ويا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل سوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ومن هو كاذب وارتقبوا إني معكم رقيب
عطف نداء على نداء زيادة في التنبيه ، والمقصود عطف ما بعد النداء الثاني على ما بعد النداء الأول .
وجملة
اعملوا على مكانتكم إني عامل سوف تعلمون تقدم تفسير نظيرها في سورة الأنعام .
والأمر للتهديد . والمعنى : اعملوا متمكنين من مكانتكم ، أي حالكم التي أنتم عليها ، أي اعملوا ما تحبون أن تعملوه بي .
وجملة ( إني عامل ) مستأنفة . ولم يقرن حرف ( سوف ) في هذه الآية بالفاء وقرن في آية سورة الأنعام بالفاء ؛ فجملة ( سوف تعلمون ) هنا جعلت مستأنفة
[ ص: 153 ] استئنافا بيانيا إذ لما فاتحهم بالتهديد كان ذلك ينشئ سؤالا في نفوسهم عما ينشأ على هذا التهديد فيجاب بالتهديد بسوف تعلمون . ولكونه كذلك كان مساويا للتفريع بالفاء الواقع في آية الأنعام في المآل ، ولكنه أبلغ في الدلالة على نشأة مضمون الجملة المستأنفة عن مضمون التي قبلها ؛ ففي
خطاب شعيب - عليه السلام - قومه من الشدة ما ليس في الخطاب المأمور به النبي - صلى الله عليه وسلم - في سورة الأنعام جريا على ما أرسل الله به رسوله
محمدا - صلى الله عليه وسلم - من اللين لهم
فبما رحمة من الله لنت لهم . وكذلك التفاوت بين معمولي ( تعلمون ) فهو هنا غليظ شديد
من يأتيه عذاب يخزيه ومن هو كاذب وهو هنالك لين
من تكون له عاقبة الدار
و ( من ) استفهام معلق لفعل العلم عن العمل ، أي تعلمون جواب هذا السؤال . والعذاب : خزي لأنه إهانة .
والارتقاب : الترقب ، وهو افتعال من رقبه إذا انتظره .
والرقيب هنا فعيل بمعنى فاعل ، أي إني معكم راقب ، أي كل يرتقب ما يجازيه الله به إن كان كاذبا أو مكذبا .