فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم
تفريع على الأفعال المتقدمة في قوله :
فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم
والتوبة عن الشرك هي الإيمان ، أي فإن آمنوا إيمانا صادقا ، بأن أقاموا الصلاة الدالة إقامتها على أن صاحبها لم يكن كاذبا في إيمانه ، وبأن آتوا الزكاة الدال إيتاؤها على أنهم مؤمنون حقا ; لأن بذل المال للمسلمين أمارة صدق النية فيما بذل فيه . فإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة شرط في كف القتال عنهم إذا آمنوا ، وليس في هذا دلالة على أن الصلاة والزكاة جزء من الإيمان .
وحقيقة
فخلوا سبيلهم اتركوا طريقهم الذي يمرون به ، أي اتركوا لهم كل طريق أمرتم برصدهم فيه أي اتركوهم يسيرون مجتازين أو قادمين عليكم ، إذ لا بأس عليكم منهم في الحالتين ، فإنهم صاروا إخوانكم ، كما قال في الآية الآتية
فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين
وهذا المركب مستعمل هنا تمثيلا في عدم الإضرار بهم ومتاركتهم ، يقال : خل سبيلي ، أي : دعني وشأني ، كما قال
جرير :
خل السبيل لمن يبني المنـار بـه وأبرز ببرزة حيث اضطرك القدر
[ ص: 117 ] وهو مقابل للتمثيل الذي في قوله :
واقعدوا لهم كل مرصد
وجملة
إن الله غفور رحيم تذييل أريد به حث المسلمين على عدم التعرض بالسوء للذين يسلمون من المشركين ، وعدم مؤاخذتهم لما فرط منهم ، فالمعنى اغفروا لهم لأن الله غفر لهم وهو غفور رحيم ، أو اقتدوا بفعل الله إذ غفر لهم ما فرط منهم كما تعملون فكونوا أنتم بتلك المثابة في الإغضاء عما مضى .