[ ص: 89 ] والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقا لهم مغفرة ورزق كريم .
الأظهر أن هذه جملة معترضة بين جملة
والذين كفروا بعضهم أولياء بعض ، وجملة
والذين آمنوا من بعد وهاجروا : الآية ، والواو اعتراضية للتنويه
بالمهاجرين والأنصار ، وبيان جزائهم وثوابهم ، بعد بيان أحكام ولاية بعضهم لبعض بقوله :
إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله إلى قوله :
أولئك بعضهم أولياء بعض فليست هذه تكريرا للأولى ، وإن تشابهت ألفاظها : فالأولى لبيان ولاية بعضهم لبعض ، وهذه واردة للثناء عليهم والشهادة لهم بصدق الإيمان مع وعدهم بالجزاء .
وجيء باسم الإشارة في قوله :
أولئك هم المؤمنون لمثل الغرض الذي جيء به لأجله في قوله :
أولئك بعضهم أولياء بعض كما تقدم .
وهذه الصيغة صيغة قصر ، أي قصر الإيمان عليهم دون غيرهم ممن لم يهاجروا ، والقصر هنا مقيد بالحال في قوله : حقا . فقوله : " حقا " حال من المؤمنون وهو مصدر جعل من صفتهم ، فالمعنى : أنهم حاقون ، أي محققون لإيمانهم بأن عضدوه بالهجرة من دار الكفر ، وليس الحق هنا بمعنى المقابل للباطل ، حتى يكون إيمان غيرهم ممن لم يهاجروا باطلا ; لأن قرينة قوله :
والذين آمنوا ولم يهاجروا مانعة من ذلك ، إذ قد أثبت لهم الإيمان ونفى عنهم استحقاق ولاية المؤمنين .
والرزق الكريم هو الذي لا يخالط النفع به ضر ولا نكد ، فهو نفع محض لا كدر فيه .