أول جمعة جمعت
بالعراق ، وذلك في صفر سنة ست عشرة .
قال
الطبري : قسم
سعد الفيء بعد ما خمسه ، فأصاب الفارس اثنا عشر ألفا ، وكل الجيش كانوا فرسانا .
وقسم
سعد دور
المدائن بين الناس وأوطنوها ، وجمع
سعد الخمس وأدخل فيه كل شيء من ثياب
كسرى وحليه وسيفه ، وقال للمسلمين : هل لكم أن تطيب أنفسكم عن أربعة أخماس هذا القطف فنبعث به إلى
عمر ، فيضعه حيث يرى ويقع من
أهل المدينة موقعا ؟ قالوا : نعم . فبعثه على هيئته . وكان ستين ذراعا في ستين ذراعا بساطا واحدا مقدار جريب ، فيه طرق كالصور ، وفصوص كالأنهار ، وخلال ذلك كالدر ، وفي حافاته كالأرض المزروعة ، والأرض كالمبقلة بالنبات في الربيع من الحرير على قصبات الذهب ، ونواره بالذهب والفضة ونحوه ، فقطعه
عمر وقسمه بين الناس ، فأصاب
عليا قطعة منه فباعها بعشرين ألفا .
واستولى المسلمون في ثلاثة أعوام على كرسي مملكة كسرى ،
[ ص: 116 ] وعلى كرسي مملكة
قيصر ، وعلى أمي بلادهما . وغنم المسلمون غنائم لم يسمع بمثلها قط من الذهب والجوهر والحرير والرقيق
والمدائن والقصور ، فسبحان الله العظيم الفتاح .
وكان
لكسرى وقيصر ومن قبلهما من الملوك في دولتهم دهر طويل ، فأما
الأكاسرة والفرس وهم
المجوس فملكوا
العراق والعجم نحوا من خمس مائة سنة ، فأول ملوكهم دارا ، وطال عمره فيقال إنه بقي في الملك مائتي سنة ، وعدة ملوكهم خمسة وعشرون نفسا ، منهم امرأتان ، وكان آخر القوم
nindex.php?page=showalam&ids=16848يزدجرد الذي هلك في زمن
عثمان ، وممن ملك منهم
ذو الأكتاف سابور ، عقد له بالأمر وهو في بطن أمه ؛ لأن أباه مات وهذا حمل ، فقال الكهان : هذا يملك الأرض ، فوضع التاج على بطن الأم ، وكتب منه إلى الآفاق وهو بعد جنين ، وهذا شيء لم يسمع بمثله قط ، وإنما لقب
بذي الأكتاف ؛ لأنه كان ينزع أكتاف من غضب عليه ، وهو الذي بنى الإيوان الأعظم وبنى
نيسابور وبنى
سجستان .
ومن متأخري ملوكهم
nindex.php?page=showalam&ids=12337أنوشروان ، وكان
حازما عاقلا ، كان له اثنتا عشرة ألف امرأة وسرية ، وخمسون ألف دابة ، وألف فيل إلا واحدا ، وولد نبينا صلى الله عليه وسلم في زمانه ، ثم مات
nindex.php?page=showalam&ids=12337أنوشروان وقت موت
عبد المطلب ، ولما استولى الصحابة على الإيوان أحرقوا ستره ، فطلع منه ألف ألف مثقال ذهبا .