وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم
موقع هذه الجملة بعد قوله :
والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض ، كموقع جملة
وعد الله المنافقين والمنافقات بعد قوله :
المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض الآية . وهي أيضا كالاستئناف البياني الناشئ عن قوله :
أولئك سيرحمهم الله مثل قوله في الآية السابقة
يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم الآية .
[ ص: 264 ] وفعل المضي في قوله :
وعد الله إما لأنه إخبار عن وعد تقدم في آي القرآن قصد من الإخبار به التذكير به لتحقيقه ، وإما أن يكون قد صيغ هذا الوعد بلفظ المضي على طريقة صيغ العقود ؛ مثل بعت وتصدقت ، لكون تلك الصيغة معهودة في الالتزام الذي لا يتخلف . وقد تقدم نظيره آنفا في قوله :
وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم
والإظهار في مقام الإضمار دون أن يقال : وعدهم الله : لتقريرهم في ذهن السامع ليتمكن تعلق الفعل بهم فضل تمكن في ذهن السامع .
وتقدم الكلام على نحو قوله :
جنات تجري من تحتها الأنهار عند قوله - تعالى :
وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار في سورة البقرة .
وعطف
ومساكن طيبة في جنات عدن على جنات للدلالة على أن لهم في الجنات قصورا ومساكن طيبة ، أي ليس فيها شيء من خبث المساكن من الأوساخ وآثار علاج الطبخ ونحوه نظير قوله :
ولهم فيها أزواج مطهرة
والعدن الخلد والاستقرار المستمر ، فجنات عدن هي الجنات المذكورة قبل ، فذكرها بهذا اللفظ من الإظهار في مقام الإضمار مع التفنن في التعبير والتنويه بالجنات ، ولذلك لم يقل : ومساكن طيبة فيها .
وجملة
ورضوان من الله أكبر معطوفة على جملة
وعد الله المؤمنين
والرضوان - بكسر الراء - ويجوز ضمها . وكسر الراء لغة
أهل الحجاز ، وضمها لغة
تميم . وقرأه الجمهور - بكسر الراء - وقرأه
أبو بكر عن
عاصم بضم الراء .
ونظيره بالكسر قليل في المصادر ذات الألف والنون . وهو مصدر كالرضى وزيادة الألف والنون فيه تدل على قوته ، كالغفران والشكران .
والتنكير في رضوان للتنويع ، يدل على جنس الرضوان ، وإنما لم يقرن بلام تعريف الجنس ليتوسل بالتنكير إلى الإشعار بالتعظيم فإن رضوان الله - تعالى - عظيم .
[ ص: 265 ] و ( أكبر ) تفضيل لم يذكر معه المفضل عليه لظهوره من المقام ، أي أكبر من الجنات لأن رضوان الله أصل لجميع الخيرات . وفيه دليل على أن السعادات الروحانية أعلى وأشرف من الجثمانية .
و ( ذلك ) إشارة إلى جميع ما ذكر من الجنات والمساكن وصفاتهما والرضوان الإلهي .
والقصر في
هو الفوز العظيم قصر حقيقي باعتبار وصف الفوز بعظيم .