سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار موقع هذه الجملة استئناف بياني ; لأن مضمونها بمنزلة النتيجة لعموم
علم الله تعالى بالخفيات والظواهر . وعدل عن الغيبة المتبعة في الضمائر فيما تقدم إلى الخطاب هنا في قوله (
سواء منكم ) لأنه تعليم يصلح للمؤمنين والكافرين .
وفيها تعريض بالتهديد للمشركين المتآمرين على النبيء صلى الله عليه وسلم .
و ( سواء ) اسم بمعنى مستو . وإنما يقع معناه بين شيئين فصاعدا . واستعمل سواء في الكلام ملازما حالة واحدة فيقال : هما سواء وهم سواء ، قال تعالى
فأنتم فيه سواء ، وموقع ( سواء ) هنا موقع المبتدأ . و (
من أسر القول ) فاعل سد مسد الخبر ، ويجوز جعل ( سواء ) خبرا مقدما و ( من أسر ) مبتدأ مؤخرا و ( منكم ) حال من ( أسر ) .
والاستخفاء : هنا الخفاء . فالسين والتاء للمبالغة في الفعل مثل استجاب .
والسارب : اسم فاعل من سرب إذا ذهب في السرب بفتح السين وسكون الراء وهو الطريق . وهذا من الأفعال المشتقة من الأسماء الجامدة . وذكر الاستخفاء مع الليل لكونه أشد خفاء . وذكر السروب مع النهار لكونه أشد ظهورا . والمعنى : أن هذين الصنفين سواء لدى علم الله تعالى .
[ ص: 100 ] والواو التي عطفت أسماء الموصول على الموصول الأول للتقسيم فهي بمعنى أو .