قل من رب السماوات والأرض قل الله قل أفاتخذتم من دونه أولياء لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا لما نهضت الأدلة الصريحة بمظاهر الموجودات المتنوعة على انفراده بالإلهية من قوله (
الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها ) وقوله (
وهو الذي مد الأرض ) وقوله (
الله يعلم ما تحمل كل أنثى ) وقوله (
هو الذي يريكم البرق ) الآيات ، وبما فيها من دلالة رمزية دقيقة من قوله (
له دعوة الحق ) وقوله (
ولله يسجد من في السماوات ) إلى آخرها لا جرم تهيأ المقام لتقرير المشركين تقريرا لا يجدون معه عن الإقرار مندوحة ، ثم لتقريعهم على الإشراك تقريعا لا يسعهم إلا تجرع مرارته ، لذلك استؤنف الكلام وافتتح بالأمر بالقول تنويها بوضوح الحجة .
[ ص: 113 ] ولكون الاستفهام غير حقيقي جاء جوابه من قبل المستفهم . وهذا كثير في القرآن وهو من بديع أساليبه ، كقوله
عم يتساءلون عن النبأ العظيم وتقدم عند قوله تعالى
قل لمن ما في السماوات والأرض قل لله كتب على نفسه الرحمة في سورة الأنعام .
وإعادة فعل الأمر بالقول في
قل أفاتخذتم من دونه أولياء الذي هو تفريع على الإقرار بأن الله رب السماوات والأرض لقصد الاهتمام بذلك التفريع لما فيه من الحجة الواضحة .
فالاستفهام تقرير وتوبيخ وتسفيه لرأيهم بناء على الإقرار المسلم . وفيه استدلال آخر على عدم أهلية أصنامهم للإلهية فإن اتخاذهم أولياء من دونه معلوم لا يحتاج إلى الاستفهام عنه .
وجملة ( لا يملكون ) صفة لـ ( أولياء ) ، والمقصود منها تنبيه السامعين للنظر في تلك الصفة فإنهم إن تدبروا علموها وعلموا أن من كانت تلك صفته فليس بأهل لأن يعبد .
ومعنى الملك هنا القدرة كما في قوله تعالى
قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضرا ولا نفعا في سورة العقود . وفي الحديث :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341635أوأملك لك أن نزع الله من قلبك الرحمة .
وعطف الضر على النفع استقصاء في عجزهم ; لأن شأن الضر أنه أقرب للاستطاعة وأسهل .