وقال
خليفة : فيها
عزل عثمان عن مصر عمرا وولى عليها عبد الله [ ص: 171 ] بن سعد ، فغزا
إفريقية ومعه
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر بن الخطاب ،
nindex.php?page=showalam&ids=13وعبد الله بن عمرو بن العاص ،
nindex.php?page=showalam&ids=14171وعبد الله بن الزبير ، فالتقى هو
وجرجير بسبيطلة على يومين من
القيروان ، وكان
جرجير في مائتي ألف مقاتل ، وقيل في مائة وعشرين ألفا ، وكان المسلمون في عشرين ألفا .
قال
مصعب بن عبد الله : حدثنا أبي
والزبير بن خبيب ، قالا : قال
ابن الزبير : هجم علينا
جرجير في معسكرنا في عشرين ومائة ألف ، فأحاطوا بنا ونحن في عشرين ألفا . واختلف الناس على
عبد الله بن أبي سرح ، فدخل فسطاطا له فخلا فيه ، ورأيت أنا غرة من
جرجير بصرت به خلف عساكره على برذون أشهب معه جاريتان تظللان عليه بريش الطواويس ، وبينه وبين جنده أرض بيضاء ليس بها أحد ، فخرجت إلى
ابن أبي سرح فندب لي الناس ، فاخترت منهم ثلاثين فارسا وقلت لسائرهم : البثوا على مصافكم ، وحملت في الوجه الذي رأيت فيه
جرجير وقلت لأصحابي : احموا لي ظهري ، فوالله ما نشبت أن خرقت الصف إليه فخرجت صادما له ، وما يحسب هو ولا أصحابه إلا أني رسول إليه ، حتى دنوت منه فعرف الشر ، فوثب على برذونه وولى مبادرا ، فأدركته ثم طعنته ، فسقط ، ثم دففت عليه بالسيف ، ونصبت رأسه على رمح وكبرت ، وحمل المسلمون ، فارفض أصحابه من كل وجه ، وركبنا أكتافهم .
وقال
خليفة : حدثنا من سمع
ابن لهيعة يقول : حدثنا
أبو الأسود ، قال : حدثني
أبو إدريس أنه غزا مع
عبد الله بن سعد إفريقية فافتتحها ، فأصاب كل إنسان ألف دينار .
وقال غيره : سبوا وغنموا ، فبلغ سهم الفارس ثلاثة آلاف دينار ،
[ ص: 172 ] وفتح الله
إفريقية سهلها وجبلها ، ثم اجتمعوا على الإسلام وحسنت طاعتهم .
وقسم
ابن أبي سرح ما أفاء الله عليهم وأخذ خمس الخمس بأمر
عثمان ، وبعث إليه بأربعة أخماسه ، وضرب فسطاطا في موضع
القيروان ووفدوا وفدا ، فشكوا
عبد الله فيما أخذ ، فقال : أنا نفلته ، وذلك إليكم الآن ، فإن رضيتم فقد جاز ، وإن سخطتم فهو رد ، قالوا : إنا نسخطه . قال : فهو رد ، وكتب إلى
عبد الله برد ذلك واستصلاحهم . قالوا : فاعزله عنا . فكتب إليه أن استخلف على
إفريقية رجلا ترضاه واقسم ما نفلتك فإنهم قد سخطوا . فرجع
عبد الله بن أبي سرح إلى
مصر ، وقد فتح الله
إفريقية ، فما زال أهلها أسمع الناس وأطوعهم إلى زمان
هشام بن عبد الملك .
وروى
سيف بن عمر ، عن أشياخه ، أن
عثمان أرسل
عبد الله بن نافع بن الحصين ،
وعبد الله بن نافع الفهري من فورهما ذلك إلى
الأندلس ، فأتياها من قبل البحر ، وكتب
عثمان إلى من انتدب إلى
الأندلس : أما بعد ؛ فإن
القسطنطينية إنما تفتح من قبل
الأندلس ، وإنكم إن افتتحتموها كنتم شركاء في فتحها في الأجر ، والسلام . فعن
كعب ، قال : يعبر البحر إلى
الأندلس أقوام يفتحونها يعرفون بنورهم يوم القيامة ، قال : فخرجوا إليها فأتوها من برها وبحرها ، ففتحها الله على المسلمين ، وزاد في سلطان المسلمين مثل
إفريقية ، ولم يزل أمر
الأندلس كأمر
إفريقية ، حتى أمر
هشام فمنع البربر أرضهم .
ولما نزع
عثمان عمرا عن
مصر غضب وحقد على
عثمان ، فوجه
عبد الله بن سعد فأمره أن يمضي إلى
إفريقية ، وندب
عثمان الناس معه
[ ص: 173 ] إلى
إفريقية ، فخرج إليها في عشرة آلاف ، وصالح
ابن سعد أهل إفريقية على ألفي ألف دينار وخمسمائة ألف دينار . وبعث ملك
الروم من
قسطنطينية أن يؤخذ من
أهل إفريقية ثلاثمائة قنطار ذهبا ، كما أخذ منهم
عبد الله بن سعد ، فقالوا : ما عندنا مال نعطيه ، وما كان بأيدينا فقد افتدينا به ، فأما الملك فإنه سيدنا فليأخذ ما كان له عندنا من جائرة كما كنا نعطيه كل عام ، فلما رأى ذلك منهم الرسول أمر بحبسهم ، فبعثوا إلى قوم من أصحابهم فقدموا عليهم فكسروا السجن وخرجوا .
وعن
يزيد بن أبي حبيب ، قال : كتب
عبد الله بن سعد إلى
عثمان يقول : إن
عمرو بن العاص كسر الخراج ، وكتب
عمرو : إن
عبد الله بن سعد أفسد علي مكيدة الحرب ، فكتب
عثمان إلى
عمرو : انصرف ، وولي
عبد الله الخراج والجند ، فقدم
عمرو مغضبا ، فدخل على
عثمان وعليه جبة له يمانية محشوة قطنا ، فقال له
عثمان : ما حشو جبتك ؟ قال :
عمرو ، قال : قد علمت أن حشوها
عمرو ، ولم أرد هذا ، إنما سألتك أقطن هو أم غيره ؟
وبعث
عبد الله بن سعد إلى
عثمان مالا من
مصر وحشد فيه ، فدخل
عمرو ، فقال
عثمان : هل تعلم أن تلك اللقاح درت بعدك ؟ قال
عمرو : إن فصالها هلكت .
وفيها حج
عثمان بالناس .