من
مقاصد هذه السورة
روى
الواحدي nindex.php?page=showalam&ids=16935والطبري يزيد أحدهما على الآخر
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341968عن nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص أنه قال : أنزل القرآن فتلاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أصحابه زمانا ، فقالوا أي المسلمون بمكة : يا رسول الله لو قصصت علينا ، فأنزل الله الر تلك آيات الكتاب المبين إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون الآيات الثلاث .
فأهم أغراضها : بيان قصة
يوسف - عليه السلام - مع إخوته ، وما لقيه في حياته ، وما في ذلك من العبر من نواح مختلفة .
وفيها إثبات أن بعض المرائي قد يكون إنباء بأمر مغيب ، وذلك من أصول النبوءات وهو من أصول الحكمة المشرقية كما سيأتي عند قوله - تعالى :
إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا الآيات .
وأن تعبير الرؤيا علم يهبه الله لمن يشاء من صالحي عباده .
وتحاسد القرابة بينهم .
ولطف الله بمن يصطفيه من عباده .
والعبرة بحسن العواقب ، والوفاء ، والأمانة ، والصدق ، والتوبة .
وسكنى
إسرائيل وبنيه بأرض
مصر .
وتسلية النبي - صلى الله عليه وسلم - بما لقيه
يعقوب ويوسف - عليهما السلام - من آلهم من الأذى . وقد لقي النبي - صلى الله عليه وسلم - من آله أشد ما لقيه من بعداء كفار قومه ، مثل عمه
أبي لهب ،
والنضر بن الحارث ،
[ ص: 199 ] nindex.php?page=showalam&ids=9809وأبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ، وإن كان هذا قد أسلم بعد وحسن إسلامه ، فإن وقع أذى الأقارب في النفوس أشد من وقع أذى البعداء ، كما قال
طرفة :
وظلم ذوي القربى أشد مضـاضة على المرء من وقع الحسام المهند
قال - تعالى :
لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين .
وفيها العبرة بصبر الأنبياء مثل
يعقوب ويوسف - عليهما السلام - على البلوى . وكيف تكون لهم العاقبة .
وفيها العبرة بهجرة قوم النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى البلد الذي حل به كما فعل يعقوب - عليه السلام - وآله ، وذلك إيماء إلى أن
قريشا ينتقلون إلى
المدينة مهاجرين تبعا لهجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - .
وفيها من عبر تاريخ الأمم والحضارة القديمة وقوانينها ونظام حكوماتها وعقوباتها وتجارتها . واسترقاق الصبي اللقيط . واسترقاق السارق ، وأحوال المساجين . ومراقبة المكاييل .
وإن في هذه السورة أسلوبا خاصا من أساليب إعجاز القرآن وهو الإعجاز في أسلوب القصص الذي كان خاصة أهل
مكة يعجبون مما يتلقونه منه من بين أقاصيص
العجم والروم ، فقد كان
النضر بن الحارث وغيره يفتنون
قريشا بأن ما يقوله القرآن في شأن الأمم هو أساطير الأولين اكتتبها
محمد - صلى الله عليه وسلم .
وكان
النضر يتردد على
الحيرة فتعلم أحاديث (
رستم ) و (
اسفنديار ) من أبطال
فارس ، فكان يحدث
قريشا بذلك ويقول لهم : أنا والله أحسن حديثا من
محمد فهلم أحدثكم أحسن من حديثه ، ثم يحدثهم بأخبار
الفرس ، فكان ما بعضها من التطويل على عادة أهل الأخبار من
الفرس يموه به عليهم بأنه
[ ص: 200 ] أشبع للسامع ، فجاءت هذه السورة على أسلوب استيعاب القصة تحديا لهم بالمعارضة .
على أنها مع ذلك قد طوت كثيرا من القصة من كل ما ليس له كبير أثر في العبرة . ولذلك ترى في خلال السورة وكذلك مكنا ليوسف في الأرض مرتين
كذلك كدنا ليوسف فتلك عبر من أجزاء القصة .
وما تخلل ذلك من الحكمة في أقوال الصالحين كقوله :
عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون ، وقوله :
إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين .