[ ص: 65 ] يا أيها النبيء حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين
استئناف ابتدائي بالإقبال على خطاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأوامر وتعاليم عظيمة ، مهد لقبولها وتسهيلها بما مضى من التذكير بعجيب صنع الله والامتنان بعنايته برسوله والمؤمنين ، وإظهار أن النجاح والخير في طاعته وطاعة الله ، من أول السورة إلى هنا ، فموقع هذه الآية بعد التي قبلها كامل الاتساق والانتظام ، فإنه لما أخبره بأنه حسبه وكافيه ، وبين ذلك بأنه أيده بنصره فيما مضى وبالمؤمنين ، فقد صار للمؤمنين حظ في كفاية الله - تعالى - رسوله - صلى الله عليه وسلم - فلا جرم أنتج ذلك أن حسبه الله والمؤمنون ، فكانت جملة
يا أيها النبيء حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين كالفذلكة للجملة التي قبلها .
وتخصيص النبيء بهذه الكفاية لتشريف مقامه بأن الله يكفي الأمة لأجله .
والقول في وقوع ( حسب ) مسندا إليه هنا كالقول في قوله آنفا فإن حسبك الله
وفي عطف " المؤمنين " على اسم الجلالة هنا : تنويه بشأن كفاية الله النبيء - صلى الله عليه وسلم - بهم ، إلا أن الكفاية مختلفة وهذا من عموم المشترك لا من إطلاق المشترك على معنيين ، فهو كقوله :
إن الله وملائكته يصلون على النبيء
وقيل : يجعل ومن اتبعك مفعولا معه لقوله : حسبك بناء على قول البصريين أنه لا يعطف على الضمير المجرور اسم ظاهر ، أو يجعل معطوفا على رأي الكوفيين المجوزين لمثل هذا العطف . وعلى هذا التقدير يكون التنويه بالمؤمنين في جعلهم مع النبيء - صلى الله عليه وسلم - في هذا التشريف ، والتفسير الأول أولى وأرشق .
وقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن قوله :
يا أيها النبيء حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين نزلت يوم أسلم
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب . فتكون مكية ، وبقيت مقروءة غير مندرجة في سورة ، ثم وضعت في هذا الموضع بإذن من النبيء - صلى الله عليه وسلم - لكونه أنسب لها .
[ ص: 66 ] وعن
النقاش نزلت هذه الآية
بالبيداء في
بدر ، قبل ابتداء القتال ، فيكون نزولها متقدما على أول السورة ثم جعلت في هذا الموضع من السورة .
والتناسب بينها وبين الآية التي بعدها ظاهر مع اتفاقهم على أن الآية التي بعدها نزلت مع تمام السورة فهي تمهيد لأمر المؤمنين بالقتال ليحققوا كفايتهم الرسول .